500 مشارك من العالم يناقشون في فنزويلا البديل الاجتماعي للرأسمالية

مشاركة المقال

مدار: 23 نيسان/ أبريل 2024

على مدار ثلاثة أيام، من 18 إلى 20 أبريل/ نيسان الجاري، اجتمع أكثر من 500 مشارك، من حركات اجتماعية ونقابات عمالية وأحزاب يسارية من الأمريكتين وأفريقيا وآسيا وأوروبا والمنطقة العربية والمغاربية جنبًا إلى جنب، بالعاصمة الفنزويلية كراكاس، في إطار لقاء “البديل الاجتماعي العالمي” الدولي، بدعوة من معهد سيمون بوليفار و”التحالف البوليفاري لشعوب أمريكيتنا (ALBA-TCP)”.

تم في اليومين الأولين مناقشة المهام الملحة للحركات اليسارية والتقدمية، من أجل تنظيم الجماهير ومواجهة أزمة المناخ وصعود اليمين والهجمات الإمبريالية، وسبل تعزيز التضامن الأممي، كما شدد المتحدثون أيضًا على العلاقة بين الحكومات التقدمية والمشاريع السياسية والحركات الجماهيرية، والحاجة إلى مستويات أكبر من التنسيق والدعم.

ويأتي الاجتماع قبل ثلاثة أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية في فنزويلا، والتي استبقتها الحكومة الأمريكية بتصنيفها بـ “غير ديمقراطية”، واستخدمت ذلك كذريعة لتكثيف الإجراءات القسرية الأحادية الجانب ضد هذا البلد الأمريكي الجنوبي.

وشدد المتدخلون طوال اليومين الأولين من المناقشات على ضرورة التضامن مع الشعب الفنزويلي الذي ظل يقاوم على مدى السنوات العشر الماضية في مواجهة العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب، وبالرغم من التحديات الهائلة، استمر في تعميق ثورته.

ولم يفت الاجتماع التأكيد على الرفض التام للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، وصنف الصهيونية كأداة وحشية للإمبريالية الأمريكية، كما تمت الإشادة بشجاعة وبطولية الشعب الفلسطيني، الذي يواصل كفاحه الوطني لأزيد من 75 عام ضد المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني، واعتبر المشاركون هذه المقاومة بمثابة إلهام للشعوب المضطهدة في جميع أنحاء العالم.

“بدائل اجتماعية أفضل”

واعتبر الأمين التنفيذي لـ “التحالف البوليفاري لشعوب أمريكتنا – ألبا (ALBA-TCP)، خورخي أريازا، أثناء حديثه للإعلام، إن هذا اللقاء يشكل فرصة لمناقشة بدائل اجتماعية أفضل للعالم في ظل الظروف الصعبة التي يمر منها.

وشدد على الحاجة لتبادل الأفكار بشكل أعمق، حول طرق الاشتغال.

وذكر أريازا أن المساهمات التي تم تقديمها أثناء اللقاء، كانت “قيمة للغاية” و”ستسمح بالتقدم بطريقة ملموسة”، مسطرا على ضرورة تجنب الخلافات والاستقطابات التي “تعتبر في الوقت الراهن خطيئة مميتة”، حسب تعبيره.

وقالت ستيفاني ويذربي، من القمة العالمية للشعوب، إنه من خلال فكرة “نهاية التاريخ” أرادوا حرمان الشعوب من الحلم بتجاوز “اللامساواة الوحشية والمجتمع المنعزل والمفتت الذي تفرضه النيوليبرالية عليها”.

وأكدت ويذربي أن هذه الرواية تنكر البدائل الموجودة بالفعل للرأسمالية والنيوليبرالية، وتساءلت: “ما هي كوبا، ما هي فيتنام، ما هي الصين، ما هي فنزويلا؟”، وأضافت إن “على المنظمات الشعبية دائمًا أن تتحرك للأمام. أولئك الذين يعتبرون المنظمات خطراً يخافون من الثورة، وهذا الضعف في منظماتنا يفتح فجوات حيث تنمو الفاشية”.

الرئيس الفنزويلي يدعو إلى وضع استراتيجيات جديدة

عرف لقاء “البديل الاجتماعي العالمي”، حضور الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي دعا الحاضرين إلى تطوير استراتيجيات جديدة من شأنها أن تسمح للشعوب المستقلة وذات السيادة بمواصلة النضال بنجاح ضد الإمبريالية.

وقال: “لقد حان الوقت للحركات الاجتماعية و’آلبا’ للعمل على رؤية واسعة، لتنظيم بديل اجتماعي عالمي جديد ضد الرأسمالية والفاشية، ومن أجل عالم يسوده السلام والحب والحياة والأمل. عالم متعدد الأقطاب قائم على الشعوب”.

وشدد على أنه لتحقيق ذلك لا بد من وجود وعي شعبي كامل، “لأن الشعوب الواعية والمعبأة والمنظمة والمتمكنة هي وحدها القادرة على بناء العالم الجديد”.

ومن أجل تعزيز العمل المنسق بين الشعب والحكومة، أكد على أن التكوين يجب أن ينطلق من القاعدة الشعبية. “إنه لا يتعلق بالرفاق فقط، إنه يتعلق بالقيم التي يتم تعليمها للشعب. هو الإيمان بالناس. يجب أن يتم تكوينهم من الأسفل إلى الأعلى. هو تفعيل نضالاتهم باستمرار؛ هو الإيمان بالقوة الروحية، والهوية، والجذور؛ هو أن تزرع اليوم، لتحصد غدًا، ثم تزرع مرة أخرى، لتكون في تجدد دائم”.

الرئيس الفنزويلي سطّر على ضرورة الاستماع إلى الناس لتعلم قبول الانتقادات التي تؤدي إلى مقترحات أفضل لتحسين النظام، وقال: “يجب علينا تجديد الخطاب والسياسات العامة، كما يجب علينا أن نتعلم الاستماع إلى الانتقادات اللاذعة التي يوجهها الناس، وجهاً لوجه، ونترك الانتقادات تأتي”.

وأضاف: “نحن نرحب بالنقد (..) إن معرفة كيفية القيام بالنقد الذاتي من أجل المضي قدمًا، وزرع الأمل، وليس جلد الذات وتدميرها، وإحباط معنويات الناس، يجب أن نتعلم، ونمضي قدمًا”.

وصرّح نيكولاس مادورو إن الشعب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يزداد قوة، “شعبنا خلال هذه السنوات الـ 11، أعتقد ذلك وسترون ذلك في الأيام المقبلة، أصبح أفضل تنظيما، إنه شعب ذو قيم ومبادئ، إنه شعب متمكن، وإذا كان أي شخص يملك النصر في جميع المواقف التي كان علينا مواجهتها، إذا كان أي شخص يملك النصر ضد الحصار والعقوبات والمؤامرات وكل ما فعلته الإمبريالية، فهو ينتمي إلى شعب فنزويلا النبيل، المعبأ، الواعي، المتمكن والمنظم لضمان المستقبل”.

الشباب يريد إنهاء الإمبريالية

وكان اليوم الثالث من هذا اللقاء مناسبة لتنظيم ندوة الشباب المناهض للإمبريالية بالنضال والتضامن، وشارك في هذا الحدث جينيسيس غارفيت، رئيس بعثة الشباب وممثل الجمعية الوطنية الفنزويليتين، والذي أكد بدوره على الحاجة الملحة للتوصل إلى حل أممي لمواجهة الإمبريالية.

وشدد غارفيت أثناء كلمة ألقاها أمام الحضور على أن “الإمبريالية مشكلة عالمية تتطلب استجابة مشتركة ومنسقة من جميع البلدان”، ملحّا على ضرورة التضامن بين الشباب في كل بلد. وأردف بالقول: “لكل شعب أجندته النضالية الخاصة، لكن مواجهة الإمبريالية تتطلب استجابة مشتركة ومنسقة”.

ويشار إلى أن الندوة كانت مساحة لـ “تبادل الأفكار والاستراتيجيات لتحقيق تغيير نهائي في النموذج الحالي” حسب المنظمين، وقال غارفيت: “يجب أن تؤدي هذه الاجتماعات إلى تغيير نهائي في النموذج الإمبريالي وعلينا أن نهزمهم، وهذا أحد الدروس التي نود كشباب فنزويلي أن نتقاسمها مع كل واحد من إخواننا هنا”.

وشملت بعض المواضيع التي تمت مناقشتها، تأثير الإمبريالية على المنصات الرقمية والتلاعب المعرفي بالأجيال الشابة. وحذر المتحدث ذاته من مخاطر فقدان التركيز ومهارات التفكير النقدي في مواجهة هذا التهديد المتزايد، ودعا الشباب إلى التنبه ومقاومة هذا التأثير الذي يسعى لتحريف الحقيقة، وفق قوله.

وخلصت اجتماعات الشباب إلى أن “القوى الإمبريالية لا تقدم حلولًا لمشاكلنا الراهنة، فبدلاً من الدبلوماسية، تتعامل الإمبراطورية الأمريكية مع قضاياها من خلال اللجوء إلى القوة المسلحة والتدمير، وبدلاً من العمل نحو كوكب مستدام، فإنها تواصل تدمير النظام البيئي من أجل الربح على حساب من هم أضعف”.

“إننا في الوقت نفسه نشهد على تدهور الإمبراطورية: فشل المبادرات والاستثمارات العسكرية الأمريكية في أوكرانيا وفلسطين، رفض بلدان الساحل الوجود العسكري للولايات المتحدة وفرنسا، نهوض البلدان حول العالم قصد تحقيق السيادة وتقرير المصير الحقيقي، إلى جانب بناء مسارات جديدة للتعاون”، يتابع الشباب المشاركون.

كما كانت الاجتماعات فرصة لوضع اللبنات الأولى لـ “تطوير رؤية لمشروع الحد الأدنى المشترك ضد الإمبريالية المتسارعة”.

وشدد الحضور الشاب على “الالتزام بهذه الرؤية لأجندة اجتماعية عالمية تتضمن مقترحات ومطالب ملموسة حول الديمقراطية والنظام العالمي”، وطالب بـ “العدالة البيئية، هيكلة جديدة للتمويل والديون، تحسين الصحة والسكن والغذاء والتعليم والعمل والرعاية الاجتماعية وحقوق النساء ومجتمعات الـ ‘LGBTQ+’ والثقافة والعالم الرقمي – على أن يكون كل ذلك موجه نحو خدمة الشعوب والتضامن”.

وختم هؤلاء الشباب بالقول: “نرى أن الشباب جزء أساسي من هذا المشروع، يجلب وجهات نظر فريدة تستند إلى دروس النضالات الماضية. يمكننا وسننضم إلى هذا المشروع الذي يتعارض مع الإحساس بالعدمية والهزيمة الذي يتعامل معها الكثير من الشباب”.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة