صورة: DR
غلوب تروتر/ مدار: 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2020
فيجاي براشاد وكارمن نافاس رييس
رفض بنك إنجلترا تسليم 31 طنًا متريًا من الذهب، بقيمة 1.95 مليار دولار أمريكيا، تعود ملكيتها لفنزويلا، وكان من المقرر أن تستعمل في شراء المعدات واللوازم الطبية الأساسية لمواجهة جائحة كورونا.
وألغت محكمة الاستئناف في إنجلترا وويلز، يوم 05 تشرين الأول/ أكتوربر 2020، قرارًا صادرًا عن محكمة أدنى في تموز/ يوليو الماضي، يمنع الحكومة الفنزويلية من الوصول إلى 31 طنًا متريًا من الذهب، مخزنة في بنك إنجلترا.
لا أحد ينكر أن الذهب ملك للحكومة الفنزويلية؛ ومع ذلك رفض البنك منح حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو حق الوصول إليه. وسيرا على خُطى وزارة الخارجية البريطانية، قال البنك إن الرئيس الفعلي لفنزويلا هو خوان غوايدو، الذي على عكس الرئيس مادورو لم يفز في أي انتخابات رئاسية، كما أنه ليس في وضع يسمح له أن يصبح رئيسًا في جميع الأحوال.
وجاءت حظوة غوايدو من حكومة الولايات المتحدة، وليس من الشعب الفنزويلي؛ إذ اتفقت وزارة الخارجية البريطانية والمحاكم الدنيا مع واشنطن، بينما اعتمدت محكمة الاستئناف في إنجلترا وويلز في قرارها على الوقائع والمنطق.
وجاء الاستنتاج الرئيسي لمحكمة الاستئناف في أنه بينما ذكرت وزارة الخارجية البريطانية أنها لا تعترف بحكومة الرئيس مادورو، فإنها تواصل إدارة الشؤون الدبلوماسية مع ممثلي تلك الحكومة الفنزويلية. وقدمت السفيرة روسيو ديل فالي مانيرو غونزاليس أوراق اعتمادها إلى ملكة إنجلترا في عام 2015، ومثّلت خلال السنوات الخمس الماضية حكومة الرئيس مادورو في المملكة المتحدة. وفي الجهة المقابلة، قدم السفير البريطاني الحالي في فنزويلا – أندرو سوبر – أوراق اعتماده إلى الرئيس مادورو في 05 شباط/ فبراير 2018، ومازال يؤدي مهامه الدبلوماسية في العاصمة كاراكاس.
هذه العلاقات الدبلوماسية الأساسية أكّدت لمحكمة الاستئناف أن الرئيس مادورو – في نظر حكومة المملكة المتحدة – “يمارس في الواقع بعضًا من صلاحيات رئيس فنزويلا أو كلها”.
وقالت محامية غوايدو – فانيسا نيومان – إن الحكومة الفنزويلية تريد 1.95 مليار دولار (سعر تقريبي) حتى تتمكن من “تمويل نفسها بشكل غير مشروع”، لكن محامي الحكومة الفنزويلية – ساروش زايوالا – حاجج بأن هذه الأموال ستستخدم من قبل الحكومة لكسر سلسلة الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وتوفير المساعدة للسكان المتضررين من العقوبات الأمريكية أحادية الجانب، والاضطرابات الناجمة عن الوباء.
وقال البنك المركزي الفنزويلي (BCV) إنه يريد بيع الذهب، ودفع الأموال لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والسماح له بالمساعدة في استجابة الحكومة للوباء. ورفض غواديو وحكومة المملكة المتحدة وواشنطن حتى هذه القناة الخاضعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بينما لا يوجد تبرير لهذا السلوك غير الرغبة في معاقبة الشعب الفنزويلي وسط الجائحة.
مال من أجل الأدوية
قام معهدا القارات الثلاث للبحوث الاجتماعية وسيمون بوليفار بدراسة الأثر الاجتماعي لهذه العقوبات، القاسية للغاية، التي تفرضها الإدارة الأمريكية منذ عام 2017، واكتشفا أن العقوبات الأساسية والثانوية حرمت الشعب الفنزويلي من إمكانيات القيام بالعمليات الضرورية، كالتجارة: لبيع نفطه وشراء المواد الغذائية والأدوية والمواد التعليمية (تمنع العقوبات الأساسية بشكل مباشر المواطنين والشركات في الدولة التي تفرض عليها هذه العقوبات من إجراء أي تعاملات مع باقي الدول؛ وتمنع العقوبات الثانوية طرفًا ثالثًا – سواء كانت دولة أو شركة – من التعامل مع البلد الخاضع للعقوبات). ولقي عشرات الآلاف من الفنزويليين مصرعهم، دون داع، بسبب حرمانهم من شراء الأدوية والمعدات الطبية، وشكل هذا تحديا للنظام الهش بالفعل خصوصا أثناء الوباء.
إن السماح لهذه العقوبات أحادية الجانب من طرف الولايات المتحدة، التي تسعى إلى تغيير النظام في فنزويلا، بتحديد الطريقة التي يمكن أن تحارب بها فنزويلا الفيروس والمرض لأمر مروع. وتنص اتفاقية جنيف الرابعة (1949) على أن “العقوبات الجماعية محظورة”.
ما الذي ترغب الحكومة الفنزويلية في شرائه بمبلغ 1.95 مليار دولار سيتم تسليمه لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي؟.. وفقًا لبحث أجراه معهدا القارات الثلاث للبحوث الاجتماعية وسيمون بوليفار فإن النصيب الأكبر من الأموال – 600 مليون دولار- من المخطط تخصيصه لشراء الأدوية لنحو 400 ألف شخص في المستشفيات، وأدوية مخصصة لـ 550 ألف امرأة حامل، وأدوية لـ 243 صيدلية اجتماعية. كما تم التخطيط لتخصيص 450 مليون دولار للمعدات الطبية التي تستخدم لمرة واحدة لإجراء 400 ألف عملية جراحية، و245 مركزًا صحيًا، و3000 جهاز لتنظيم ضربات القلب. وأخيرًا، تم التخطيط لتخصيص مبلغ 250 ألف دولار لتوريد الكواشف للمختبرات (لأمراض الدم والأمصال)، ولشراء قطع غيار لأنواع مختلفة من المعدات الطبية (بما في ذلك معدات العلاج الإشعاعي)…هكذا تود الحكومة الفنزويلية – بالتواطؤ مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – أن “تمول نفسها بشكل غير مشروع”.
وكتب ثلاثة مقررين خاصين للأمم المتحدة، في أيار/ ماي الماضي، أنه في فنزويلا “أبلغت المستشفيات عن نقص في التجهيزات الطبية ومعدات الوقاية والأدوية”. هذه بالضبط هي المواد المدرجة في القائمة من الحكومة الفنزويلية لشرائها من عائدات بيع 31 طناً مترياً من الذهب. وقال هؤلاء الخبراء – أوليفييه دي شوتر (الفقر المدقع وحقوق الإنسان)، وليو هيلر (المياه والصرف الصحي)، وكومبو بولي باري (التعليم) – “لا سيما في ظل جائحة الفيروس التاجي، يجب على الولايات المتحدة رفع العقوبات الشاملة على الفور، التي لها تأثير خطير على حقوق الإنسان للشعب الفنزويلي”.
البحث المستقل الذي أنجزه معهد القارات الثلاث للبحوث الاجتماعية ومعهد سيمون بوليفار يتفق مع آراء خبراء الأمم المتحدة هؤلاء.. لقد أثّرت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة سلبًا على قدرة الشعب الفنزويلي على الازدهار وممارسة حقوق الإنسان الخاصة به.
يجب رفع العقوبات أحادية الجانب، وبخلاف ذلك، نعتقد أنه يجب بيع 31 طناً مترياً من الذهب في بنك لندن، وتسليم العائدات لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وشحن الإمدادات الطبية على وجه السرعة إلى فنزويلا، أي شيء غير ذلك يعد جريمة ضد الشعب الفنزويلي.