ناريندرا مودي يقود الهند نحو “فاشية مكتملة الأركان”

مشاركة المقال

مدار: 23 كانون الثاني/ يناير 2024

يبدو أن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، مصرّ على ضرب ركيزة العلمانية التي أقيمت عليها الديمقراطية الهندية منذ الاستقلال واستبدالها بالهندوسية القومية، في نزوع ترى فيه الكثير من القوى انجرافا نحو “فاشية مكتملة الأركان”.

دشّن رئيس الوزراء الهندي، يوم الإثنين 22 كانون الثاني/ يناير 2024، معبدا للإله رام، في مدينة أيوديا (شمال شرق)، في خطوة تكرّس تصورات حزبه اليمينية المتطرفة، وتمثّل افتتاحا عمليا لحملته الانتخابية.

وجاء تشييد هذا المعبد، على موقع أقيم فيه لقرون مسجد هدمه متطرفون هندوس قبل ثلاثين عاما، بإيعاز من حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا)، الذي يقوده الآن ناريندرا مودي.

أدى هدم المسجد سنة 1992 إلى اندلاع أعمال عنف ديني وصفت بالأعنف منذ الاستقلال، وخلفت حوالي 2000 قتيل، جلّهم مسلمون.

على إثر ذلك، توصّل القاضي مانموهان سينغ ليبرهان إلى أن 68 شخصا مسؤولون عن هدم المسجد، معظمهم من قادة حزب بهاراتيا جاناتا، بما فيهم أعضاء في البرلمان وشخصيات سياسية بارزة، مثل أتال بيهاري فاجبايي الذي شغل منصب رئيس الوزراء من 1996 إلى 2004، ولم يواجه أي من هؤلاء الأشخاص أية متابعات قانونية حتى الآن.

بالنسبة لحزب مودي، فإن تدشين هذا المعبد في مدينة أيوديا، يمثل لحظة تاريخية في المساعي المتواصلة منذ عقود لجعل القومية الهندوسية هي التوجه السائد في مرجعية الدولة الهندية، وبالتالي إعدام عقود من العلمانية التي حافظت نسبيا على المساواة على أساس الدين، في هذا البلد المتعدد القوميات والديانات، والذي يبلغ عدد سكانه المليار والنصف.

وقال رئيس الوزراء الهندي قبل مراسيم التدشين إن “الإله جعل مني أداة لتمثيل شعب الهند برمته”.

على مدار العشر سنوات التي قضاها مودي في الحكم، انصبت جهوده وجهود حزبه على الترويج للهندوسية والإعلاء من مقامها، بينما تعرّض المسلمون بشكل متزايد للاضطهاد والعنف بسبب ديانتهم.

وحسب مصادر مختصة، تصاعدت موجات الكراهية ضدّ المسلمين منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى الحكم عام 2014، وتدهورت الأمور بشكل ملحوظ عام 2019، مع إقرار البرلمان الهندي تعديلات على قانون المواطنة الصادر عام 1955.

التعديل المثير للجدل كفل للمهاجرين الهاربين من الاضطهاد الديني في باكستان وبنغلادش وأفغانستان، حقّ الحصول على الجنسية الهندية، إن كانوا من أتباع الديانات السيخية والهندوسية والبوذية والمسيحية والجاينيّة والزراداشتية، ولكنه استثنى المهاجرين المسلمين، وهو ما رأى فيه كثيرون أنه يمس الطابع العلماني للدولة.

ويذكر أن عدد المسلمين في الهند يبلغ حوالي 200 مليون، وهو ما يجعل منهم أكبر أقلية البلد.

وصنّف تقرير أنجزته لجنة خبراء دوليين في منتصف 2022، المسلمين كـ”أقلية مضطهدة” في الهند، بعد الوقوف عند سلسلة انتهاكات لحقوق الإنسان.

ويشمل هذا الاضطهاد اعتماد السلطات لقوانين وسياسات “تستهدف المسلمين أو تنعكس عليهم بشكل سلبي أكثر من غيرهم”، بالإضافة إلى فشل الدولة في حمايتهم من هجمات تستهدفهم، يصل بعضها حدّ القتل والتعذيب.

“فاشية مكتملة الأركان”

خطوة رئيس الوزراء الهندي لم تكن لتمر دون أن تجر عليه انتقادات لاذعة.

وربطت “الأممية التقدمية”، وهي تكتل واسع لهيئات وأفراد من مختلف أنحاء العالم، بين تدشين مودي لمعبد أيوديا، وما ووصفته بـ “توجّه الهند اليوم نحو فاشية مكتملة الأركان”.

وبالنسبة للهيئة التنفيذية في “الأممية التقدمية”، فإن ذلك يمثّل “خطوة حاسمة” من جانب حكومة مودي، لـ “الإطاحة بدستور الهند العلماني، باسم دولة هندوسية جديدة تؤمن بالتفوق”.

وسطّرت الهيئة نفسها، في بيان صدر الاثنين، وحصل “مدار” على نسخة منه، على أن “الكراهية لم تعد مشاعر هامشية في الهند”، مضيفة أنها أصبحت “أيديولوجية من صنع الدولة”، مستشهدة بالتحذير الصادر عن منظمة مراقبة الإبادة الجماعية سنة 2023.

ولا يطال خطاب الكراهية المسلمين فحسب، بل المسيحيين أيضا.

بالنسبة لـ “الأممية التقدمية”، فإن “المنعطف الأصولي الذي شهدته الهند أمر مرعب”.

“ندعو القوى التقدمية في جميع أنحاء العالم إلى توخي اليقظة قبل الانتخابات العامة في نيسان/أبريل. لقد ناضل شعب الهند لعقود من الزمن من أجل تأمين ديمقراطية علمانية وعادلة ومتساوية. ولا ينبغي السماح لمودي بسرقة هذه الحقوق منهم الآن”، يختم البيان.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة