مدار: 28 نيسان/ أبريل 2022
نبدأ هذا العدد من دوريتنا “عين على الصين” من الملف الصحي الصيني، إذ بينت المجلة العلمية “ساينس” و منصة “سي سي دي سي” لتقفي وباء كوفيد 19 أن سياسة “صفر كوفيد” تهدف إلى حماية كبار السن الضعفاء، إذ يهدد متحور أوميكرون بحصد حياة مليون شخص خلال ثلاثة أشهر إذا سمح له بالانتشار. وتم فعلا تلقيح 88 في المائة من السكان بشكل كامل. وهكذا، سجلت الصين 37 حالة وفاة فقط في الموجة الأخيرة، لكن 19 في المائة من الصينيين الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا لم يتم تلقيحهم، و 50 في المائة ممن تزيد أعمارهم عن 80 عامًا تلقوا جرعتين.
ويحتاج البلد إلى تطعيم كبار السن، وتوسيع الاستشارة عبر الإنترنت، وتخزين الأدوية المضادة للفيروسات لتجاوز مرحلة “صفر كوفيد”.
وفي السياق ذاته، توجد أكثر من 20 مدينة أو منطقة صينية (حوالي 50 مليون شخص) تحت “إدارة ثابتة” لمكافحة تفشي متحور أوميكرون، وفق ما تناولته “غلوبال تايمز“، التي أوضحت أن هذا النظام أكثر مرونة من عمليات الإغلاق، إذ تسمح بحركة أكبر للأشخاص بعد فحص درجة الحرارة وإثبات الاختبارات السلبية. وأضاف المنبر الإعلامي ذاته أن تجارب شنغهاي ومقاطعة جيلين تبين الحاجة إلى العمل بسرعة للحد من انتشار المتغير قبل أن يتجاوز الحد المتحكم فيه.
وفي الملف الصحي دائما، استأنف 666 مصنعا رئيسيا عمليات الإنتاج في شنغهاي، مع “إدارة الحلقة المغلقة” التي تم اعتمادها في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية. وبينت “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” أن الثلث من السكان (7.86 مليون شخص) يعيشون في “مناطق احترازية” منخفضة الخطورة، حيث تمت الموافقة على إعادة فتح محلات السوبر ماركت ومحلات البقالة والمطاعم. وسجلت عشر حالات وفاة في وقت سابق من الأسبوع الماضي، مرتبطة بمعدلات التطعيم المنخفضة بين كبار السن، تضيف “غلوبال تايمز“.
من جهتها، سلطت “كايكسين غلوبال” الضوء على تأثير الإغلاق في شنغهاي على سلاسل التوريد الدولية للسلع، بما في ذلك المركبات وأشباه الموصلات والإلكترونيات، ما يؤثر سلبًا على الاقتصاد. وتبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي السنوي البالغ 627 مليار دولار أمريكي في هذا القطب الاقتصادي، إذ تتوفر شنغهاي على أكبر ميناء للحاويات في العالم، وهي مركز لشبكة التجارة العالمية الشاسعة للصين. ويمكن أن يؤدي الإغلاق لمدة شهر واحد إلى تقليل الدخل للمدينة (61٪) والبلد (8.6٪) بسبب الاضطرابات في الخدمات اللوجستية وزيادة تكاليف التجارة.
وعلى الصعيد ذاته، أوردت “غلوبال تايمز” أن سكان شنغهاي لجؤوا إلى المساعدة المتبادلة وتضامن الجيران لمواجهة التحديات المتعلقة بتأمين الغذاء والإمدادات الأساسية. وأضافت “سيكسث تون” أن شبكة الخدمات اللوجستية في المدينة تعرضت للضغط، ما دفع المجمعات السكنية إلى إنشاء مجموعات للتراسل على تطبيق “وي تشات” لمشاركة المعلومات وتنظيم الطلبات والشراء مباشرة من تجار الجملة، إذ تلعب النساء دورًا رئيسيًا في تنظيم هذه العملية، لكن المبالغة في الأسعار والموردين غير الموثوقين تمثل تحديًا.
وفي الشأن الاقتصادي، نقرأ على “غلوبال تايمز” أن الناتج المحلي الإجمالي للصين للربع الأول تجاوز التوقعات، إذ نما بنسبة 4.8٪ على أساس سنوي ليصل إلى 4.24 تريليون دولار، لكنه سجّل تباطؤا في مارس/ آذار. وحسب أرقام المكتب الوطني الصيني للإحصاء فقد ارتفعت استثمارات الأصول الثابتة (1.64 تريليون دولار أمريكي) بنسبة 9.3٪، مع زيادة البنية التحتية بنسبة 8.5٪، وزيادة التصنيع بنسبة 15.6٪؛ بينما نمت مبيعات التجزئة (1.7 تريليون دولار أمريكي) بنسبة 3.3٪. ومن المرجح أن يؤثر تفشي فيروس كوفيد 19 في المدن الصينية الكبرى على الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من السنة الجارية.
وفي السياق ذاته، أوضحت “غلوبال تايمز” أنه رغم التوترات المتزايدة مع الغرب، ارتفعت التجارة الخارجية للصين (1.48 تريليون دولار أمريكي) بنسبة 10.7٪ على أساس سنوي في الربع الأول. وأضاف المصدر نفسه أن الصادرات (820 مليار دولار أمريكي) نمت بنسبة 13.4٪ والواردات بنسبة 7.5٪ (650 مليار دولار أمريكي)، أبرزها قفزة بنسبة 28٪ في التجارة مع روسيا، 9.9٪ مع الولايات المتحدة، و 10.2٪ مع الاتحاد الأوروبي.
وفي الملف الجيوسياسي، نطالع على “غلوبال تايمز” أن بيكين منشغلة بتوفير حاجياتها من الأرز والحفاظ على الأمن الغذائي، تزامنا مع الارتفاع العالمي في أسعار المواد الغذائية والأسمدة بسبب الصراع بين روسيا وأوكرانيا؛ فمن إجمالي واردات الصين لعام 2021 تم استيراد أقل من 1٪ من فول الصويا والقمح والذرة والشعير من روسيا، مع الذرة (29٪) والشعير (26٪) من أوكرانيا. ونظرًا لارتفاع مخزونات الحبوب تتمتع الصين بالاكتفاء الذاتي في القمح والذرة والذرة الرفيعة، لكنها تعتمد بشكل كبير على واردات فول الصويا من الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين.
وإلى الشأن البيئي، إذ استثمرت الحكومة المركزية الصينية 1.53 مليار دولار أمريكي في أكثر من 2000 مشروع لحماية واستعادة الأراضي الرطبة بين سنوات 2016 و2020، وفق ما بينته “ساينس آند تكنولوجي دايلي“. ومن المقرر تطبيق قانون حماية الأراضي الرطبة في الأول من حزيران/يونيو لحل المشاكل في عمليات الجرد والحماية والترميم. ومازال الافتقار إلى تقييم الأثر الوقائي والمشاركة العامة في هذه الأماكن يمثل مشكلة، حسب “تشاينا ديالوغ“.
ونختم جولتنا في “عين على الصين” من القضايا الثقافية والحياة الشعبية، إذ يستهدف الموسيقيون التايوانيون جماهير جديدة من خلال الأنواع البديلة وبرامج تلفزيون الواقع، بعد تراجع تأثير ثقافة “البوب” في الجزيرة في العقود الأخيرة. وقاد الازدهار الاقتصادي في الستينيات إلى العصر الذهبي لتايوان من حيث التأثير الثقافي الإقليمي، متجاوزًا مبيعات الموسيقى في البر الرئيسي الصيني عام 1993 (وصلت إلى 400 مليون دولار أمريكي ، 1996) حتى نمت المنافسة في البر الرئيسي والكي بوب (K-pop)؛ أما الآن فإن 12.5٪ فقط من 200 أغنية منشورة على منصة “نت ايزي” تعود إلى تايوان، وفق ما بينه موقع “ذي وورلد أوف تشاينيز“.
* أنجز هذا العمل بشراكة بين موقع “مدار” وفريق “دونغ فينغ” (الريح الشرقية) المتخصص في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصينية.