لقد دمّر أعداؤكم فلسطين الموحدة.. سكنت جراحي الكثير من فلسطين: المراسلة التاسعة والأربعون (2023)

مشاركة المقال

معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي + مدار: 08 كانون الثاني/ يناير 2024*

فيجاي براشاد

ملك مطر (فلسطين)، حياة سرقت قبل أن تبدأ، 2023.

إن فحش عبارة “الهدنة الإنسانية” واضح، فليس هناك أي شيء إنساني في فترة فاصلة قصيرة بين نوبات عنف مروعة. ليست هناك “هدنة” حقيقية، بل مجرد الهدوء الذي يسبق العاصفة. إننا نشهد تجسيدا للبيروقراطية اللاأخلاقية، كما أن المصطلحات القديمة ذات المعاني الكبيرة (الإنسانية) أصبح يتم اختزالها في عبارات جديدة فارغة، ما يجعلها تخون معانيها الأصلية. يضاف إلى هذا أنه وحتى قبل إزالة الأنقاض التي خلفتها الطلقات الأولى من القنابل الإسرائيلية استؤنف القصف بالشراسة نفسها التي تم عليها من قبل.

لقد تعرضت كلمة “الإنسانية” لأضرار بالغة من قبل الغرب، وهو ما يذكرنا بعبارة أخرى: “التدخل الإنساني”، التي تم استخدامها كغطاء لتدمير ليبيا عام 2011 بعد أن تم انتزاع شرعية التدخل العسكري الغربي بسبب الغزو الأمريكي غير القانوني للعراق في عام 2003. ولإعادة تأهيل هذه الشرعية، قام الغرب مدفوعا بالأمم المتحدة بعقد مؤتمر أسفر عن مبدأ جديد، ألا وهو “مسؤولية الحماية”، الذي رغم ادعائه “ضمان عدم فشل المجتمع الدولي مرة أخرى في وقف الجرائم الفظيعة الجماعية المتمثلة في الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي”، وبدلا من ذلك، منح الغرب تفويضا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة) لاستخدام القوة، وقد وقع الهجوم على ليبيا عام 2011 بموجب هذا المبدأ.

لقد تم استخدام ستار الإنسانية لتدمير الدولة الليبية وإلقاء البلاد في ما يبدو أنها حرب أهلية دائمة. لم تكن هناك حتى نفحة من المسؤولية عن الحماية عندما يتعلق الأمر بالقصف الإسرائيلي على غزة (ليس في الفترة 2008-2009 وليس عام 2014 وليس الآن).

لا يبدو أنه من المهم أن يكون عدد الفلسطينيين الذين شردوا وقتلوا على يد الإسرائيليين منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول أكبر من عدد الذين شردوا وقتلوا في نكبة عام 1948. إذا كانت كلمة “الإنسانية” تعني شيئا عام 1948 فمن المؤكد أنها فقدت الكثير من معانيها في الوقت الحالي.

هناء مال الله (العراق)، نهب متحف الفن، 2003.

مع تزايد عدد الشهداء والنازحين ينمو الشعور بالخدر، لاسيما أن الأمر بدأ بمائة قتيل، لتتوالى الأعداد لتصل إلى عشرات الآلاف. قُتل في العراق ما يقرب من مليون شخص بسبب الهجوم الأمريكي، وأجبر الحجم الهائل للوفيات وعدم الكشف عن هوية الأشخاص المتسببين فيها على الابتعاد عن بقية العالم. من الصعب الالتفاف حول هذه الأرقام إلا إذا كانت هناك قصص مكتوبة لكل واحد من القتلى والنازحين.

جزء من المشكلة هنا هو أن الانقسام الدولي حول دلالة الإنسانية يؤدي إلى المحاسبة غير العادية للحياة البشرية: فهل عومل الفلسطينيون الذين قتلوا في غزة بالقدر نفسه من الكرامة التي عومل بها الإسرائيليون الذين قتلوا في السابع من أكتوبر؟ هل لحياتهم أو موتهم قيمة متساوية؟ إن الاستجابة غير المتكافئة لهذه الوفيات، إلى جانب القبول غير النقدي لهذا التفاوت، يشيران إلى أن هذا الانقسام الدولي حول دلالة الإنسانية مازال قائما، وهو ليس فقط غير مقبول، بل تتم إستدامته من قبل القادة الغربيين، الذين يسمحون بقتل المزيد من الأجساد بنّية اللون أكثر من غيرها البيضاء، إذ يُنظر إلى الأخيرة على أنها ثمينة، بينما يُنظر إلى أولى على أنه يمكن التخلص منها.

عبد الرحمن المزين (فلسطين)، بدون عنوان، 2000.

خلال “الهدنة الإنسانية” جرت عملية نقل رهائن، تم من خلالها إطلاق 110 إسرائيليا من قبل حماس والفصائل الفلسطينية، في حين أفرجت السلطات الإسرائيلية عن 240 امرأة وطفل فلسطيني. إن قصص “الضحايا” الإسرائيليين، والعديد منهم من سكان المستوطنات القريبة من السياج الحدودي لغزة، وغيرهم من المحتجزين مثل الباحثين الميدانيين التايلانديين والنيباليين، أصبحت معروفة الآن، بينما قصص الضحايا الفلسطينيين هي أقل مناقشة وأقل فهما بكثير. من الأمور التي يتم تجاهلها بالقدر نفسه حقيقة أن إسرائيل شنت بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول حملة واسعة النطاق، اعتقلت على إثرها أزيد من 3000 فلسطيني، من بينهم ما يقرب من 200 طفل (في حدود 07 كانون الأول/ ديسمبر 2023: ملاحظة مدار). إن عدد الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية الآن أكبر مما كان عليه الأمر قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول، فخلال الأيام الأربعة الأولى من الهدنة وحدها اعتقلت إسرائيل عددا من الفلسطينيين يعادل تقريبا الذي أفرجت عنه خلال عملية تبادل الرهائن.

تجدر الإشارة إلى أن معظم (أكثر من الثلثين) الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية لم يُتهموا مطلقا بأي جريمة، وتم احتجازهم في “الاعتقال الإداري” ضمن النظام القانوني العسكري، ما يعني أنهم محتجزون دون تحديد أمد زمني ودون محاكمة ودون أن تكون لهم تهم محددة، وهو الأمر الذي اعتبرته منظمة حقوق الإنسان “بيتسيلم” يندرج ضمن الخطط لخرق القانون في المستقبل.

هذا الوضع تسبب في ضياع العديد من المعتقلين في متاهة نظام الاعتقال الإسرائيلي إلى أجل غير مسمى، في ظل حرمانهم من أبسط حقوقهم في المثول أمام المحكمة والتواصل مع محامي وحتى حرمانهم من الوصول إلى الأدلة التي تم إثرها اعتقالهم. وتضم السجون الإسرائيلية حاليا أكثر من 7000 معتقل سياسي فلسطيني، والعديد منهم مرتبطون بفصائل يسارية (مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين). كما يوجد أكثر 2000 من هؤلاء المعتقلين رهن الاعتقال الإداري (هذه الأرقام في حدود 07 كانون الأول/ ديسمبر 2023: ملاحظة مدار).

العديد من المعتقلين الفلسطينيين هم من الأطفال، بحيث يقضون سنوات طويلة في سجون النظام الإسرائيلي، وغالبا ما يكونون رهن الاعتقال الإداري دون أن تكون لهم القدرة على تقديم دعوى لإطلاق سراحهم. هذا وأفادت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال (فلسطين) على أن كل عام يتم اعتقال ما بين 500 و700 طفل. كما أظهر تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) عام 2015 أن إسرائيل تنتهك بشكل كامل اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل (1990)، في وقت تنص المادة 37 منها على أنه “لا يجوز وفقا للقانون استخدام الاعتقال أو الاحتجاز أو السجن إلا كملجأ أخير ولأقصر مدة زمنية”. وأظهرت العديد من الحالات والأمثلة استخدام إسرائيل الاعتقال كملاذ أول، واحتجاز الأطفال لفترات طويلة.

قامت المنظمة العالمية للدفاع عن الأطفال بدراسة إفادات تحت القسم من 766 طفلا محتجزين من الضفة الغربية المحتلة، تم اعتقالهم في الفترة ما بين 1 يناير/كانون الثاني 2016 و31 ديسمبر/كانون الأول 2022، وخرجت بالخلاصات والبيانات التالية:

75% تعرضوا للعنف الجسدي.

80٪ تم تفتيشهم من خلال تجريدهم من الملابس.

97% تم استجوابهم دون حضور أحد أفراد الأسرة.

66% لم يتم إعلامهم بحقوقهم بشكل صحيح.

55% أجبروا على التوقيع على ورقة باللغة العبرية، وهي لغة لا يفهمها معظم الأطفال الفلسطينيين.

59% تم اعتقالهم ليلا.

