المقابر الجماعية في غزة تفضح مناخ الإفلات من العقاب السائد

مشاركة المقال

مدار: 25 نيسان/ أبريل 2024

تدريجياً، تظهر إلى العالم حقائق وتفاصيل مروعة عن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وبدأت جرائم “المقابر الجماعية” تتكشف في القطاع بعد إعلان الدفاع المدني بغزة انتشال جثامين مئات الشهداء من المقابر الجماعية في مستشفى ناصر في خان يونس وفي مستشفى الشفاء بمدينة غزة، بعضهم لم يتم التعرف على هوياتهم.

وكان الدفاع المدني في غزة أشار إلى وجود 3 مقابر جماعية داخل أسوار مجمع ناصر الطبي بخان يونس جنوبي القطاع، فيما توقع المكتب الإعلامي الحكومي وجود 700 شهيد في مقابر جماعية أعدمهم الاحتلال الإسرائيلي داخل المجمع، الذي حاصره الاحتلال واقتحمه عدة مرات منذ بداية العام الحالي، قبل أن يعلن الانسحاب من خان يونس مطلع الشهر الجاري.

وتتواصل لليوم السابع على التوالي عمليات انتشال جثامين الشهداء من المقبرة الجماعية في ساحة مجمع ناصر الطبي، في ظل استمرار القصف والاشتباكات وسط القطاع ووقوع المزيد من المجازر.

ويشار إلى أن حصيلة شهداء العدوان المستمر على القطاع حتى اليوم الخميس، ارتفعت إلى 34 ألفاً و305 شهيداً، و77 ألفاً و293 مصاباً، وفقدان 7 آلاف شخص، فضلاً عن دمار هائل في أنحاء القطاع، بحسب وزارة الصحة في غزة.

في غضون ذلك، صرّح الدفاع المدني إنه انتشل عشرات الجثامين من المقبرة الجماعية في ساحة مستشفى ناصر الذي واجه حصاراً إسرائيلياً، معلناً ارتفاع حصيلة جثامين الشهداء التي انتشلها حتى اليوم من المجمع إلى 392، 58% منها لم يستطع التعرف عليها.

مطالب بفتح تحقيق دولي!

في هذا الصدد، طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، بتحرك دولي عاجل للتحقيق في الجرائم المرتبطة بوجود مئات المقابر الجماعية والعشوائية في قطاع غزة، والتي تضم جثامين آلاف الضحايا الفلسطينيين منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي المتواصل منذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، معتبراً أن “تكرار انتشال مئات جثامين الشهداء من مقابر جماعية في مشافي القطاع أمر مفزع، يستوجب تحركاً دولياً عاجلاً للتحقيق في ظروف إقامة هذه المقابر وظروف استشهاد الضحايا الذين دفنوا فيها”.

وأكد المرصد في تقرير له أن “جثث الضحايا التي انتشلت تبين أنها متحللة، وجزء منها كانت عبارة عن أشلاء وأجساد ممزقة وأخرى دون رؤوس بعد دهسها بالجرافات الإسرائيلية“، موضحاً أن فرقه الميدانية واكبت انتشال عشرات الضحايا من المقابر الجماعية في مجمع الشفاء الطبي، وعاينت استخراج جثامين ضحايا مقيدي الأيدي وآخرين جرحى لم تقدم لهم الرعاية الصحية، وجرى إعدامهم رغم حالتهم الصحية.

ووثق الأورومتوسطي “استخراج جثامين لبعض المرضى بدليل وجود القسطرات البولية والجبائر التي كانت لا تزال متصلة بجثامينهم وقت استخراجها، فضلاً عن وجود ملفات طبية خاصة بالجرحى والمرضى دفنت معهم واستخرجوا من حفرتين في مجمع الشفاء”.

وبيّن التقرير أن “غالبية الجثامين المنتشلة تعرضت للتحلل نتيجة طول المدة، وبعضها كان واضحاً أنه تعرض للنهش من القطط والكلاب، بعدما أعاقت القوات الإسرائيلية طوال الأشهر الماضية انتشالها”، لافتاً أن آلاف المنازل المدمرة في البنايات متعددة الطبقات تحولت هي الأخرى لمقابر جماعية لسكانها لاستمرار تعذر انتشالهم إما لعدم توفر إمكانيات آلية لإزالة الركام، وإما لوجود هذه البنايات في مناطق عمليات للجيش الإسرائيلي.

وتشير تقديرات المرصد الحقوقي إلى “وجود أكثر من 13 ألف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض، أو قتلى في مقابر جماعية عشوائية، أو أخفوا قسراً في سجون ومراكز اعتقال إسرائيلية، وبعضهم تعرض للقتل داخلها”، كما ذكر.

ومن جهة أخرى، طالب الاتحاد الأوروبي بتحقيق مستقل بشأن المقابر الجماعية التي اكتُشفت في مجمع ناصر الطبي بخان يونس، ومستشفى الشفاء شمال القطاع، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من المستشفيين.

بدوره، دعا مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق دولي في المقابر الجماعية المكتشفة في مجمع “الشفاء” ومجمع “ناصر”، واصفاً تدمير أكبر مجمعين طبيين في قطاع غزة بالـ “مرعب”.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك في بيان له إنه “يشعر بالذعر” من تدمير المستشفيين والتقارير عن وجود مقابر جماعية فيهما، مشدداً على الحاجة إلى “تحقيقات مستقلة وفعالة وشفافة” في هذه الوفيات، وفي “المناخ السائد من الإفلات من العقاب”.

وفي هذا السياق، قالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم المفوضية خلال مؤتمر صحفي في جينيف “نستشعر ضرورة دق ناقوس الخطر لأن من الجلي أنه تم العثور على العديد من الجثث”، موضحة أنه “من بين المتوفين كبار سن ونساء وجرحى، فيما تم العثور على آخرين مقيدي الأيدي ومجردين من ملابسهم”، وهو ما يشير إلى انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ويتعين إجراء المزيد من التحقيقات بخصوص تلك الانتهاكات، حسب ما ذكرته.

يُشار إلى أن المفوضية السامية تلقت تقارير عن انتشال مئات الجثث “كانت قد دفنت عميقاً في الأرض ومغطاة بالنفايات” في مستشفى ناصر في خان يونس، وفي مستشفى الشفاء بمدينة غزة.

وبحسب تلك التقارير، تم انتشال 283 جثة في مستشفى ناصر، وجرى التعرف على 42 منها. وتشير الوثائق إلى وجود “30 جثة فلسطينية مدفونة في قبرين في باحة مستشفى الشفاء؛ واحدة أمام مبنى الطوارئ والأخرى أمام مبنى غسيل الكلى”، وفقاً للمتحدثة الأممية.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة