لبنان يسعى إلى ترسيم حدوده مع إسرائيل بوساطة أمريكية

مشاركة المقال

مدار: 02 تشرين الأول / أكتوبر 2020

أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أمس الخميس، أن المفاوضات ستنطلق مع إسرائيل بشأن ترسيم الحدود البرية والبحرية برعاية الأمم المتحدة، منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، مشيراً إلى أن هذا اتفاق إطار “يرسم الطريق للمفاوض اللبناني، وهو الجيش، برعاية رئيس الجمهورية والحكومة العتيدة”.

 وانطلقت المفاوضات منذ 10 سنوات، وتولاها بري، ثم انتهت ليستأنفها الجيش بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي.

وتطرح الخطوة أكثر من تساؤل حول دلالتها، من جهة اعتراف لبنان بإسرائيل، وارتباطها (الخطوة) بتطبيع الإمارات والبحرين، والحديث عن مفاوضات سرية لتطبيع سوريا، وإمكانية نزع سلاح حزب الله، إضافة إلى أسباب حرص واشنطن على الاتفاق في هذا التوقيت.

 وترى تحاليل سياسية أن “اتفاق الإطار الذي أعلن عنه هو بشكل أو بآخر تنازل من قِبل لبنان، للقبول بالمفاوضات المباشرة مع العدو الإسرائيلي”، مستندة إلى أن “نبيه بري (رئيس البرلمان) في إعلانه استخدم مصطلح إسرائيل، ولم يستخدم كيان العدو ولا الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما استخدم الحدود الإسرائيلية، وهذا مؤشر على تحول كبير في الموقف اللبناني”، ومستنتجة أن موافقة لبنان على الذهاب نحو التفاوض إذعان  للضغوط الأمريكية والإسرائيلية، ومؤكدة أن نزع سلاح حزب الله سيكون موضوع تفاوض، إذ يحتاج التنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية اللبنانية إلى استقرار، ولا يمكن للاستقرار أن يتوفر في ظل وجود السلاح، إضافة إلى موضوع الصواريخ الدقيقة، ومجال عمل قوات الطوارئ الدولية.

غير أن جهات مقربة من حزب الله ترى أن ما أُعلن عنه هو اتفاق إطار، وأن المفاوضات ستأخذ وقتا طويلا، “فطالما أن العدو ينفذ اعتداءات ستبقى هناك مقاومة وخيار مواجهة، أما ترسيم الحدود فلا يتعارض مع الحق في المقاومة”. كما أنه من السابق لأوانه الحديث في الوقت الراهن عن انعكاسات إيجابية للمفاوضات على اقتصاد لبنان، لأن عملية التنقيب عن الغاز ستستغرقُ وقتا طويلا، وللدخول في نادي الدول المنتجة لا بد من 5 سنوات على الأقل.

من جهة أخرى، تربط تحاليل أخرى ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل بالملفات التاريخية التي تنجزها الإدارة الأمريكية في ما يتعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي، خصوصا أن الولايات المتحدة الأمريكية نجحت مؤخرا في عقد اتفاقات التطبيع بين الإمارات والبحرين.

وحول تسريع ملف المفاوضات، يرى محلل سياسي لبناني أنه “مرتبط بالأزمة الاقتصادية، التي حاولت المبادرة الفرنسية إخراج لبنان منها؛ لكن يبدو أن التسوية السياسية التي كانت مطروحة لم تأتِ بثمارها، لذا فربما يتقدم الاتفاق الأمريكي نحو حل الأزمة من بوابة ترسيم الحدود”، مذكرا أنه “كان هناك عرض من الموفد الأمريكي بين لبنان وإسرائيل، السفير فريدريك هوف (2012)، الذي قدم تصورا لتجزئة المسافة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل بمعدل الثلثين للبنان والثلث لإسرائيل”.

ويرى المحلل ذاته أن ملف ترسيم الحدود سينعكس إيجابيا على لبنان وإسرائيل، قائلا: “عندما يكون هناك توافق دولي على ترسيم الحدود فذلك يعني أن الشركات ستندفع للتنقيب والاستثمار وتطوير مكامن الغاز الموجودة، ما يُشكل مخرجا للمباشرة بدعم الاقتصاد اللبناني”.
وحسب مصادر إعلامية محلية يرى عضو كتلة التنمية والتحرير (يترأسها نبيه بري) النائب محمد نصرالله أن “المفاوضات ليست بالجديدة، وإنما عمرها 10 سنوات، وتناوب 4 موفدين أمريكيين لمفاوضة الرئيس بري، للوصول إلى نتيجة، وبالتالي فالاتفاق الإطار ليس سوى خارطة طريق للبدء بالتفاوض الجدي لترسيم الحدود البرية والبحرية بشكل كامل؛ وهذا الاتفاق قائم على أسس تستندُ إلى اتفاق 1996 و1701 تحت راية الأمم المتحدة”.

وتبنى مجلس الأمن القرار 1701 في 11 آب/غشت 2006، الداعي إلى وقف كل العمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل. ويخوض لبنان نزاعا مع إسرائيل على منطقة في البحر المتوسط، تبلغ نحو 860 كلم مربع، تعرف بالمنطقة رقم 9 الغنية بالنفط والغاز.

 من جهة أخرى رحب وزير الخارجية  الأمريكي مايك بومبيو بقرار حكومتي إسرائيل ولبنان بدء مناقشات حول الحدود البحرية، وأشار إلى أن هذه «الاتفاقية التاريخية» بين الطرفين التي توسطت فيها الولايات المتحدة هي نتيجة ما يقرب من 3 أعوام من المشاركة الدبلوماسية المكثفة.

 يذكر أن إجمالي حجم الاحتياطيات البحرية اللبنانية من النفط يقدر بـ865 مليون برميل، ومن الغاز 32 مليار متر مكعب.

ويعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة، وبلغ إجمالي الدين العام 86.2 مليار دولار في الربع الأول من 2019، وفق أرقام رسمية. وكانت بيروت أعلنت في كانون الثاني/يناير 2016 إطلاق أول جولة تراخيص للتنقيب فيها.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة