بعد نضالات طيلة عام كامل.. المزارعون يجبرون الحكومة الهندية على سحب “قوانين الزراعة”

مشاركة المقال

بيبل ديسباتش/ مدار: 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021

احتفت الحركات المناضلة في جميع أنحاء الهند بالكفاح الذي قاده المزارعون في وجه الآلة القمعية والتشويه الشديدين اللذين رافقا هذا النضال، في وقت يعتقد أن حوالي 750 شخصا لقوا حتفهم خلال الاضطرابات التي رافقت اعتصام الآلاف على حدود دلهي.

بعد نضال دام ما يزيد عن العام، تمكن المزارعون في الهند أخيرا من تحقيق الانتصار ضد قوانين الزراعة الثلاثة التي سنتها حكومة حزب بهاراتيا جاناتا العام الماضي. وكان الرئيس الهندي، ناريندرا مودي، أعلن الجمعة 19 نونبر/ تشرين الثاني إلغاء القوانين الثلاثة، مع استكمال جميع الإجراءات القانونية المرافقة لذلك خلال الجلسة البرلمانية المقبلة.

وصاحبت إعلان الخبر احتفالات عمت جميع أنحاء البلاد، في ظل إشادة من مختلف شرائح المجتمع بانتصار حركة الفلاحين، بحيث غصت الشوارع ومنصات التواصل الاجتماعي بمن استغلوا الفرصة للتعبير عن فرحتهم، مستذكرين التضحيات التي قدمها الفلاحون في ظل كفاحهم الذي استمر لمدة عام، وواصفين الانتصار بأنه انتصار على غطرسة الحكومة وتسلطها.

وأصدرت حركة Samyukt Kisan Morcha (SKM)، التي تقود حركة الفلاحين، بيانا مختصرا عبرت فيه عن ترحيبها بإعلان رئيس الوزراء، مذكرة في الآن نفسه بأن بعضا من المطالب التي حملتها طيلة الفترة الماضية لم تتم تلبيتها بعد، ما يجعل مصير التحريض المستمر رهينا بالمراجعة المفصلة التي سيتم القيام بها في وقت لاحق.

هذا ورحب الأمين العام للحزب الشيوعي الهندي (ماركسي)، سيتارام يشوري، بالإعلان، واغتنم الفرصة من أجل توجيه التحية للمزارعين ونضالاتهم الشجاعة و المستميتة ضد قوانين الزراعة الثلاثة، مذكرا في الآن نفسه بأكثر من 750 مزارعا الذين قضوا أثناء النضالات، واصفا إياهم في كلمته بـ”شهدائنا”.

كما وجه يشوري خطابا إلى رئيس الوزراء، مطالبا إياه بالاعتذار للمزارعين نظير تسببه في “صعوبات وعوائق من خلال خطوته الدكتاتورية عبر سن قوانين زراعية لصالح شركائه من أصحاب الأموال”، والوفاء والرضوخ للمطالب الأخرى التي يحملها المزارعون.

 في الوقت نفسه أشاد اتحاد عمال الزراعة في الهند (AIAWU) بإعلان سحب القوانين الثلاثة، معتبرا الخطوة انتصارا للفلاحين والشعب الهندي عامة.

ولم يفوت راهول غاندي، زعيم حزب الكونغرس، الذي يعتبر الحزب الرئيسي في المعارضة، الفرصة دون أن يعبر عن فرحته من خلال تغريدة عبر فيها عن أن هذا الانتصار “هزيمة للحكومة المتغطرسة ضد كفاح الفلاحين من أجل حقوقهم”.

وترحيبا بالإعلان، غرد الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي اللينيني) بأن المزارعين لن يغادروا مواقع الاحتجاج حتى تكتمل جميع إجراءات السحب ويتم تحقيق مطالبهم الأخرى.

وفي رد على هذا القرار، كتب المؤلف والكاتب فيجاي براشاد على فيسبوك: “لأول مرة منذ سبع سنوات كان على الرجل ذي لحية الزعفران أن يعترف بالهزيمة. إلغاء مودي قوانين الزراعة ليس لأنه فهم مدى بشاعتها، ولكن لأن المزارعين والطبقة العاملة أجبروه على ذلك، لأنهم لم يتزحزحوا قيد أنملة”.

انتصار جزئي

في تعليق من حنان ملا، سكرتير كيسان سابها في الهند (AIKS)، على إعلان رئيس الوزراء، اعتبر أن الأمر عبارة عن انتصار جزئي، مرجعا ذلك إلى أنه لم تتم تلبية كل المطالب التي خرج من أجلها المزارعون إلى الشارع.

وبعد إخفاق Samyukt Kisan Morcha (SKM) – وهي ائتلاف يضم أكثر من 500 نقابة للمزارعين من جميع أنحاء الهند، بما في ذلك AIKS ذات التوجه اليساري – في إقناع الحكومة بسحب القوانين الزراعية الثلاثة من خلال جلسات الحوار، بدأت SKM اعتصامها إلى أجل غير مسمى عند جميع المعابر الحدودية الرئيسية للبلاد، بما يشمل العاصمة دلهي. وجادلت SKM بأن القوانين الثلاثة التي تم سنها عززت مصالح الشركات على حساب المزارعين، وستؤدي في النهاية إلى تدمير قطاع المزارع في البلاد من خلال تعريض سبل عيش الملايين للخطر وتمكين الشركات من الاستيلاء على الزراعة.

هذا وطالبت SKM بسن قوانين بشأن الحد الأدنى لأسعار الدعم (MSP)، بالإضافة إلى سحب مشروع قانون تعديل الكهرباء. وMSP هي عبارة عن مجموعة من الأسعار الأساسية المعلنة من قبل الحكومة في الهند، وتقوم على أساسها بشراء بعض المنتجات الزراعية؛ ورغم أنه من المتوقع ألا ينخفض سعر السوق للمنتجات الزراعية عن متوسط السعر المتوسط، يضطر المزارعون في معظم الحالات إلى بيع منتجاتهم بأسعار أقل من MSP أو أقل من التكلفة الأساسية للإنتاج.

أما في ما يخص قانون تعديل الكهرباء فينص على وجود جهات فاعلة من القطاع الخاص في توزيع المادة، الأمر الذي اعتبره المزارعون سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والتكلفة الإجمالية للإنتاج بسبب سحب الدعم الحكومي.

وبعد الاحتجاجات على حدود دلهي، علقت المحكمة العليا الهندية القوانين لمدة عام، وشكلت لجنة من ثلاثة أعضاء لفحصها، في وقت رفض المزارعون تدخل المحكمة العليا ووصفوا اللجنة بأنها منحازة للحكومة والقوانين. وبعد هذا الرفض من قبل المزارعين انسحب بعض أعضاء اللجنة المعينة من قبل المحكمة. وتأكيدا لصحة مخاوف المزارعين، وصف أحد أعضاء اللجنة، وهو أنيل غنوط، يوم الجمعة، إعلان رئيس الوزراء بأنه “الخطوة الأكثر تراجعا” واتهمه باختيار “السياسة على تحسين أوضاع المزارعين”، وفقا لوكالة برس ترست الهندية.

وطيلة الفترة الماضية قامت SKM بتنفيذ العديد من الأعمال الاحتجاجية من خلال حركتها التي استمرت لمدة عام، بما فيها مسيرة الجرارات بمناسبة يوم الجمهورية في يناير/ كانون الثاني الماضي. كما واجه المزارعون العديد من الإجراءات القمعية من قبل الدولة، من اعتقال العديد من القادة بتهم ملفقة، واستهداف المزارعين بحملة تشهير من خلال وصفهم بالإرهابيين واتهامهم بزعزعة استقرار البلاد.

وفي وقت كان يؤكد حزب بهاراتيا جاناتا أن قوانين الزراعية الثلاثة في مصلحة المزارعين وستفيد الزراعة في الهند، كان المحتجون يملؤون الشوارع دون نية في العودة إلى منازلهم من دون تحقيق مطالبهم. وفي أكتوبر/ تشرين الأول اتهم نجل أحد الوزراء في حكومة حزب بهاراتيا جاناتا بصدم خمسة مزارعين كانوا يحتجون على القوانين بسيارته في مقاطعة لاكيمبور خيري بولاية أوتار براديش. وطالبت SKM بإقالة الوزير، أجاي كومار ميشرا، من الحكومة ومعاقبة مرتكبي هذه الجريمة النكراء.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة