مدار: 12 كانون الثاني/ يناير 2024
انخفضت البطالة والفجوة في الوظائف إلى ما دون مستويات ما قبل وباء كورونا، لكن البطالة العالمية سترتفع في عام 2024، ويشكل تزايد عدم المساواة وركود الإنتاجية عوامل مثيرة للقلق، وفقاً لتقرير منظمة العمل الدولية “التشغيل والآفاق الاجتماعية في العالم: اتجاهات 2024”.
والبطالة هي حالة عدم وجود عمل للأفراد القادرين على العمل والراغبين في العمل. ويعتبر معدل البطالة مؤشراً هاماً لقياس صحة وقوة سوق العمل في بلد ما، ويتأثر بالعديد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية، مثل المعروض والطلب على العمل، ومعدل نمو الاقتصاد، والتوجيه المهني، والتعليم والمهارات الاقتصادية للعمال، وسياسات الحكومة المتعلقة بسوق العمل والتشغيل. ويعدّ القضاء على البطالة وتوفير فرص العمل الكافية للسكان من أهم أهداف السياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومات.
وحذّرت منظمة العمل الدولية من ارتفاع البطالة على الصعيد العالمي خلال عام 2024، إلى جانب استمرار التضخم ومشكلات اقتصادية أخرى في دول مجموعة العشرين.
وحسب التقرير، فقد أظهرت أسواق العمل مرونة “مدهشة” على الرغم من تدهور الظروف الاقتصادية، لكن التعافي من الوباء لا يزال متفاوتاً حيث تؤدي نقاط الضعف الجديدة والأزمات المتعددة إلى تآكل آفاق تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية.
وتطرقت الدراسة إلى انخفاض معدل البطالة العالمي إلى 5.1 في المائة عام 2023 من 5.3 في المائة في العام السابق 2022، كما تحسنت فجوة الوظائف العالمية ومعدلات المشاركة في سوق العمل في عام 2023.
وعلى الرغم من ذلك، أكّدت الهيئة التابعة للأمم المتحدة على أن الهشاشة بدأت تظهر من خلف هذه الأرقام، ويتوقع أن تتفاقم توقعات سوق العمل والبطالة العالمية. إذ يتوقع ارتفاع عدد الباحثين عن وظائف بمقدار مليوني شخص، مما يرفع معدل البطالة العالمي من 5.1 في المائة عام 2023 إلى 5.2 في المائة خلال السنة الجارية.
كما انخفض الدخل الحقيقي المتاح في غالبية دول مجموعة العشرين، وبشكل عام فإنه من غير المرجح أن يتم تعويض تآكل مستويات المعيشة الناجم عن التضخم بسرعة، وفق التقرير.
وفي السياق ذاته، لا يزال هناك تفاوتات مهمة بين البلدان ذات الدخل المرتفع والمنخفض. ففي حين وصل معدل فجوة الوظائف في عام 2023 إلى 12.0 في المائة في البلدان ذات الدخل المرتفع، فقد بلغ 24.2 في المائة في البلدان ذات الدخل المنخفض.
كما أن استمرار معدل البطالة عام 2023 عند مستوى 4.5 في المائة في البلدان المرتفعة الدخل، فقد بلغ 5.7 في المائة في البلدان المنخفضة الدخل.
إضافة إلى ذلك، من المرجح أن يستمر الفقر في صفوف العمال. وقد زاد عدد العمال الذين يعيشون في فقر مدقع (أي يكسبون أقل من 2.15 دولار أمريكي للشخص الواحد في اليوم من حيث تعادل القوة الشرائية) بنحو أربعة ملايين على مستوى العالم في عام 2022. وارتفع عدد العمال الذين يعيشون في فقر معتدل (يكسبون أقل من 3.65 دولار أمريكي في اليوم للشخص الواحد من حيث تعادل القوة الشرائية) بمقدار ثمانية ملايين في العام نفسه.
وتحذّر منظمة العمل الدولية من اتساع فجوة التفاوت في الدخل، مضيفة أن تآكل الدخل الحقيقي المتاح “ينذر بالسوء بالنسبة للطلب الكلي وتحقيق انتعاش اقتصادي أكثر استدامة”، متوقعاً أن تبقى معدلات العمل غير الرسمي ثابتة، لتمثل حوالي 58 في المائة من القوى العاملة العالمية في عام 2024.
كذلك تطرقت الوثيقة إلى اختلالات أخرى، مشدّدة على أنه تباينت العودة إلى معدلات ما قبل الجائحة للمشاركة في سوق العمل بين المجموعات المختلفة. وقد انتعشت مشاركة المرأة بسرعة، ولكن لا تزال هناك فجوة ملحوظة بين الجنسين، وخاصة في الدول الناشئة والنامية. ولا تزال معدلات البطالة بين الشباب “تشكل تحدياً”.
وحول تباطؤ نمو الإنتاجية، شدّد التقرير، على أنه بعد فترة قصيرة من الارتفاع بعد الجائحة، عادت إنتاجية العمل إلى المستوى المنخفض الذي شهدته في العقد الماضي. ولفت الانتباه إلى أنه على الرغم من التقدم التكنولوجي وزيادة الاستثمار، فقد استمر نمو الإنتاجية في التباطؤ. أحد أسباب ذلك هو أن مبالغ كبيرة من الاستثمار تم توجيهها نحو القطاعات الأقل إنتاجية مثل الخدمات والبناء. وتشمل العوائق الأخرى نقص المهارات وهيمنة الاحتكارات الرقمية الضخمة، وهو ما يعيق تبني التكنولوجيا بشكل أسرع، وخاصة في البلدان النامية والقطاعات التي تهيمن عليها الشركات المنخفضة الإنتاجية.
وبهذا الصدّد، قال المدير العام لمنظمة العمل الدولية، جيلبرت ف. هونغبو، إن “انخفاض مستويات المعيشة وضعف الإنتاجية، إلى جانب التضخم المستمر، يخلق ظروفاً مواتية لمزيد من عدم المساواة ويقوض الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية”.