أصبحت تحذيرات العلماء من التغيرات المناخية والمخاطر التي تمثلها أمرا “معتادا” و”طبيعيا”، وتتصدر يوميا شاشات التلفاز والصحف عبر العالم؛ والواقع أن تدمير كوكب الأرض الذي يغير حياتنا كل ثانية ليس “عاديا” ولا “طبيعيا”، ولا يجب التطبيع مع كارثة لم يسبق للبشرية أن واجهت تهديدا بحجمها.

إن التغيرات المناخية، وعلى عكس ادعاء اليمين واليمين الفاشي بأنها ظواهر طبيعية لا ترتبط بالنشاط الإنساني، هي في الواقع ثمرة سامة للسلوك الإنساني الذي استنزف خيرات الكوكب؛ دمر غاباته، ولوث بحاره وأنهاره ومحيطاته، ما أدى إلى انقراض الملايين من الأنواع الإحيائية في ظرف وجيز، بعد أن اقتضى الأمر مئات الآلاف من السنين حتى تتطور وتتشكل.

واتخذ التدمير المأساوي لكوكب الأرض منحنى تصاعديا وخطيرا مع تشكل الرأسمالية، في حين سلك منحى أخطر مع تشكل الإمبريالية والتسلح الموحش، خصوصا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية.

وتهدد التغييرات المناخية ملايير البشر بالعطش وموجات اللجوء الجماعي،  وانتشار الأوبئة والجوع، خصوصا في بلدان الجنوب التي لم تتسبب في الأزمة، لكن شعوبها أول من يدفع ثمنها. ويتعدى الأمر ذلك إلى نشوب حروب من عيار آخر ستكون حول المياه الصالحة للشرب والزراعة، وكذلك حول الأراضي الخصبة، ناهيك عن تغولات جديدة للشركات متعدد الاستيطان في بقاع جديدة عبر العالم، بحثا عن الموارد التي تقل يوما بعد يوم، ما سيؤبد سيطرة القوى الغربية الغنية على بلدان العالم المفقرة.

لقد أصبحت تحذيرات العلماء والحركات الشعبية تصم الآذان، ومن الواجب الإسراع في اتخاذ إجراءات تحد من التغيرات المناخية وتوقفها، كما تساعد المتأثرين بها على التكيف والتعافي في المستقبل.

إن الاتجاه الذي يسير نحوه العالم بالسلوكيات الحالية هو انقراض الجنس البشري ككل، ما يوجب التحرك على أساس ذلك. إن الأمر يتعلق بمسألة حياة أو موت.

في هذا الملف الذي يحمل عنوان “بيتنا الأخضر في خطر” يفكك “مدار” ملامح أزمة التغير المناخي، في العالم والمنطقة العربية والمغاربية، وتأثيراتها على الشعوب، ويستعرض أبرز مظاهرها، كما يعرض بعض الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل إيقاف النزيف قبل فوات الأوان.