منع الماء عن سكان غزة وجه آخر لجريمة الإبادة الجماعية 

مشاركة المقال

مدار: 17 كانون الثاني/ يناير 2024

تواجه مناطق مدينة غزة وشمال القطاع مأساة مروعة نتيجة شح مصادر المياه الصالحة الشرب، ومنع وصولها من طرف الكيان الصهيوني.

وترى المنظمات الحقوقية الدولية أن ذلك بمثابة حكم بالإعدام، ويشكل جريمة حرب.

وحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن هذه الجريمة، بمثابة شكل من أشكال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد  لسكان المدنيين في القطاع منذ السابع من تشرين أول /أكتوبر من العام الماضي.

وحذرت الهيئة الحقوقية من أن نقص مياه الشرب في قطاع غزة بات “مسألة حياة أو موت”، في وقت يجبر السكان على استخدام مياه غير نظيفة من الآبار، وهو ما ساهم في انتشار الأمراض المنقولة والمعدية، خاصة مع انقطاع الكهرباء الذي ساعد في نقص إمدادات المياه.

“العطش يغزو مناطق مدينة غزة وشمالها بشكل صادم بسبب قطع إمدادات المياه عن القطاع والقصف الإسرائيلي المنهجي والمتعمد لآبار ومصادر المياه، إلى جانب نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات تحويل وتوزيع المياه”، يضيف تقرير صدر أول أمس الإثنين.

ويذكر أن قطاع غزة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، وحتى قبل العدوان الصهيوني،كان يواجه أزمة خانقة في توفر مياه آمنة للشرب فقدها أكثر من 90 % من السكان الذين تجاوز عددهم 2.3 مليون نسمة، ويعيشون بالحد الأدنى من الخدمات الأساسية في واقع اقتصادي متردٍّ.

واستعرض التقرير تداعيات الدمار الكلي الذي لحق الأسبوع الماضي بخزّاني “البلد” و”الرمال” الرئيسين في مدينة غزة، نتيجة تجريف الجيش الإسرائيلي لهما خلال عملياته البرية العسكرية في المنطقة.

وأدى تدمير ما لا يقل عن 12 بئرًا بفعل القصف الإسرائيلي إلى نقص حاد وغير مسبوق في المياه في مدينة غزة.

من جانبها، أوضحت سلطة المياه الفلسطينية، إن الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستمرة دمرت البنية التحتية المائية في قطاع غزة، بما ما لا يقل عن 65% من آبار المياه في مدينة غزة وشمال القطاع.

وفرضت إسرائيل إغلاقًا شاملًا على القطاع ومنعت إمدادات الغذاء والماء والوقود وغيرها من الاحتياجات الإنسانية الأساسية، ودمرت لاحقًا محطات وخزانات المياه بشكل منهجي ومتعمد، مباشرة بعد السابع من أكتوبر.

وعلى وقع الضغوط الدولية، سمح الاحتلال بدخول 100 شاحنة مساعدات يوميًّا إلى القطاع عبر معبر رفح البري، وهي معدلات لا تقارن مع متوسط حمولة 500 شاحنة كانت تدخل لتلبية الاحتياجات الإنسانية قبل الحرب.

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أشار إلى أن سكان مخيم جباليا للاجئين لم يتذوّقوا مياه الشرب النظيفة منذ بدء الهجمات العسكرية الإسرائيلية، مستعرضًا شهادات لغزاويين يعيشون وسط مخيم جباليا يضطرون لشرب المياه المالحة والمستخدمة للحياة اليومية والتي يتم توفيرها بصعوبة.

وتزداد المخاوف بشأن الأمراض المنقولة والمعدية عن طريق المياه مثل الكوليرا والإسهال المزمن بشكل خاص، نظرًا لنقص المياه الصالحة للشرب، خاصة بعد هطول الأمطار والفيضانات في ظل موسم الشتاء.

وتتزايد المخاطر الصحية مع شرب المياه المالحة التي لجأ إليها سكان القطاع المحاصر.

يحظر القانون الإنساني الدولي مهاجمة أو تدمير أو تعطيل الأعيان والمنشآت التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، بما يشمل مرافق مياه الشرب وشبكاتها، كما ويحظر وبشكل صارم استخدام التجويع والتعطيش كوسيلة من وسائل الحرب، وتعتبر انتهاكًا جسيمًا وعقابًا جماعيًا محظورًا.

وينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن تجويع المدنيين عمدًا من خلال حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية، يعتبر جريمة حرب.

أكّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الحرمان الشديد والمتواصل للسكان المدنيين في قطاع غزة من المياه الصالحة للشرب وبالكميات الكافية، يعتبر شكلًا من أشكال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضدهم منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول من العام الماضي، كونه يلحق أضرارًا جسيمة بالسكان المدنيين الفلسطينيين في القطاع، ويخضعهم لأحوال معيشية يقصد بها تدميرهم الفعلي، وذلك وفقًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والأحكام القضائية الدولية ذات الصلة.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة