هل قدّم المغرب الدعم للآلة الحربية الإسرائيلية؟

مشاركة المقال

مدار: 22 حزيران/ يونيو 2024

بينما يتواصل العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تعرف العلاقة العسكرية المغربية الإسرائيلية دينامية كبيرة، من صفقات الأسلحة إلى المشاريع المشتركة، بالإضافة إلى توفير المؤونة لقطع تابعة للآلة الحربية للاحتلال.

رست سفينة الإنزال البحري الإسرائيلية الجديدة “INS Komemiyut”، في ميناء طنجة بالمغرب، من أجل التزود بالمؤونة، أثناء إبحارها من باسكاجولا في المسيسيبي إلى القاعدة البحرية في حيفا.

معطيات أظهرتها منصات تقفي السفن، وأكدتها مصادر إعلامية عبرية، بينت أن السفينة التابعة للجيش الإسرائيلي قضت بين 06 و07 حزيران/ يونيو في الميناء المغربي، حيث تزودت بالطعام والوقود. خلال ذلك، قام طاقم السفينة بإيقاف تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال بها، من أجل تجنب رصدها على ما يبدو.

وأنهت القطعة العسكرية الإسرائيلية رحلتها يوم الـ 16 من الشهر الجاري بعدما وصلت إلى الأراضي المحتلة.

ويُستعمل هذا النوع من السفن لإنزال الجنود بسرعة على الشاطئ. و “تعد سفينة الإنزال جزءا من تكيف البحرية مع الحرب متعددة الساحات التي يمكن أن تكون أكثر حدة من الحرب الحالية في غزة، والتي تتطلب النقل اللوجستي للمعدات ونقل الجنود المقاتلين إلى وجهات مثل لبنان، أو دول أخرى”، يقول موقع “Globes” العبري.

ليست هذه هي المرة التي يوفر فيها المغرب الدعم لقطع بحرية تابعة للجيش الإسرائيلي، فقد استقبل ميناء طنجة في سبتمبر/ أيلول الماضي سفينة إنزال أخرى تحمل إسم “INS Nachshon”، يوضح المصدر ذاته.

ويشهد المغرب منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تظاهرات حاشدة في مختلف أنحاء البلاد، تتضامن مع فلسطين وتطالب بإسقاط التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويشكل هذا البلد الشمال إفريقي إحدى الساحات التي لم تهدأ منذ بداية العدوان في قطاع غزة.

في سياق متصل، أظهر استطلاع حديث لـ “البارومتر العربي”، أن نسبة تأييد التطبيع في صفوف المغاربة هوت من 31 في المائة سنة 2022، إلى 13 في المائة فقط خلال هذا العام، مبرزا أن هذه النسبة تمثل “القلة القليلة”.

ووفق المصدر ذاته، فإن المغاربة المستطلعة آراؤهم لا يرون أن ما يحدث في غزة “حرب”، بل “وصفتها أكبر نسبة منهم بالمذبحة (26 بالمئة) والحرب (24 بالمئة) والإبادة الجماعية (14 بالمئة) والقتل الجماعي (14 بالمئة)”.

ويطرح استقبال السفن التابعة للآلة الحربية الإسرائيلية وتمكينها من المؤونة علامات استفهام كبيرة حول الموقف المغربي الرسمي مما يجري في فلسطين، خصوصا وأن العزلة الدولية للكيان المحتل في تعمق مستمر.

وعلى النقيض من الممارسة الرسمية المغربية، كانت جارتها إسبانيا رفضت السماح لسفينة محملة بالأسلحة متجه إلى إسرائيل من الرسو في إحدى موانئها منتصف الشهر الماضي.

علاقة بذلك، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، “هذه هي المرة الأولى التي نقوم فيها بذلك؛ لأنها المرة الأولى التي نرصد فيها سفينة تحمل شحنة أسلحة إلى إسرائيل تريد أن ترسو في ميناء إسباني”، وزاد أثناء مؤتمر صحافي: “سترفض وزارة الخارجية بشكل منهجي عمليات الرسو هذه لسبب واضح، الشرق الأوسط لا يحتاج إلى مزيد من الأسلحة، بل يحتاج إلى مزيد من السلام”.

هل يتعلق الأمر بالسفن البحرية فحسب؟ في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، حطت طائرة عسكرية من طراز “C130” لوكهيد – هيركوليس في شمال المغرب، على الأرجح في مطار صغير بمدينة وزان، في رحلة غامضة وذات أسباب بقيت طي الكتمان حتى الآن، ومع ذلك، فإن الطائرة نفسها، وحسب ما تبينه منصات الإستطلاع، تشارك بكثافة في العمليات العسكرية في قطاع غزة.

الموقف الرسمي للرباط مما يجري في فلسطين عبّر عنه العاهل المغربي منتصف أيار/ مايو الماضي، خلال القمة العربية الـ 33 المنعقدة في المنامة، ووصف الملك محمد السادس، في كلمة ألقاها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ما يمارسه الإسرائيليون في حق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بـ “العدوان السافر”، وقال: “نجدد إدانتنا القوية لقتل الأبرياء. كما نؤكد أن فرض واقع جديد في قطاع غزة، ومحاولات التهجير القسري للفلسطينيين، أمر مرفوض، لن يزيد إلا من تفاقم الأوضاع، ومن زيادة حدة العنف وعدم الاستقرار”.

وكان موقع “أفريكا أنتلجنس” المقرب من أجهزة المخابرات الفرنسية، أورد في العاشر من هذا الشهر أن الحرب في غزة أدت إلى إضعاف العلاقة المغربية الإسرائيلية إلى حد كبير، لكن التبادلات التجارية مستمرة وإن كانت محاطة بقدر كبير من التكتم.

وأشار التقرير الإعلامي ذاته إلى أن المسؤولين المغاربة والإسرائيليين يفضلون عقد اجتماعاتهم بعيدا عن الأضواء، عكس ما جرت عليه العادة بعد تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرباط أواخر سنة 2022.

وتزيد المظاهرات المناهضة للتطبيع، خصوصا تلك التي تقودها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، ودعوات مقاطعة الشركات المرتبطة بالمصالح الإسرائيلية، والموقف الشعبي العام المؤيد لفلسطين، من الضغوط على المسؤولين المغاربة الذي كانوا حتى وقت قريب يتفاخرون بانخراطهم في توطيد العلاقات مع الكيان المحتل.

وكانت محكمة العدل الدولية، في 26 كانون الثاني/ يناير 2024، وجدت أن هناك أدلة “معقولة” على أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة؛ وجاء تدخل المحكمة بعد الدعوى التي تقدمت بها جنوب أفريقيا حول انتهاك إسرائيل التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها (1948).

ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أظهرت تقارير عديدة أن المغرب يواصل بقوة تعاونه العسكري مع إسرائيل.

وبالرغم من الحرب في غزة، التي خلّفت حتى الآن استشهاد 37551 فلسطيني وإصابة 85911 آخرين، جلهم من النساء والأطفال، فإن الرباط طلبت من تل أبيب شراء قمرين اصطناعيين للتجسس من طراز “Ofek”، حسب تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، ونقله موقع “NZIV” العبري. ويشار إلى أن هذه العائلة من الأقمار الاصطناعية ذات القدرات الاستخباراتية والأمنية من تصنيع شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI) التي تشكل منتجاتها العمود الفقري للأدوات الحربية المستعملة في غزة.

“بلوبيرد” للأنظمة الجوية، وهي شركة فرعية لـ “IAI”، كشفت قبل ثلاثة أشهر عن إجراء تجارب على مسيرات انتحارية من طراز “SpyX” على الأراضي المغربية، وهو سلاح متخصص في تدمير المدرعات كانت القوات المسلحة المغربية حصلت على حزمة منه لتعزيز ترسانتها الحربية.

المدير التنفيذي للشركة الإسرائيلية نفسها، صرّح في منتصف أيلول/ أبريل إنهم يعتزمون افتتاح موقع لصناعة المسيرات العسكرية في المغرب، مضيفا أنه قد تمت إقامة الموقع الصناعي بالفعل؛ وهو جزء من مخطط لإقامة موقعين صناعيين من الطراز نفسه.

أثناء مناورات الأسد الإفريقي لسنة 2024، التي يجريها الجيشين المغربي والأمريكي بشكل مشترك، ظهر بحوزة القوات الخاصة المغربية منصة “الروبوت التكتيكي الصغير الأرضي” (MTGR)، المتعدد المهام، خصوصا في حرب الأنفاق، وهو سلاح مسير من تصنيع شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية أيضا.

دينامية عسكرية كبيرة تجري بين المغاربة والإسرائيليين، من شأنها أن تعزز الترسانة الحربية للاحتلال، بينما يتواصل “العدوان السافر” على الفلسطينيين في غزة.

ويشار إلى أن وزارتي الدفاع المغربية والإسرائيلية أبرمتا في تشرين الثاني/ نونبر 2022 “مذكرة تفاهم دفاعية” استراتيجية، لترسيم العلاقات العسكرية بينهما، خصوصا في مجالات الاستخبارات والتعاون الصناعي والتدريب العسكري.

وكانت الرباط وتل أبيب أقامتا علاقات دبلوماسية إثر توقيع اتفاقات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، قبل أن تقطعها المملكة بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية سنة 2000؛ إلى أن استأنفتا علاقاتهما الدبلوماسية في كانون الأول/ ديسمبر 2020، في إطار ترتيب اعترفت بموجبه الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، في سياق ما عرف باتفاقات أبراهام التي شملت الإمارات والبحرين والسودان.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة