تقرير رسمي يدين أمن وجيش نيجيريا بإطلاق النار على متظاهرين عزل قبل عام

مشاركة المقال

مدار: 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021

قدمت اللجنة الرسمية للتحقيق في مجزرة ليكي تقريرها النهائي إلى حاكم ولاية لاغوس الإثنين 15 نونبر/ تشرين الثاني، ويتناول حيثيات إطلاق قوات الأمن النيجيرية في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 النار على حشد من الشباب كانوا يتظاهرون احتجاجا على عنف الشرطة.

وأكد التقرير، الذي جاء من 300 صفحة، تم تسريبه على الفور للصحافة، أن واقعة إطلاق النار موجودة وتسببت في إصابة 48 شخصا، سقط بينهم 11 قتيلا وأربعة مازالوا في عداد المفقودين.

خلفيات الأحداث

شهد شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي احتجاجات متواصلة في مختلف أنحاء نيجيريا ضد عنف الشرطة، وبالأخص قوات مكافحة السرقة الخاصة (سارس)، الأمر الذي دفع الحكومة المركزية إلى منع هذه التظاهرات.

وفي صباح 20 أكتوبر/ تشرين الأول انضم المتظاهرون في موشين – حي في ليكي – للدعوات إلى التظاهر التي تم إطلاقها على مستوى البلاد من أجل إنهاء ما سموها “وحدة الشرطة المارقة”، في إشارة إلى فرقة مكافحة السرقة الخاصة (سارس)، المعروفة بوحشيتها بين المواطنين وبأعمالها التي تتم خارج القانون.

وتعتبر فرقة مكافحة السرقة الخاصة (سارس) فرعا من قوة الشرطة النيجيرية، وتقع تحت إدارة التحقيقات الجنائية والمخابرات الحكومية (SCIID)، وتم إنشاؤها حسب التصريحات الرسمية من أجل الاحتجاز والتحقيق وملاحقة الأشخاص المتورطين في جرائم مثل السطو المسلح والاختطاف وجرائم عنف أخرى؛ كما كانت تعمل الفرقة كوحدة شرطة ملثمة هدفها القيام بعمليات سرية ضد جرائم العنف، مثل السطو المسلح وخطف السيارات والاختطاف وسرقة الماشية وحمل واستخدام الأسلحة النارية غير القانونية.

لكن في ما بعد، وبعد سنوات من الخدمة، تم اتهام “سارس” بارتكاب العديد من انتهاكات حقوق الإنسان وعمليات “التوقيف والتفتيش” والاعتقالات غير القانونية، والقتل خارج نطاق القانون، والتحرش الجنسي بالنساء، ومعاملة الشباب النيجيريين بوحشية. وهناك العديد من الفيديوهات التي توثق هذه الممارسات.

وعودة إلى الـ 20 من أكتوبر، فعند انطلاق التظاهرات في ليكي، تجمع العديد من الأشخاص عند الطريق الرئيسي، وقاموا بقطع التقاطعات التي تربط المدينة بعاصمة الولاية، إيكيجا، وفي الوقت نفسه كانت هناك تظاهرات متفرقة في مجموع أحياء المدينة.

وقال شهود عيان ممن كانوا ضمن المحتجين إن كل شيء كان سلميا بين المتجمهرين في الحشد، الذين رفعوا قبضتهم وهم يهتفون بـ”إنهاء سارس”، مع غناء أغاني تخلد لمن كانوا يناضلون من أجل حقوق النيجريين، مثل فيلا كوتي، قبل أن تتحول الأجواء في مواقع الاحتجاج القريبة من مركز شرطة أولوسان، وتتدخل قوات الشرطة بعنف.

بيان “أمنستي” حول الأحداث

تناولت منظمة العفو الدولية (أمنستي) من خلال مختلف التقارير، وبالأخص عبر ممثلتها في نيجيريا، الأحداث التي وقعت قبل عام، وانتهت حسبها بحملة قمع وحشية من قبل قوات الأمن النيجيرية في أبوجا ولاغوس وأجزاء أخرى من البلاد، مضيفة أنه لم يتم تقديم أي شخص إلى العدالة بسبب التعذيب والعنف والقتل للمتظاهرين السلميين، في حين أن التقارير الواردة تتحدث عن وجود انتهاكات مستمرة من الشرطة.

وخلصت المنظمة، في تقرير أجرته حول الأحداث، إلى أن الجيش والشرطة النيجيريين قتلوا ما لا يقل عن 12 شخصًا في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 عند بوابة ليكي للرسوم الجمركية وألاوسا في لاغوس؛ كما تحدثت عن أنها تمكنت من إثبات أن المؤيدين للحكومة حرضوا على العنف في العديد من المظاهرات، ووفروا غطاء للشرطة لاستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين، كما أوردت أن المتظاهرين المحتجزين تعرضوا للتعذيب، ورفضوا أو منعوا من الاتصال بمحامين على الفور.

هذا وعبرت أوساي أوجيغو، ممثلة “أمنستي” في نيجيريا، أنه “بذريعة استتباب النظام، لحقت إصابات مروعة بمئات الأشخاص، وقتل ما لا يقل عن 56 شخصا، من بينهم عشرات الشباب الذين لقوا حتفهم، إذ استخدمت قوات الأمن النيجيرية القوة غير الضرورية والمفرطة لتفريق المتظاهرين السلميين في جميع أنحاء البلاد”، مردفة: “من غير المقبول أن تواصل الحكومة، رغم الأدلة الدامغة، إنكار استخدام الذخيرة الحية على المتظاهرين عند بوابة ليكي قبل عام بالضبط”.

وعبرت منظمة العفو الدولية عن أنها وثقت حوادث في ليكي وأجزاء أخرى من نيجيريا، ما يدل على الرد العنيف من قوات الأمن النيجيرية على الاحتجاجات السلمية، مضيفة أن الهدف الواضح من حملة القمع كان بث الخوف وتثبيط الاحتجاجات السلمية ومعاقبة أولئك الذين يطالبون بوضع حد لانتهاكات الشرطة لحقوق الإنسان.

التعاطي الرسمي مع الأحداث

في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وقبل تسعة أيام من اليوم الموعود، أعلن المفتش العام للشرطة، محمد أدامو، الحل الكامل للفرقة الخاصة بمكافحة السرقة (سارس)، لكن الإعلان قوبل بسخرية في الشوارع، حيث ظل المتظاهرون.

وردا على ذلك، قدم المتظاهرون قائمة بخمسة مطالب تجب تلبيتها قبل مغادرتهم الشوارع، مرجعين ذلك إلى أن الحكومة قدمت الوعود نفسها في كل مرة من السنوات الأربع الماضية، حينما كانت تخرج احتجاجات مناهضة لممارسات “سارس”.

في حين رد آنذاك – وبالضبط في الـ 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 – الرئيس محمد بخاري، بالتحذير من استمرار الاحتجاجات، واصفا الشباب المتظاهرين بـ”الفوضويين الذين يحاولون اختطاف المطالب”، وذكر أن الحكومة الفيدرالية “لن تتسامح مع الفوضى في البلاد”.

وبعد مرور عام على الأحداث، وقبل خروج التقرير إلى الوجود، لم يتغير الخطاب الرسمي، إذ أكدت الحكومة الفيدرالية في أبوجا للصحافة أن الجيش لم يطلق النار على المتظاهرين المجتمعين في ليكي، وأن المذبحة التي يتم الحديث عنها “وهمية”؛ كما طالب المنظمات الدولية ومن ضمنها منظمة العفو الدولية بالاعتذار عما اعتبره “خداعا للمجتمع الدولي من خلال الحديث عن مذبحة”.

التقرير الأخير

وحمل التقرير المقدم من قبل اللجنة القضائية المحلية التي تم إيكال المهمة لها للتحقيق في أحداث 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 في ليكي أنها ترتقي في وقائعها إلى “مجزرة”. وحسب الوثيقة الرسمية التي تم  تقديمها إلى حاكم ولاية لاغوس فإنها تتناقض مع النفي المتكرر من السلطات لمدة عام، مؤكدة أن قوات الأمن النيجيرية “أطلقت النار على المتظاهرين العزل وقتلتهم، دون استفزاز أو تبرير، في وقت كانوا يلوحون بأعلام نيجيريا ويغنون النشيد الوطني”.

والأسوأ من ذلك فقد حمل التقرير أن الجيش منع سيارات الإسعاف من الوصول إلى مكان المأساة لمساعدة الجرحى، في حين تولى الجنود مهمة جمع أغلفة خراطيشهم لإزالة كل آثار القتل.

وهذه بعض النقاط التي حملها التقرير:

1. قتل الجنود المتظاهرين العزل ورفض توفير التدخل الطبي لهم

تمت في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 دعوة الجيش النيجيري إلى التدخل في الولاية، وتم نشره في بوابة ليكي، وقام ضباط منه بإطلاق النار على متظاهرين غير مسلحين. ووجد الفريق أيضا أن سلوك الجيش النيجيري تفاقم بسبب رفضه السماح لسيارات الإسعاف بتقديم المساعدة الطبية للضحايا الذين يحتاجون إليها؛ كما تبين أنه لم يلتزم بقواعد الاشتباك الخاصة به.

2. أطلقت الشرطة النار على المتظاهرين والتقطت الرصاص للتستر

وجدت اللجنة أن قوة الشرطة النيجيرية نشرت ضباطها في بوابة ليكي في ليلة 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وبين تلك الليلة وصباح 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 أطلق ضباطها النار على المتظاهرين العزل، واعتدوا عليهم وضروبهم، ما أدى إلى وقوع إصابات ووفيات. كما حاول رجال الشرطة التستر على أفعالهم بالتقاط الرصاص.

3. تلاعب شركة الطرق السيارة (LCC) بلقطات الفيديو وحجبها

وجدت اللجنة أن شركة LCC أعاقت تحقيقها برفضها تسليم بعض المعلومات/ الأدلة المفيدة والحيوية على النحو الذي طلبته الهيئة وخبير الطب الشرعي الذي استعان به الفريق، حتى عندما تكون هذه المعلومات والأدلة متاحة وموافقا عليها، مضيفة أن الشركة تلاعبت بلقطات فيديو غير مكتملة، قدمتها أمامها.

4. دعوة حاكم ولاية لاغوس إلى نشر الجنود

وجدت اللجنة أنه تم نشر الجيش النيجيري في ولاية لاغوس بدعوة قدمتها حكومة ولاية لاغوس من خلال الحاكم، كل ذلك قبل أن يتم استيفاء التسلسل الهرمي للجيش النيجيري في الطلب.

5. وجود محاولات للتستر على الحادث

وجدت اللجنة أنه كانت هناك محاولة للتستر على حادثة 20 أكتوبر/ تشرين الأول من خلال تنظيف بوابة ليكي وإفشال محاولة الحفاظ على مكان الحادث قبل التحقيقات المحتملة.

ومن ضمن التوصيات، دعت الجهة ذاتها إلى إجراء إصلاحات شاملة للشرطة، ومعاقبة ضباط الجيش والشرطة الذين شاركوا في “إطلاق النار على المتظاهرين العزل وإصابتهم وقتلهم”.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة

أمريكا

كيف عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؟

مدار: 07 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أعطى الناخبون الأمريكيون أصواتهم لصالح مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، المعروف بتوجهاته اليمينية المعادية للمهاجرين والعرب والمسلمين. بهذا، يضمن