التغير المناخي أشد وطأة على المنطقة العربية والمغاربية.. صيف حارق وحرائق مهولة

مشاركة المقال

مدار: 10 أيلول/ شتنبر 2021

تشهد الدول العربية والمغاربية في السنوات العشر  الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة. وتميز صيف هذه السنة تحديدا بموجات حر شديدة في العديد من دول المنطقة، التي سجلت أرقاما قياسية في درجات الحرارة لم تعرفها من قبل.

وأطلقت المؤسسات الرسمية المكلفة بمتابعة الأرصاد الجوية وحالات الطقس والمناخ بمختلف الدول العربية تحذيرات لمواطنيها بخصوص التغيرات المناخية المرتقبة، ولجأت أخرى إلى تقديم نصائح توضح كيفية التعامل مع موجات الحر الشديدة؛ بينما اضطرت دول أخرى إلى اتخاذ إجراءات أكثر شدة، كإيقاف الدراسة والدوام وغيرها، كما هو الحال بالنسبة للعراق والكويت وغيرهما.

واحتلت هذه الدول في شهر حزيران/ يونيو المنصرم قائمة أكثر 15 منطقة في العالم تسجيلا لأعلى درجات حرارة، وبينها 7 مناطق كويتية و7 عراقية وواحدة سعودية، إذ سجلت مدينة الجهراء الكويتية 51.2 درجة مئوية، ومدينة القيصومة السعودية 50.4 درجة، ومطار البصرة الدولي 50.2 درجة، حسب ما أفاد به eldoradoweather المتخصص في رصد درجات الحرارة.

وفي الأيام الأولى من شهر تموز/ يوليو، اضطرت الحكومة العراقية مع استمرار هذا الوضع إلى تعليق الدراسة في عدد من المحافظات، كما عانت البلاد من انقطاع مستمر في الكهرباء نتيجة انخفاض إنتاج الطاقة. وحذرت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي المواطنين من الخروج من منازلهم في وقت الذروة. وأصدرت مديرية الدفاع المدني بيانا تضمن نصائح للمواطنين لمواجهة لهيب الصيف، أبرزها إخلاء السيارات من المواد الغازية القابلة للانفجار والعطور وبطاريات الأجهزة بشكل عام، إلى جانب عدم السفر بالسيارة في أوقات الذروة، وفق ما ورد في مقال لـ”الأناضول” حينها.

وعلى النهج نفسه، أصدر المركز الوطني للأرصاد الجوية الليبي بيانا تحذيريا من موجة حر اجتاحت البلاد، خاصة بالمناطق الجنوبية، تعدت 48 درجة تحت الظل. وعملت الحكومة على تعليق الدراسة أيضا، ووصفت موجة الحر هاته بأنها الأطول منذ سنة 1987، إذ امتدت حوالي 13 يوما، حسب موقع “ليبيا الأحرار”.

في التوقيت ذاته عرف بلد المليون شهيد (الجزائر) أيضا ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة، إذ تجاوزت 48 درجة في عدد من المحافظات، وفق ما أدلت به مصالح الأرصاد الجوية الجزائرية.

وتسبب هذا الارتفاع في اندلاع عدد من الحرائق بأنحاء مختلفة من البلاد، مسببة كارثة بيئية وخسائر بشرية ومادية ضخمة، ما جعل البلاد تعيش كارثة حقيقية استدعت تدخل العديد من الدول لمحاصرة النيران وتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين.

موجة الحر نفسها اجتاحت كلا من الإمارات والسعودية والكويت، حيث تراوحت درجات الحرارة ما بين 45 درجة و50 درجة بمدن السعودية، بينما سجلت الكويت درجات حرارة تراوحت بين 50 و53 درجة كحد أقصى، وفق موقع إدارة الأرصاد الجوية.

وبالإمارات العربية المتحدة، بلغت درجة الحرارة في “سويحان” 51.8 درجة مئوية في 6 يونيو/حزيران 2021، وهي أعلى درجة حرارة مُسجَّلة في البلاد في ذلك الشهر.

وبمصر، أعلنت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، في بيان لها، ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة لمدة 13 يوما، بدأت الأحد واستمرت حتى 9 يوليو/ تموز المنصرم، بلغت 43 درجة في القاهرة الكبرى، و47 درجة في جنوب البلاد.

 كما أوضحت الهيئة ذاتها أن ذلك يأتي “لالتحام منخفض الهند الموسمي مع منخفض السودان بقيم ضغطية منخفضة، كما يرافقه احترار في طبقات الجو العليا، أدى إلى هذه الزيادة في درجات الحرارة”.

وسجلت تونس بدورها رقما قياسيا جديدا في منتصف شهر آب/ غشت المنصرم، حين أعلن المعهد الوطني للرصد الجوي في تونس (حكومي) تسجيل “خمس درجات قياسية للحرارة خلال الأربعاء، أعلاها بمحافظة القيروان (وسط)، وهي أعلى درجة حرارة مسجلة في تاريخ البلاد”.

وذكر البيان أيضا أن “القيروان جاءت في المركز الثاني عالميا والأول إفريقيا في ترتيب المناطق الأشد في درجات الحرارة، إذ بلغت 50.3”. وتعتبر هذه الدرجة الأعلى متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل عام 1968.

ومن ضمن الدول المغاربية أيضا تشهد المملكة المغربية تغيرات مناخية وارتفاعا في درجات الحرارة هذا الصيف، حيث أعلنت المديرية العامة الأرصاد الجوية في نشراتها الإنذارية تسجيل معدلات قياسية تراوحت بين 46 و49 درجة. كما سجلت مدينة سيدي سليمان يوم 10 يوليو/ حزيران معدل 49.6 درجة، تعتبر الأقصى منذ عام 1995 حسب تصريحات رئيس مصلحة التواصل بمديرية الأرصاد الجوية الحسين بوعابة.

 وأضاف المصدر ذاته أن نسبة الاحترار خلال السنوات الـ10 الماضية ارتفعت بواقع 0.33 درجة، وهو أعلى من المعدل العالمي البالغ 0.17 درجة.

وتسببت موجة الحر هاته في اندلاع حرائق مهولة خلفت خسائر ضخمة في الأرواح وأتلفت الغطاء الغابوي، وتسببت في اختلال التوازن البيئي في عدد من المناطق في كل من الجزائر والمغرب وتونس.

ويعود هذا الارتفاع إلى أسباب مختلفة مرتبطة بالتغيرات المناخية التي يشهدها العالم، إضافة إلى الاحتباس الحراري الذي تسببت فيه الأنشطة الصناعية الكبرى، والتطور الصناعي الجشع.

 هذا وتفسر وكالة الفضاء والطيران الأمريكية أن ما يحدث بالدول العربية مُتعلِّق بظاهرة تُسمى “القبة الحرارية”، وتعني أن منطقة ذات ضغط جوي مرتفع تُثبِّت نفسها فوق منطقة على الأرض كما يُثبَّت الغطاء على القدر. في تلك الحالة ينحبس الهواء الدافئ أثناء ارتفاعه وتدفعه القبة مرة أخرى نحو السطح ليصبح أكثر دفئا، فترتفع درجات الحرارة شيئا فشيئا، بالضبط كما يحدث حين تُغلق القدر.

وتقول الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي إن هذه الظاهرة تتشكل بكثافة خلال سنوات “النينيا”، كعام 2021، على غرار ما حدث سابقا صيف 2015. وتعرف النينيا بأنها “تغيُّر دوري في أنماط الرياح ودرجات الحرارة في المحيط الهادئ”، إذ تمر المناطق الجنوبية من المحيط الهادئ (قبالة سواحل أميركا الجنوبية) عادة بمرحلتين مناخيتين، المرحلة التي ترتفع فيها حرارة المياه، وتُعرف بـ”النينو”، والمرحلة التي يحدث بها التبريد، وتُعرف بـ “النينيا”. وتستمر كلتا الفترتين لعدة أشهر، وعادة ما تحدثان كل عدة سنوات مع اختلاف الشدة لكل فترة، وتؤثران على طقس العالم أجمع.

وفي هذا الصدد كانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أوضحت في بيان لها أن “نهاية النينيا وانتشار درجات حرارة تتجاوز متوسط درجة حرارة سطح البحر، بسبب الاحترار العالمي، يعنيان أن من المتوقع أن تكون درجات حرارة الهواء فوق اليابسة أعلى من متوسط الفترة من حزيران/ يونيو إلى آب/ غشت 2021 في نصف الكرة الشمالي بأكمله تقريباً، ولاسيما فوق الجزء الغربي الأوسط من أمريكا الشمالية، والجزء الشمالي الأقصى من آسيا، وجزء من آسيا الوسطى، وأقصى شرق آسيا، وشبه الجزيرة العربية، وشمال البحر الكاريبي”.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة