مدار: 13 يونيو/ حزيران 2023
كاترين ضاهر
في خطوة تصعيدية، أعلن “المعتقلون الإداريون” حالة النفير العام في كافة سّجون الاحتلال الإسرائيلي التي يتواجدون بها، استعدادًا لمشاركة مئات الأسرى في الإضراب المفتوح عن الطعام تحت شعار “ثورة حرية – انتفاضة الإداريين”، بدءاً من يوم الأحد القادم، بحسب لجنة المعتقلين الإداريين المنبثقة عن لجنة الطوارئ الوطنية العليا في سجون الاحتلال.
وفي سياق متصل، أفاد نادي الأسير الفلسطيني، في بيان توصل به “مدار”، بأنّ سلطات الاحتلال استمرت منذ مطلع العام الجاري في توسيع دائرة الاعتقال الإداريّ، إذ تجاوز عدد المعتقلين الإداريين الألف معتقل، من بينهم 14 طفلًا، وأسيرتان؛ فيما بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ أكثر من 1200. ويقبع المعتقلون الإداريون اليوم في ثلاثة سجون مركزية هي: النقب، بـ 465 أسيرا، وعوفر (365 أسيرا)، ومجدو (124 أسيرا)؛ فيما يقبع بقيتهم في عدة سجون أخرى.
وتُعد جريمة الاعتقال الإداريّ إحدى أبرز وأخطر جرائم سلطات الاحتلال في حقّ الفلسطينيين، وقد تصاعدت بشكل ملحوظ منذ العام الماضي، مقارنة مع الأعوام القليلة الماضية، ففي شهر يناير/ كانون الثاني 2022 كان عدد المعتقلين الإداريين نحو 500، واليوم تضاعف ليصل إلى أكثر من ألف. كما تهدف سلطات الاحتلال من خلال جريمة الاعتقال الإداريّ إلى تقويض أي حالة فاعلة وفرض مزيد من السيطرة والرقابة على المجتمع الفلسطينيّ، في إطار نظام الفصل العنصري الذي تفرضه على عدة مستويات.
وبيّن تقرير نادي الأسير أنّ سلطات الاحتلال أصدرت منذ عام 2015 أكثر من 12 ألف أمر اعتقال إداريّ، وكانت أعلى نسبة العام الماضي، مقارنة مع السّنوات القليلة الماضية، حيث بلغ عدد الأوامر 2409، لافتاً إلى أنّ 80 % من المعتقلين الإداريين هم معتقلون سابقون أمضوا سنوات في سجون الاحتلال، ومنها رهنّ الاعتقال الإداري.
مؤشرات خطيرة…
بدورها، كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، يوم الثلاثاء 6 يونيو/حزيران الجاري، عن أحدث البيانات المتعلقة بهذه السياسة واستخدامها المفرط من بداية العام الحالي، إذ شهد شهر مايو/ أيّار المنصرم إصدار 302 قرار إداري، منها 130 أمرا إداريا جديدا و172 أمر تمديد؛ وفي الوقت ذاته فإن عدد المفرج عنهم من المعتقلين بفعل قرارات الاعتقال الإداري لم يتجاوزوا العشرين معتقلاً، وهذا مؤشر على أن عدد المعتقلين الإداريين في تصاعد سريع ومخيف، محذّرة من أنّ “المرحلة القادمة صعبة وخطيرة”، إذ يستعد كافة المعتقلين الإداريين لخوض معركة الإضراب المفتوح عن الطعام، ومواجهة سياسة العقاب الجماعي التي يدفعون ثمنها هم وأسرهم؛ ويعد مطلبهم في هذا الاتجاه واضحا، وهو التوقّف عن استخدام هذه السياسة التي باتت تهدد كافة أبناء الشعب الفلسطيني بكل فئاته.
وأشارت الوثيقة ذاتها إلى أنّ العدد الإجمالي لقرارات الاعتقال الإداري خلال الشهور الخمسة الماضية من العام الحالي 2023 (قرارات جديدة وأوامر تجديد) بلغ 1302 قرار، الأمر الذي رفع عدد المعتقلين الاداريين بشكلٍ عام إلى قرابة 1200 معتقل، مؤكدةً أنّ “استخدام سياسة الاعتقال الإداري بهذا الشكل وبهذا النهج يأتي تنفيذًا لتعليمات الحكومة اليمينية المتطرفة، وهي تكريس لمطالب الوزير المتطرف جلعاد بن غفير، الذي صرح بأنّ ملاحقة الأسرى المحررين من أهم مهامه، ولذلك فإن ما يقارب %90 من المعتقلين الإداريين هم أسرى محررون أمضوا فترات متباينة في سجون الاحتلال”.
إن خطوة الإضراب العام عن الطعام هي استكمال لعدة إضرابات وتحركات احتجاجية، إذ نفّذ المعتقلون الإداريون منذ بداية العام الماضي 2022 سلسلة من الخطوات النضالية، أبرزها مقاطعة محاكم الاحتلال، إلى جانب خطوة الإضراب عن الطعام التي نفّذها 30 معتقلًا إداريًا واستمرت لمدة 19 يومًا، كصرخة في وجه جريمة الاعتقال الإداريّ؛ وهي خطوات تشكّل جزءًا من مسار نضاليّ طويل خاضه المعتقلون الإداريون على مدار عقود طويلة.
كما أنّ الحركة الأسيرة، وعلى مدار عقود طويلة، نفّذت معارك وإضرابات وخطوات نضالية رفضَا لجريمة الاعتقال الإداريّ، وكان أبرزها خطوات المعتقلين الإداريين عام 1997، ثم تلتها عدة معارك، منها إضرابات فردية كان أبرز من خاضوها شهيد الحركة الأسيرة الشيخ خضر عدنان، وإضرابات جماعية أبرزها خاضه المعتقلون الإداريون عام 2014، واستمر لمدة 62 يومًا.
والجدير ذكره أنّ سلطات الاحتلال تلجأ إلى الاعتقال الإداري ضد من لا تستطيع أن توجه في حقّه لائحة اتهام، وذلك بذريعة وجود ملف سرّي، وكإجراء “انتقامي”، مستندة بذلك إلى قانون الطوارئ التي ورثته عن الانتداب البريطاني.
كذلك، شكّلت محاكم الاحتلال الذراع الأساس في ترسيخ جريمة الاعتقال الإداريّ، كمنظومة مهمتها فقط المصادقة على القرارات التي تصدر عن مخابرات الاحتلال.
وكان المعتقلون الإداريون أعلنوا يوم الإثنين في الخامس من الشهر الحالي عن قرارهم الشروع في إضراب مفتوح عن الطعام، تشارك فيه كافة أطياف الحركة الأسيرة. وتشرف على إدارة هذه المعركة لجنة منبثقة عن لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة.
وأكّدت اللجنة في تصريح لها، أمام هذه المعطيات، وفي الذكرى الأربعين لارتقاء الشهيد خضر عدنان، على مجموعة من الرسائل الهامة، أبرزها: شروع الأسرى الإداريين في مشروع وطني متكامل لمناهضة الاعتقال الإداري، مشدّدين على أن المطلب الرئيسي هو إنهاء الاعتقال الإداري وإلزام سلطات الاحتلال باحترام القانون الدولي الإنساني. كما دعوا السلطة الفلسطينية “رئاسةً وحكومةً” إلى تبني مطالب الأسرى الإداريين وتفعيل كل أدوات الضغط الدبلوماسي، و”جعل قضيتنا أولوية وطنية، وتوفير حاضنة رسمية وشعبية لإسنادنا”.
كما وجهّت لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة عدة مطالب إلى الفصائل والمقاومة والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والشعب الفلسطيني، تهم إسناد قضية وإضراب الأسرى بشكل فعال، و”الانتفاض في كل الساحات والميادين، وإشعال كافة نقاط التماس مع الاحتلال، وتشكيل رافعة وشبكة أمان لنا في معركتنا”، داعية الجاليات الفلسطينية في الخارج إلى “التحرك والانخراط في حراك متضامن ليسند قضيتنا عبر الاعتصام أمام سفارات العدو، ومخاطبة كل المؤسسات الأوروبية والبرلمانات حتى يستجيب الاحتلال لمطالبنا”، كما جاء.