86% لم يتم إبلاغهم بسبب اعتقالهم.

58% تعرضوا للإساءة اللفظية أو الإهانة أو الترهيب أثناء أو بعد اعتقالهم.

23% تم احتجازهم في الحبس الانفرادي لأغراض التحقيق لمدة يومين أو أكثر.

سليمان منصور (فلسطين)، سجن، 1982.

تعج السجون الإسرائيلية بآلاف القصص غير المروية عن الوحشية التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون. على سبيل المثال تم اعتقال أحمد المناصرة في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 في القدس الشرقية وهو في الثالثة عشر من عمره، بتهمة طعن إسرائيليين: يوسف بن شالوم، حارس أمن يبلغ من العمر عشرين عاما، وناعور شاليف بنعزرا، صبي يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما، نجا من الهجوم. وأدانت المحاكم الإسرائيلية في البداية أحمد بتهمة الطعن، لكنها غيرت رأيها بعد ذلك لتقول إن ابن عمه حسن خالد مناصرة البالغ من العمر خمسة عشر عاما، الذي قُتل بالرصاص في مكان الحادث، هو من طعن الإسرائيليين. ولم يكن هناك أي دليل على تواطؤ أحمد، ومع ذلك حكم عليه بالسجن لمدة تسع سنوات ونصف.

مازال أحمد المناصرة (21) قابعا في السجن، وهو محتجز في الحبس الانفرادي لعدة أشهر متتالية. وقالت خلود بدوي من منظمة العفو الدولية أواخر سبتمبر/ أيلول إن أحمد “نُقل إلى وحدة الصحة العقلية في سجن أيالون بعد أن أمضى الجزء الأكبر من عامين في الحبس الانفرادي”. كما طالبت مصلحة السجون الإسرائيلية بتمديد عزل أحمد لمدة ستة أشهر أخرى، في انتهاك صارخ للقانون الدولي. إن الحبس الانفرادي المطول لأكثر من 15 يوما ينتهك الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

كانت قضية أحمد من ضمن الموجة التي أطلق عليها اسم “الهجمات بالسكاكين”، عندما اتهم شبان فلسطينيون بالاندفاع باتجاه مواقع عسكرية إسرائيلية بالسكاكين ليتم قتلهم بالرصاص. في ذلك الوقت، قمت بالتحقيق في العديد من هذه الهجمات ووجدت أنها لا تستند إلا إلى أقوال جنود إسرائيليين. على سبيل المثال، في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015، أطلق جنود إسرائيليون النار عند حاجز حوارة على عبد الله حسين أحمد نصاصرة، البالغ من العمر 15 عامًا، فقتلوه، وأخبرني شهود عيان بأن الصبي كانت يداه مرفوعتين في الهواء عندما أصيب برصاصة قاتلة. أخبرني أحدهم، اسمه ناصر، بأنه لم يكن هناك سكين، وبأنه “رآهم يقتلون الصبي”، ولم يسمح لكمال بدران قبلان، سائق سيارة الإسعاف، بانتشال الجثة. أراد الإسرائيليون السيطرة على الجثة والقصة التي سيروونها عنها.

تشهد فلسطين عديد القصص المروعة التي توثق العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، مثل قصة أنس الأطرش البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً في الخليل. عاد أنس وشقيقه إسماعيل إلى منزلهما بعد أسبوع من العمل في أريحا، وكانت سيارتهما مليئة بالفواكه والخضروات، وعند نقطة التفتيش، نزل أنس من السيارة عندما طلب منه أحد الجنود الإسرائيليين ذلك، فأرداه الجندي بالرصاص. وفي صباح اليوم التالي أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن أنس حاول قتل الجنود الإسرائيليين. الصحافي بن إرينرايش، الذي نقل القصة بتصميم قوي على الحقيقة، سعى إلى الحصول على نسخة العائلة؛ قالوا له إن أنس ليس لديه أي اهتمام بالسياسة وكان يدرس المحاسبة ويتمنى أن يتزوج قريبا. ظل الجنود ومسؤولو المخابرات الإسرائيليون يسألون إسماعيل عما إذا كان شقيقه يحمل سكينا، ببساطة لم يكن هناك سكين، لقد قُتل أنس بدم بارد. قال شاهد عيان لإهرنرايش: “هذه دولة وحشية، ليس لديهم خجل”، وكان يقصد الجنود الإسرائيليين.

حكيم العاقل (اليمن)، من سلسلة عين الطائر، 2013.

إن قواعد الاحتلال الإسرائيلي هي الضغط على الفلسطينيين من أجل إحداث عمل من أعمال العنف – هجوم بسكين، على سبيل المثال، أو حتى هجوم ملفق بالسكين – ثم استخدام هذا الحدث كذريعة لتعميق تهجير الفلسطينيين من خلال إنشاء العديد من المستوطنات غير القانونية، والأحداث التي تلت 7 أكتوبر دليل على هذا المنطق. لقد استخدمت إسرائيل أشخاصًا مثل أنس وعبد الله وأحمد، والروايات الملفقة المحيطة بجرائمهم المزعومة، كسبب لوجودها لزيادة هدم منازل الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، ما أدى إلى تسريع النكبة الدائمة.

التقيت قبل عشر سنوات بالبروفيسور نادرة شلهوب كيفوركيان، التي تٌدرس في الجامعة العبرية في القدس. دراسات شلهوب كيفوركيان تركز على كيفية إنتاج الاحتلال شكلا يوميا من الضحايا يمتد من الشوارع إلى الأماكن الأكثر حميمية لدى الفلسطينيين… يقدم كتابها “لاهوت الأمن، المراقبة وسياسة الخوف” (2015) لمحة عن صناعة الخوف التي يتم إنتاجها وإعادة إنتاجها من خلال العنف اليومي الذي يمارسه المستوطنون والجيش على الفلسطينيين، بما في ذلك الصعوبات التي يواجهها الفلسطينيون عند الولادة ودفن موتاهم.

كتبت شلهوب كيفوركيان أن عمق العنف وعدم اليقين يدفع النساء الفلسطينيات إلى الحديث عن “الاختناق أو التكميم”، مما دفع بالعديد منهن أطفالهن إلى فقدان الإرادة في الحياة. هناك صدمة اجتماعية منتشرة في فلسطين أو ما تسميه شلهوب كيفوركيان “الإبادة الاجتماعية”: موت المجتمع.

خلق كل من الاحتلال والحرب طيلة أكثر من خمسين عاما دينامية غريبة. تقدم أعمال كل من إرينرايش وشلهوب كيفوركيان نوافذ على هذا الجنون، إذ قالت لي الأخيرة، التي تعيش في القدس، إنها جزء من مجموعة من النساء اللاتي يرافقن الأطفال الفلسطينيين إلى المدرسة كل يوم، لأنه من الخطير جدا بالنسبة لهم مواجهة الشرطة والمستوطنين بمفردهم، أو برفقة عائلاتهم وأصدقائهم الفلسطينيين؛ قالت لها فتاة تدعى مرح (8 سنوات): “بيخوفوني!” (“إنهم يخيفونني!”).

يرسم الأطفال الصور في المدرسة. رسم أحد الأطفال مهرجا، وهو مهرج فلسطيني. عندما سألت شلهوب كيفوركيان الطفل (9 سنوات) عن المهرج الفلسطيني، أجاب: “هذا مهرج فلسطيني، المهرجون في فلسطين يبكون”.

أبدول رحيم ناغوري (باكستان)، صبرى وشاتيلا، 1982.

كتب الشاعر فايز أحمد فايز، الذي انتقل إلى بيروت لتحرير مجلة لوتس في أعقاب الانقلاب العسكري في باكستان عام 1977، برعب عن محنة الفلسطينيين ونضالهم:

لقد دمر أعداؤك فلسطين الموحدة.

جراحي سكنت الكثير من فلسطين.

تعكس قصيدة فايز “تهويدة لطفل فلسطيني”، التي كتبها أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، الواقع الذي يواجهه الأطفال الفلسطينيون اليوم:

لا تبكي أيها الطفل.

لقد بكت والدتك للتو حتى النوم.

لا تبكي أيها الطفل.

لقد غادر والدك للتو عالم الحزن هذا.

لا تبكي أيها الطفل.

أخوك في أرض غريبة.

أختك أيضا ذهبت إلى هناك.

لا تبكي أيها الطفل.

لقد استحممت الشمس الميتة للتو ودُفن القمر في الفناء.

لا تبكي أيها الطفل.

لأنك إذا بكيت،

أمك وأبوك وأخوك وأختك

والشمس والقمر

سوف تجعلك تبكي أكثر من أي وقت مضى.

ربما إذا ابتسمت،

سيعودون ذات يوم متنكرين

للعب معك.

*نشرت هذه المراسلة لأول مرة باللغة الإنجليزية بتاريخ: 07 كانون الأول/ ديسمبر 2023.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة