في “اليوم العالمي للطفل”.. أطفال فلسطين ما بين جرائم الاعتقال والحرب ومعاناة النزوح

مشاركة المقال

مدار: 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023

يحتفي أطفال العالم، ما عدا أطفال فلسطين، بـ”يوم الطفل العالمي” في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني سنويًا، الذي أعلن عنه عام 1954. إلّا أن هذه المناسبة اليوم ترافقت مع تسليط الضوء على معاناة الأطفال في فلسطين وقطاع غزة، وضرورة التفكير في سبل تخفيفها؛ حيث يعانون من ظروف صعبة جرّاء النزاع الدائر والقيود المفروضة عليهم، ما يؤثر على حياتهم وحقوقهم الأساسية. وتشمل تلك المعاناة النقص في الرعاية الصحية والتعليم والاحتياجات الأساسية الأخرى.

ويعيش الأطفال حالياً في عالم يزداد عداءً لحقوقهم، “والتجلي الأوضح لهذا الأمر هو ما يتعرض له الأطفال المتأثرون بالنزاعات”، وفقًا لبيان المديرة التنفيذية لـ”اليونيسف”، كاثرين راسل، التي بيّنت أنه لم تواجه حقوق الأطفال خطراً أكبر من الذي تواجهه الآن منذ إقرار اتفاقية حقوق الطفل قبل 34 عاماً.

ويُعتبر “اليوم العالمي للطفل” فرصة لتوحيد الجهود العالمية لحماية وضمان حقوق الأطفال المشروعة وحمايتهم من العنف والاستغلال والتمييز، والسعي إلى تحسين ظروف حياتهم وتحقيق المساواة والعدالة للأطفال في جميع أنحاء العالم، وتوفير بيئة آمنة ومحبة تسهم في تكوين جيل مستقبلي صحي ومتفتح وعادل.

 بشكل عام، وبعيدًا عن العدوان المتكرر على قطاع غزة، وآخره العملية العسكرية التي شنتها “إسرائيل” منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يواجه أطفال غزة تحدّيات ومعاناة كبيرة يوميًا بسبب الظروف الصعبة التي تحيط بهم؛ فهم يعانون من الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ سنوات، الذي يؤثر بشكل كبير على حياتهم وحقوقهم. وتشمل المعاناة الأطعمة المحدودة، ونقص الرعاية الصحية والتعليم، وضعف البنية التحتية وانعدام الأمان والاستقرار.

كما يواجه الأطفال في غزة صعوبات في الحصول على تعليم جيد بسبب القيود والتحديات التي تفرضها السلطات الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، تتعرض المدارس والمنشآت التعليمية للدمار نتيجة الهجمات والصراعات المستمرة.

كذلك يشهد الأطفال على أحداث عنف وتوتر مستمرة، بما في ذلك الهجمات العسكرية المتكررة والصواريخ الإسرائيلية، كالعدوان الحاصل اليوم، ما يترك تأثيرًا نفسيًا وعاطفيًا كبيرًا على حياتهم.

وفيما يتواصل العدوان الإسرائيلي على غزة منذ شهر ونصف، ارتفعت حصيلة الشهداء يوم الأحد إلى أكثر من 13 ألفًا، بينهم أكثر من 5500 طفل. وشهد العالم تعرض المواليد الأطفال الخدج الموجودين في مستشفيات غزة لخطر الموت بسبب نقص الوقود في القطاع الخاضع لحصار كامل. وكانت حياة 36 خديجاً في مستشفى الشفاء بغزة على المحك بعد توقف العمل في قسم الحاضنات بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الأكسجين، واقتحام قوات الجيش الإسرائيلي المستشفى ليلة الخامس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني. وقضى الأسبوع الماضي 7 من المواليد الأطفال الخدج بسبب انقطاع التيار الكهربائي. وقد تم نقل 28 من الأطفال الخدج من مستشفى الشفاء المحاصر إلى مصر عبر معبر رفح لتلقي العلاج، يوم الإثنين.

وأفاد صندوق الأمم المتحدة للسكان بأن حوالي 70% من الشهداء، منذ العدوان الإسرائيلي على غزة، هم من النساء والأطفال، وأكّد في منشور بحسابه الرسمي على موقع “فيسبوك” أن “النساء والأطفال الفلسطينيين يستحقون الحياة”، موردا: “إنهم ليسوا أهدافًا عسكرية، أوقفوا إطلاق النار الآن”.

وبهذا الصدّد، قال الأمين العام للأمم المتحدة، في مؤتمر صحفي، إن عدد الأطفال الذين قُتلوا في غزة خلال الأسابيع الماضية يفوق أي رقم سجلته تقاريره السنوية عن الأطفال والصراعات المسلحة خلال السنوات السبع الماضية.

من جهتها، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الأحد، من أن “الأطفال في قطاع غزة يتعرضون لصدمات الدمار والهجمات المتواصلة والنزوح والنقص الحاد في الغذاء والماء والدواء”.

ووجّهت “يونيسف” نداءً عبر حسابها الرسمي على موقع فيسبوك ومنصة “إكس إلى “وقف فوري لإطلاق النار في غزة، ووصول المساعدات بشكل مستدام ودون عوائق”.

أطفال الضفة..

إلى جانب الإبادة المستمرة في حقّ الشعب الفلسطيني في غزة، ومنهم الآلاف من الأطفال الذين قتلهم، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عمليات الاعتقال الممنهجة في حقّ الأطفال الفلسطينيين في الضّفة، التي شكّلت وما تزال إحدى أبرز السّياسات الثّابتة والممنهجة، لاستهداف الأطفال والأجيال الفلسطينية، وفقًا لتقرير مشترك لـ “هيئة شؤون الأسرى والمحررين” و”نادي الأسير الفلسطينيّ”.

ومنذ مطلع العام الجاري شهد تصاعد في عمليات الاعتقال وبشكل غير مسبوق، وتحديدًا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وقد وثقت المؤسسات المختصة أكثر من 880 حالة اعتقال في صفوف الأطفال، وهذا المعطى يشمل من أبقى الاحتلال على اعتقالهم، ومن ثم الإفراج عنهم لاحقًا.

ويبلغ عدد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال حتى نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري أكثر من 200 طفل يقبعون في سجون (عوفر، ومجدو، والدامون)، منهم 26 طفلًا رهن الاعتقال الإداريّ.

تجدر الإشارة إلى أنسلطات الاحتلال تحتجز جثامين 17 طفلًا منذ العام 2015.

مواصلة الاعتقالات..

واصلت قوات الاحتلال الإسرائيليّ استهداف الأطفال عبر عمليات الاعتقال، حيث سُجلت منذ بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول وحتى نهايته 145 حالة اعتقال في صفوف الأطفال، أعلاها في القدس التي تشهد النسبة الأعلى في عمليات اعتقال الأطفال، علمًا أن غالبيتهم وتحديدًا في القدس يتم الإفراج عنهم بشروط؛ كالحبس المنزلي الذي يشكّل أخطر السياسات التي مارسها الاحتلال في حقّهم. وكان من بين حالات الأطفال إناث، أبرزها حالة الطفلة الجريحة أسيل شحادة (17 عامًا) من مخيم قلنديا، التي أطلق عليها جنود الاحتلال النار من أمام حاجز قلنديا العسكري في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وتقبع اليوم في سجن “الرملة”، في ظروف قاسية وصعبة.

ولفت التقرير إلى إن المؤسسات وثقت حالات لأطفال اُستخدموا كرهائن، بعد السابع من أكتوبر/تشرين الثاني للضغط على أفراد من العائلة لتسليم أنفسهم.

أما واقع المعتقلين الأطفال في السجون فيشهد على أنهم يتعرضون لكافة الإجراءات التنكيلية والانتقامية، التي فرضها الاحتلال على الأسرى في السجون بعد “السابع من أكتوبر”، بما فيها عمليات الاقتحام الوحشية. وقد مسّت الإجراءات التي فرضتها إدارة السّجون مقومات الحياة الاعتقالية الأساسية (الطعام، والعلاج، والماء، والكهرباء). وبحسب إحدى الشهادات التي نقلت عن أحد الأسرى المفرج عنهم مؤخرًا من سجن “مجدو” فإن الأسرى البالغين اضطروا للصوم عدة أيام، لتوفير الطعام للأسرى الأطفال.

وأيضّا صعّد الاحتلال من عمليات الاعتقال الإداريّ بحقّ الأطفال منذ نحو عامين وحتى اليوم. وقد وصل عدد المعتقلين إداريًا 26 طفلًا، منهم أطفال تعرضوا لإطلاق نار قبل اعتقالهم، واعتقلوا إداريًا رغم إصابتهم.

ومازالت الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي تنفذ في حقّ المعتقلين الأطفال تتواصل. وتشير الشهادات الموثّقة للمعتقلين الأطفال إلى أنّ غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال التّعذيب الجسديّ والنّفسيّ، كما جاء.

كما يواجه الأطفال المعتقلون قوانين وأنظمة عنصرية، إذ تواصل سلطات الاحتلال فرض أنظمة عنصرية قائمة على التصنيف في حقّ المعتقلين الأطفال، ففي الضّفة يخضع الأطفال لمحاكم عسكرية تفتقر للضّمانات الأساسية للمحاكمة “العادلة”، ودون أيّ مراعاة لخصوصية طفولتهم ولحقوقهم؛ فيما تُخضع الأطفال المقدسيين لأحكام (قانون الأحداث الإسرائيليّ)، وبشكل تمييزي، إذ تميّز بين الطفل الفلسطينيّ والطفل الإسرائيليّ عند تطبيق القانون. وتحرم سلطات الاحتلال الأطفال المقدسيين من حقوقهم أثناء الاعتقال والتّحقيق.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة