مدار + مواقع: 04 حزيران/ أبريل 2021
مازالت البرازيل تعاني من تفشي فيروس كوفيد-19، بحيث تعتبر ثاني دولة من حيث عدد الوفيات بعد الولايات المتحدة الأمريكية. بالإضافة إلى هذه الأعداد الهائلة، فالتصريحات المتوالية للدولة تعطي انطباعا بعدم وجود إستراتيجية واضحة لمحاربة الوباء، لاسيما أنه لا توجد دولة باستثناء الهند تتفوق عليها في أعداد الإصابات اليومية.
في ظل هذا الوضع، أعرب مدير منظمة الصحة العالمية لحالات الطوارئ، مايكل رايان، عن أسفه لمسار الوباء في قارة أمريكا الجنوبية، مستذكرا في الوقت نفسه، في مؤتمر صحافي، الوضع المتردي في البرازيل، وبالخصوص في الفترة إلى غاية شهر أبريل، ومشيرا إلى أن التطورات الحالية تعطي انطباعا بأن الأمور ذاهبة إلى سيناريو لا يبشر بخير، ومعبرا عن ذلك بالقول: “كانت أمريكا الجنوبية في وضع صعب حقا قبل بضعة أشهر فقط، ومرة أخرى بدأ الوضع يسير في الاتجاه الخاطئ”.
وأكد ريان أن “الوضع في أمريكا الجنوبية ككل مازال إلى غاية الآن مصدر قلق كبير”، يتمثل في ارتفاع معدل الوفيات المسجل في القارة، مضيفا أن “انتقال المرض كثيف وانتشاره داخل المجتمعات مازال يعرف وتيرة متصاعدة، كما مازالت النظم الصحية تحت الضغط، ما تعكسه معدلات الوفيات”.
وفي ظل هذا الوضع الصحي المتدهور، مازالت معاناة الشعب البرازيلي في ازدياد، خصوصا بالنظر إلى سياسات الحكومة في ما يخص تدبير الشأن الاجتماعي والاقتصادي.
سكان فيلا كلوديت يواجهون إجراءات الطرد
يعيش سكان فيلا كلوديت على وقع قلق واضطراب متزايد نتيجة أمر الطرد والإخلاء الصادر عن المحكمة الفيدرالية، الذي من المقرر أن يتم تنفيذه في 12 يونيو/ حزيران الحالي، الأمر الذي دفع سكان المنطقة بمعية الحركة العمالية من أجل الحقوق (MTD) إلى إغلاق الطرق أمام مبنى البلدية، رافعين لافتات تندد بالطرد، ومعتبرين إياه جريمة، خصوصا في خضم الجائحة.
وتقطن في مستوطنة فيلا كلوديت ما يقارب 1200 أسرة ممن لا يتوفرون على الإمكانيات المادية التي يتعين توفرها من أجل امتلاك سكن، وفي منازل لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة (لا ماء ولا كهرباء ولا مرافق صحية)؛ ورغم ذلك تلح الحكومة والحكومة الفيدرالية والبلدية على طردهم.
وكان بنك Caixa Econômica Federal تقدم بشكوى في محكمة بيرنامبوكو الفيدرالية، يطالب من خلالها باستعادة حيازة 67 عقارا في فيلا كلوديت، مطالبا في الآن نفسه بتسريع إخلاء العائلات، لكن التحركات الحالية تهدف إلى تمليك العائلات لهذه العقارات واستغلالها.
ويقول إدوارد، وهو الذي عاش في المجمع حوالي عام، إن العائلات تشتبه في وجود مخالفات في طريقة تفويت المجمع من الدولة للبنك، مضيفا أن أمر الإخلاء سلم فقط لـ 67 عائلة لأن البنك مهتم فقط ببعض الأراضي التي يرى أنها ستعود عليه بالفائدة، بالنظر إلى موقعها.
وفي إطار هذا الوضع عبرت السيدة جوانا، من تنسيق الحركة العمالية من أجل الحقوق، عن أن قرار طرد العائلات من المنطقة في الظرف الحالي يعتبر خطأ كبيرا، مسترسلة: “يعد الإخلاء في حالة حدوث وباء جريمة، واليوم نهدف إلى لفت انتباه السكان ورئيس البلدية كيكو دو أرمازيم إلى أن سكان فيلا كلوديت بحاجة إلى سياسات اجتماعية للعيش، وأنهم عبارة عن عمال وعاملات يكافحون هنا من أجل حقوقهم”.
لقد سبق أن أرجأت المحكمة الإقليمية الاتحادية استعادة مجمع المبنى، إذ وافق القاضي الفيدرالي فرانسيسكو روبرتو ماتشادو جزئيا على الاستئناف التمهيدي الذي تقدم به أحد محامي السكان، مطالبا بتعليق إعادة الوضع إلى سابق عهده طالما مازال الوباء قائما، لكن الموعد النهائي الذي تم الحديث عنه هو فقط 90 يوما، وسوف تنتهي في شهر يونيو الجاري.
تم بناء المجمع كجزء من برنامج “بيتي، حياتي”، وقد بدأ في ظل حكومة ديلما، واكتمل في ظل حكومة تامر، لكن الحكومة الحالية تعمل على تفويت هذه المجمعات للقطاع الخاص.
عنف شديد وتشريد عائلات..كما لو أنها الحرب
فوجئت حوالي 200 عائلة لا تملك أرضًا من مستوطنة بونداد، الواقعة في المنطقة الريفية من بلدية أماراجي في منطقة الغابات الجنوبية في بيرنامبوكو، بعملية إخلاء عنيفة انطلقت حوالي الساعة 7:00 وانتهت باعتقال سبعة أشخاص، من بينهم طفل يبلغ من العمر 12 عاما.
استيقظ سكان الأراضي على هجمات الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي التي تم إطلاقها من قبل الكتيبة المتخصصة التابعة للشرطة الداخلية (BEPI)، وكتيبة التدخل السريع وسلاح الفرسان التابع لشرطة بيرنامبوكو العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، حلقت طائرة هليكوبتر تابعة لأمانة الدفاع الاجتماعي في بيرنامبوكو فوق أراضي مزرعة بونداد.
وكان هناك طفل أصيب برصاص مطاطي واعتقل رفاقه وضربوا من قبل القوات المقتحمة وأصيب حوالي عشرة أشخاص في هذه العملية. “كان هناك أكثر من 300 ضابط شرطة، وطائرة هليكوبتر تلقي القنابل.. لقد كان شيئا من الناحية العملية أشبه بالحرب”، هكذا عبر أحد السكان من خلال مقطع صوتي.
حاولت العائلات المقاومة مستخدمة ما توفر من إطارات وحجارة، لكن مع عنف الحدث واشتعال النيران في العديد من الأكواخ اضطر بعض السكان إلى الفرار من أجل النجاة بحياتهم عبر الغابة في المنطقة، ومازالوا ضائعين.
وعبر السكان غير ما مرة عن أنه “من العار على هذه الدولة (…) في أوقات الوباء أن تقوم بهذا الإخلاء الوحشي للعائلات التي أصبحت الآن بلا مأوى وبدون طعام”.
وفقًا للسكان فإن الوزارة العامة لبيرنامبوكو (MPPE)، وحاكم بيرنامبوكو باولو كامارا (PSB) ومعهد الأراضي والإصلاح الزراعي في ولاية بيرنامبوكو لم يقدموا حلولا من شأنها ضمان خروج كريم عائلات، وسط نزاع على الأرض مع مالكي مصنع الاتحاد.
تم القبض على إجمالي تسعة أشخاص في سياق العملية، ومع ذلك أطلق سراح اثنين بعد فترة وجيزة، وذهب سبعة إلى مركز الشرطة، وكان من بينهم الشاب البالغ من العمر 12 عاما. وأثناء انتظار وصول قائد الشرطة، الذي كان في بلدة أخرى، حاول ملازم استجواب الصبي ولم يسمح له بلقاء والدته.
مبادرات حركة فلاحين من دون أرض ومجتمعات الفلاحين.. نقطة الضوء وسط عتمة الوضع الصحي
في ظل الوضع الصحي المتدهور وما واكبه من انخفاض في القدرة الشرائية لدى معظم البرازيليين، وتزامنا مع أسبوع الحصاد في بعض المناطق، فقد اتفق سكان المستوطنات ومجتمعات الفلاحين التقليديين في ست مدن في بارانا على إرسال منتجات للعائلات التي تواجه الجوع خلال هذه الفترة الصعبة من جائحة كوفيد-19، ومن المقرر تسليم الطعام في الأيام القليلة بكل مقاطعتي غارابوافا وبينهاو، في المنطقة الجنوبية الوسطى من الولاية.
ستشترك عائلات الفلاحين من ست بلديات في هذه العملية من خلال توفير مواد متنوعة من حبوب وفواكه وخضروات وما إلى ذلك. حوالي ثلاثين مجتمعا تشارك في العمل التضامني..ستكون هذه هي المرة الثالثة التي تجتمع فيها المجتمعات في المنطقة للتبرع بجزء من إنتاجها لأولئك الذين يواجهون عواقب الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها الوباء. في الحدث الأول، الذي أقيم في 30 مايو 2020، تم التبرع بـ 51 طنا من المواد الغذائية، مع مجموعة متنوعة من أكثر من 60 مادة.
من المتوقع أن تصل مجموعة التبرع إلى الأرقام نفسها أو تتجاوزها، كما أنه سيتم تنظيم الطعام في مجموعات من 15 إلى 20 كجم لكل منها. يتم إنتاج معظم العناصر المتبرع بها دون استخدام المبيدات، في البساتين والمحاصيل والحدائق المنزلية في مناطق الإصلاح الزراعي والزراعة الأسرية.
المبادرة هي عبارة عن جزء من حملة وطنية لحركة فلاحين من دون أرض (MST) للتبرع بالغذاء لأولئك الذين يعانون من الجوع خلال هذا الوقت. من أبريل 2020 إلى اليوم، تم التبرع بأكثر من 620 طنا من الطعام من قبل العائلات المستقرة في بارانا.
عبر نيلسون بريتو، مقيم في مستوطنة نوفا جيراساو في غوارابوافا، وعضو في قيادة حركة فلاحين من دون أرض بالمنطقة، عن أن القائمين على هذه العملية هم جزء من مجموعة العمل التي تعمل على تعبئة المجتمعات الريفية، والتي تم تشكيلها في بداية ماي/ أيار، مضيفا: “نحن نواجه تصاعدا في حالات كوفيد-19 في منطقتنا، وانهيار الصحة والأزمة الاقتصادية، لاسيما أن منطقة غارابوافا وحدها تشهد تواجد ما يقرب من 15000 أسرة ممن لا يستطيعون توفير سوى وجبة واحدة فقط في اليوم، لهذا السبب نشعر بالامتياز لوجودنا على الأرض والقدرة على إنتاج طعامنا، وأن نكون متحدين وقادرين على المشاركة في جزء من إنتاج الزراعة العائلية والفلاحية”.
وشدد نيلسون بريتو على اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة ضد انتشار فيروس كورونا، سواء في الزيارات المجتمعية أو جمع الطعام أو في التخطيط لتجميع السلال وتسليمها للمدينة، مضيفا أنه سيتم تجميع معظم مجموعات المواد الغذائية في المجتمعات نفسها ثم إرسالها إلى مواقع التوزيع، مع التسليم في وقت واحد في فرق صغيرة ومع تنظيم قوائم الانتظار.
وتشهد غارابوافا، وهي أكبر مدينة في منطقة جنوب وسط بارانا، أسوأ موجة من كوفيد-19 منذ بداية الوباء، ومع زيادة عدد الحالات والحاجة إلى توسيع تدابير العزلة في ظل انعدام السياسات الحكومة للمساعدة، فإن الجوع أصبح ينتشر بسرعة. وتعيش ما لا يقل عن 15000 أسرة بدخل منخفض وفي فقر مدقع في المدينة، وفقًا لبيانات مجلس المدينة؛ لذا تعتبر هذه المبادرات ذات دلالات إنسانية مهمة وتسليطا للضوء على واقع المنطقة.