مدار + مواقع: 22 سبتمبر/ أيلول 2021
تعيش الهند على وقع أوضاع اقتصادية صعبة زادت تأزما بسبب الجائحة، ما ألقى بالثقل الأكبر على عاتق الفئات الهشة، التي وجدت نفسها في مواجهة القرارات الحكومية القاسية التي تم تنزيلها.
ومر أكثر من عام على الاحتجاجات التي قادها المزارعون في مختلف بقاع الهند ضد القوانين التي تم العمل على تفويتها في تحد للمعنيين، ومحاولة لجعلهم لقمة صائغة لدى الشركات الكبرى، وفقهم، في ظل معاناة البلاد من تزايد مهول في معدلات البطالة.
استمرار احتجاجات المزارعين
منذ الأيام الأولى من شتنبر/ أيلول ارتفعت احتجاجات المزارعين بوتيرة كبيرة في الهند من جديد. وتأتي عودة عشرات الآلاف من المزارعين لملء شوارع ومحيط العاصمة نيودلهي نتيجة إصرار الحكومة اليمينية على الاستمرار في سياستها، وضد القوانين الزراعية الثلاثة.
وكانت الحركة الاحتجاجية احتفلت بالذكرى الأولى لانطلاقتها في نهاية غشت/ آب، بتنظيم تجمع وطني رمزي، لمدة يومين، شارك فيه قرابة 1500 ممثل للفلاحين والعمال والمنظمات الشبابية والطلابية والنسوية. واعتبر هذا التجمع الاحتجاجي المشترك من الإنجازات الكبيرة للحركة الاحتجاجية، التي تعد الأطول في تاريخ الهند.
وبموازاة الاحتجاجات الحالية، لم تنجح، حتى الآن، المفاوضات بين المحتجين والحكومة المركزية؛ وكانت قد انتهت أكثر من عشر جولات منها دون نتيجة تذكر. وترتكز مطالب المحتجين على سحب القوانين الزراعية الثلاثة، مع استمرار مطالب الفلاحين المتكررة بضرورة ضمان حد أدنى لأسعار شراء المحاصيل.
ورغم الاحتجاجات الكبيرة، كان رفع أسعار الشراء هذا العام محدودا جدا حسب قادة الاحتجاجات، إذ بلغ لمحصول القمح الموسمي 2 في المائة فقط. ويعكس هذا مدى إصرار الحكومة على الاستمرار في النهج نفسه الذي يعتبره المحتجون بمثابة مؤشر يزيد من مخاوف الفلاحين حول المستقبل.
لذلك ليس من المستغرب أن تتسع الاحتجاجات في العديد من الأماكن، وتكتسب قوة مرة أخرى. وتشير التقارير الإعلامية إلى أن ولايات كالبنجاب وهاريانا وأوتار براديش، حيث تتمتع الحركات الفلاحية والنقابية الكبيرة بتقاليد عريقة، شهدت تحركات كبيرة وتعبئة في سبيل الاستمرار حتى إسقاط القوانين وتحسين أوضاع المزارعين.
ويعود سبب هذه الاحتجاجات إلى القوانين التي تبنتها الحكومة، مبررة موقفها بأنها تمكن الفلاحين من بيع منتجاتهم مباشرة لتجار الجملة خارج الأسواق التي تنظمها الدولة؛ وبالتالي سيتحرر الفلاحون من القيود، وسيتمكنون من الحصول على أسعار أفضل.
لكن في الجانب الآخر يرى الفلاحون أن الأمر مختلف تماما، فهم ينظرون إلى هذه القوانين الجديدة على أنها تؤثر سلبا على معيشتهم، ولا تترك لهم سوى القليل من القدرة على مساومة التجار الكبار ومصنعي الأغذية.
ارتفاع في مؤشرات البطالة وأزمات نفسية
حذر خبراء هنود بالتزامن مع اليوم العالمي لمنع الانتحار الموافق لـ 10 شتنبر/ أيلول من الارتفاع الذي شهدته البلاد في أعداد المنتحرين، خصوصا وسط الشباب؛ فوفق بيانات رسمية سجلت الهند 139 ألفا و123 حالة انتحار في 2019، بزيادة قدرها 3.4 بالمائة عن عام 2018، وهو الأمر الذي ارتفع بشكل كبير في خضم الجائحة.
وقالت شوبهانجي باركار، الرئيسة السابقة لقسم الطب النفسي في مستشفى بمدينة “مومباي”، في تصريح صحافي: “بينما من المتوقع أن تنتهي الجائحة قريبا فإن آثارها التي تختبر الصحة الاقتصادية والنفسية سيطول أمدها”، مضيفة: “لا بد من تحسين البنية التحتية لدعم الصحة النفسية وإتاحة مرافقها”، وداعية إلى “معالجة تأثير الفيروس على الصحة النفسية واتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب”؛ كما أوضحت أن “فقدان الوظائف يعد عاملا حاسما يؤدي إلى أزمات نفسية مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة”.
وعاشت الهند يوم الجمعة الماضي على وقع احتجاجات نظمها شباب ضد تزايد نسب البطالة، تزامنت مع احتفال الحزب الحاكم بعيد ميلاد رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الـ71.
وحاول الشباب الذين خرجوا للاحتجاج في العاصمة إيصال معاناتهم والضغط على الحكومة من أجل إيجاد حلول عاجلة لهم، وتمثل ذلك من خلال اللافتة الكبيرة التي تم رفعها، واحتوت رسالة: “الحكومة.. أعطوا وظائف للشباب”؛ كما حاولوا من خلال احتجاجهم الوصول إلى المكاتب الحكومية في دلهي من خلال القفز على حواجز الشرطة، لكن تم منعهم من ذلك.
وألقت الشرطة القبض على بعض المتظاهرين واقتادتهم في حافلة، لكن تم إطلاق سراحهم بعد تعرض بعضهم للعنف داخل مراكز الشرطة، حسب متظاهرين.
وكان مركز مراقبة الاقتصاد الهندي، وهو مؤسسة فكرية خاصة، أعلن أنه في أغسطس 2021 بلغ معدل البطالة في الهند 8.32%، وبلغ معدل بطالة الشباب حوالي 27.7%؛ وهي أرقام لا تعبر حسب مطلعين على الوضع في الهند عن الوضع الحقيقي للبطالة في البلاد.