مدار: 23 سبتمبر/ أيلول 2021
طيلة الفترة التي عمرت فيها الجائحة معنا، كان معظم التركيز منصبا على التأثير الاقتصادي والحيثيات المتعلقة باللقاح ومدى توفره للفئات الهشة، ما لم يدع أي مجال للحديث على الإهمال الذي أصاب التعليم، وجعل ملايين الأطفال ينقطعون عن الدراسة دون أي مؤشرات مستقبلية عما ستؤول إليه الأمور.
ودعت “اليونيسف”، في آخر تقرير لها، الحكومات إلى “إعطاء الأولوية لإعادة فتح جميع المدارس بشكل آمن”، قبل أن يتسع عدم المساواة في التعليم بشكل أكبر.
وركز هذا التقرير على الوضع في آسيا، بحيث قال جورج لارييا أدجي، المدير الإقليمي لـ”اليونيسف” في جنوب آسيا: “لقد أجبر إغلاق المدارس في جنوب آسيا مئات الملايين من الأطفال ومعلميهم على الانتقال إلى التعلم عن بعد، في منطقة ذات اتصال منخفض وتكلفة مرتفعة للأجهزة الإلكترونية”.
وأضاف المسؤول ذاته أنه “حتى عندما تتمكن الأسر من الوصول إلى التكنولوجيا، لا يكون بمقدور الأطفال دائما استخدامها؛ ونتيجة لذلك عانوا من نكسات هائلة في رحلتهم التعليمية”.
وحملت الوثيقة ذاتها أرقاما مهولة عما آلت إليه الأمور، من ضمنها أن الوباء تسبب في أضرار دائمة أو ستدوم لمدة ليست بالهينة، مست مختلف مناحي تعليم الأطفال في جميع أنحاء جنوب آسيا، لاسيما أنه مازال أكثر من 400 مليون منهم يواجهون إغلاق المدارس ومحدودية الوصول إلى التعلم عن بعد.
ولم يفت التقرير التذكير بأنه في وقت كانت تصارع المنطقة موجات متتالية من الفيروس، ظلت معظم المدارس مغلقة للعام الثاني أو أعيد فتحها جزئيا فقط؛ كما تحدث عن أنه من الناحية النظرية تحول جزء كبير من التعليم إلى التعلم عن بعد، لكن في منطقة بها أحد أدنى معدلات الاتصال بالإنترنت بين الأسر فقد تم حرمان عدد كبير من الولوج إلى التعليم، مذكرا في الآن نفسه بأن سريلانكا وجزر المالديف “هما الدولتان الوحيدتان في المنطقة حيث تمتلك نصف الأسر على الأقل إمكانية الوصول إلى الإنترنت”.
وأكدت “اليونيسيف” أيضا أنه رغم الجهود المبذولة لسد فجوة الوصول إلى التعليم عن بعد، باستخدام منصات مثل التلفزيون أو الراديو أو المواد المطبوعة لتذليل الصعاب، إلا أن ذلك كان له تأثير جزئي فقط.
الأرقام تعبر عن حدة الوضع
عمل التقرير على تسليط الضوء على إحدى الدول الأكثر تضررا من الجائحة، ألا وهي الهند، وعبرت من خلاله “اليونيسف” عن أن تقييماتها أظهرت أنه في ست ولايات في البلاد أفاد 80 في المائة من الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما، بأنهم تمكنوا من الوصول إلى “مستويات أقل من التعلم” عند الدراسة عن بعد، مقارنة بما كانوا عليه عندما كانوا يحضرون جسديا في المدرسة.
وأضافت التقييمات ذاتها أن هذا الرقم وصل إلى 69 في المائة بالنسبة لطلاب المدارس الابتدائية في سريلانكا، مردفة بأن تأثير إغلاق المدارس كان أكبر على الفتيات والأطفال وعلى المجتمعات الفقيرة وذوي الاحتياجات الخاصة.
وأوردت الوثيقة أيضا أنه في الهند، حيث مازالت المدارس في بعض الولايات مغلقة وأعيد فتح أخرى جزئيا مؤخرا فقط، أفاد ما يقرب من نصف الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و13 عاما بأنهم لم يكونوا قادرين على “استخدام أي نوع من التعلم عن بعد أثناء إغلاق المدارس”.
وغير بعيد عن الهند، وبالضبط في باكستان، ووفق المصدر ذاته فإن ربع الأطفال الصغار لم يستطيعوا استخدام أي أجهزة في وقت تم اعتماد التعلم عن بعد. كما أظهرت التقييمات السابقة التي أجرتها “اليونيسف” أنه في النيبال فقط ثلاثة من كل عشرة أطفال لديهم إمكانية الوصول إلى أجهزة تمكنهم من الاستفادة من التعليم عن بعد.
وقال مسؤولو “اليونيسف” إن أعداد المتضررين في كثير من الحالات تكون أكبر، بالنظر إلى أن هناك من كانوا يتشاركون جهازا واحدا وعبروا عن أنهم استفادوا من التعليم عن بعد، ولأن الكتب المدرسية المناسبة للتعلم المنزلي والمواد الضرورية الأخرى لم يتم توفيرها، كما أن هناك بعض المجتمعات لم تعلم أبدا ما هي الموارد المتاحة.
وبالإضافة إلى ما سبق، أظهرت البيانات أن العديد من الطلاب ليس لديهم اتصال يومي بالمعلمين، خاصة أولئك المسجلين في المدارس الحكومية.