إيران تنتخب رئيسا محافظا وسط جدل حول تورطه في “جرائم سياسية”

مشاركة المقال

مدار + مواقع: 24 يونيو/حزيران 2021

شهد الأسبوع الماضي حدثا مهما في المشهد السياسي الإيراني، تجلى في الانتخابات التي أسفرت عن فوز المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، الأمر الذي واكبته مجموعة من الردود المحلية والعالمية.

وأسفرت الجائحة الحالية في ظل العقوبات المفروضة من قبل الولايات الأمريكية والقوى الأوروبية الكبرى عن تدهور في الوضع الداخلي الإيراني على جميع المستويات، ما جعل من الانتخابات الرئاسية بالنسبة لبعض الأصوات في خضم الظروف الاقتصادية والسياسية مجرد تكريس للواقع الحالي الذي يشهد تدهورا كبيرا.

وأسفرت الانتخابات الإيرانية عن فوز المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، الذي كان يشغل منصب رئيس السلطة القضائية الإيرانية، وشغل سلسلة من المناصب العليا في القضاء الإيراني، ومسؤولا أيضا عن نظام السجون في البلاد؛ وذلك بعد أن حصد 17 مليونا 950 ألف صوت، بفارق كبير عن أقرب منافسيه، في انتخابات كانت الأضعف من ناحية المشاركة منذ تأسيس الجمهورية عام 1979، بواقع 48% من أصل 59 مليونا لهم الحق في التصويت، حسب الأرقام الرسمية في بلد يضم 83 مليون نسمة.

وجرت الانتخابات في ظل مقاطعة مجموعة من القوى التي بررت خطوتها بأن العملية الانتخابية لا يمكن أن يكون لها أي تأثير على النظام والهيكل السياسي الحالي القائم، والذي لا يمكن أن يعبر عن أسس الدفاع عن السلام والحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية، حسبها.

ومن بين القوى التي قاطعت الانتخابات حزب “توده”، الذي خاطب من خلال بيان للجنته المركزية مختلف القوى الوطنية والديمقراطية في البلاد، معبرا عن أن “القوى التقدمية الساعية إلى الحرية وأغلبية سكان البلاد توصلت إلى فهم مشترك بأن الهيكل السياسي الحاكم في إيران – النظام الديني الإيراني – هو هيكل ثابت […] أمله أن يكون رأس هرم النظام السياسي الحالي، أي المرشد الأعلى الحالي علي خامنئي، محاطا برجال الدين المقربين إليه”.

كما أضاف البيان أن “توقع إجراء انتخابات حرة في ظل النظام الاستبدادي الحالي، كما أوضحت تجربة السنوات الأخيرة، هو توقع أجوف ويتعارض كليا مع طبيعة ووظيفة هذا النظام”، مسترسلا: “في ظل الوضع الحالي في إيران فإن قول ‘لا’ للاستبداد ممكن فقط من خلال رفض المشاركة في تمثيلية الحملة الرئاسية الحالية”.

وتطرقت الوثيقة ذاتها، التي جاءت بعد ظهور النتائج، إلى أن “الطريقة الوحيدة لتخليص الوطن من الدمار الذي سببته السياسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والخارجية لهذا النظام هو إقامة حكم الشعب، من خلال قاعدة تعتمد على التفويض الديمقراطي للشعب، والحفاظ على وحدة الأراضي وحماية المصالح والحقوق الوطنية لكل المواطنين الإيرانيين”.

وفي معرض حديث الحزب ذاته عن فوز إبراهيم رئيسي، استحضر أن هوية “المنتصر” في هذه الانتخابات الرئاسية هي “نتيجة مفروغ منها تقريبا…”، مشددا على أن رئيسي “كان له الدور الكبير في الكارثة الوطنية لعام 1988″، التي اعتبرها “مذبحة راح ضحيتها الآلاف من السجناء السياسيين”.

وبالتطرق لموضوع “مذبحة عام 1988″، عبرت منظمة العفو الدولية عن أن “صعود إبراهيم رئيسي إلى الرئاسة بدلا من إخضاعه للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية، المتمثلة في القتل والإخفاء القسري والتعذيب، إنما هو تذكير مروع بسيادة ظاهرة الإفلات من العقاب”، مذكرة في الآن نفسه بأنها عام 2018، وثقت “كيف كان إبراهيم رئيسي عضواً في ‘لجنة الموت’ التي اخفت قسراً وأعدمت خارج نطاق القضاء سرّا آلاف المعارضين السياسيين في سجني إيفين وجوهردشت بالقرب من طهران عام 1988″، وزادت: “إن السلطات الإيرانية مازالت حتى اليوم تخفي بشكل ممنهج الظروف المحيطة بمصير الضحايا، وأماكن وجود جثامينهم، وهو ما يرقى إلى جرائم مستمرة ضد الإنسانية”.

وفي أول خروج للرئيس المنتخب، وكأول رد على ما تم تداوله حول تاريخه الذي يشوبه جدل كبير، أبرز خلال مؤتمر صحافي أن كل ما فعله خلال سنوات خدمته، وبالأخص في منصبه كرئيس للسلطة القضائية الإيرانية، “كان دائما موجها نحو الدفاع عن حقوق الإنسان”.

كما استغل رئيسي المؤتمر الصحافي من أجل التشديد على أن محور عمله سيكون منصبا على “تحسين الوضع الاقتصادي”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه “يجب على واشنطن أن تلغي كل العقوبات الظالمة المفروضة على الشعب الإيراني”، معتبرا أن قضية إلغاء العقوبات ستكون محور سياسة حكومته الخارجية.

وفي حديثه عن القضايا الخارجية أكد الرئيس المنتخب أن محور القضايا الدولية هي القضية الفلسطينية، التي ينظر من خلالها الإيرانيون إلى أن الشعب الفلسطيني هو صاحب أرض وأن إيران ستواصل الوقوف بجانب نضالاته.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة