مدار: 07 أيار/ مايو 2022
رفض الاتحاد العام للشغل بتونس إجراء أي حوار يهمش القوى السياسية والاجتماعية، ويتضمن “قرارات معدّة مسبقا”.
وجاءت تصريحات النقابة العمالية عقب كلمة للرئيس التونسي قيس سعيد في اجتماع مع مسؤولين بوزارة الداخلية الخميس الماضي، شدد فيها على أن السيادة للتونسيين و”ليست لمن يتعاملون مع الخارج”، وزاد أنه لا حوار مع “من باعوا ضمائرهم بأبخس الأثمان في سوق النخاسة”، على حد قوله.
وكان سعيّد أعلن إن التوجهات الكبرى نحو صياغة الدستور باتت واضحة، مبرزا أنه سيعين في الأيام القليلة القادمة لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد لتأسيس ما وصفها بـ “الجمهورية الجديدة”.
وكان الاتحاد العام دعا يوم عيد العمال، إلى إجراء “حوار وطني شامل” لإنقاذ بالبلاد التي تواجه أزمات متعددة الأبعاد، موضحا أن هذا الحوار بمثابة “قارب النجاة الأخير”.
وقال الأمين العام نور الدين الطبوبي، في خطاب رقمي يوم الفاتح من أيار/ مايو، إن “استمرار الحالة الضبابية والتفرد التي لن تؤدي إلا إلى التعتيم على المشاكل الحقيقية بخطاب شعبوي لن يزيد الوضع إلا سوء والاندفاع نحو مجهول مخيف”.
وفي سياق متصل، تستعد الحكومة التونسية لإطلاق سلسلة من الإجراءات التقشفية المؤلمة، بإيعاز من صندوق النقد الدولي، ويرجح أن تهم أنظمة الدعم ومناصب الشغل في القطاع العام ناهيك عن كتلة الأجور.
ودخلت تونس في نفق مظلم بعد إعلان الرئيس التونسي عن سلسلة من الإجراءات منذ 25 يوليو/ تموز، تحت ذريعة إنقاذ البلاد من “خطر داهم”، تلاه حل البرلمان، ومباشرة خطوات لتغيير الدستور، في مسار سياسي عارضته العديد من القوى السياسية واعتبرته “انقلابا على الثورة”.
ويرى مراقبون أن قيس سعيد يسعى إلى تغيير النظام الدستوري الذي جاء ثمرة للتوافق بين مختلف مكونات المشهد السياسي التونسي إلى نظام سياسي جديد، ذي طبيعة جمهورية، وانتخاب برلمان جديد، بعد إضعاف الأحزاب السياسية وتحييدها من حقول السلطة.
ومن الناحية الاجتماعية، يبدو أن صبر المواطنين التونسيين بدأ ينفذ، بعد أن أرهقتهم الازمة الخانقة التي يمر منها اقتصاد البلاد، راكمتها الهزات الأمنية وتفشي جائحة كورونا، ناهيك عن الغموض السياسي الذي أثر بشدة على الاقتصاد.
وهوى الدينار التونسي إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الدولار، ولأول مرة يجري تداوله بقيمة 3.074 أمام الدولار خلال الشهر الماضي، حسب أرقام البنك المركزي التونسي، ويتزامن ذلك مع ارتفاع في نسب التضخم وغلاء الأسعار.
وبلغ معدل التضخم السنوي في تونس 7.5 بالمئة في أبريل/نيسان مقارنة مع 7.2 بالمئة في مارس/ آذار، ويتصاحب ذلك مع تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وركود اقتصادي كبير.
وفي هذا السياق، يرى أحمد المولهي عضو اللجنة المركزية لحزب العمال، أن ما يجري في تونس “لا يعدو أن يكون محاولة سطو على الجمهورية ومؤسساتها وهيئاتها التي أتت بها ثورتنا المغدورة”.
وقال المسؤول الحزبي في مقال نشر على الفايسبوك، إن “الأزمة العميقة والشاملة” تسير بتونس نحو “المجهول” ويمكن أن تقود نحو “التقسيم والحرب الأهلية” وفق تعبيره، محملا المسؤولية لـ “أجنحة منظومة تابعة وفاسدة” تخوض صراعا “شرس وعفن على السلطة”.