“قانون الرموز” بموريتانيا يجابه باتهامات حقوقية بـ”تقنين تكميم الأفواه”

مشاركة المقال

مدار: 29 تموز/ يوليو 2021

أحدث إعلان مشروع قانون “حماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وشرف المواطن” جدلا واسعا بموريتانيا فور طرحه للسلطة التشريعية قصد مناقشته وتعديله والمصادقة عليه.

ويتضمن مشروع القانون المقترح ثمان مواد، تدعو الأولى إلى “تجريم ومعاقبة الأفعال المرتكبة عن قصد باستخدام تقنيات الإعلام والاتصال الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، المرتبطة بالمساس بهيبة الدولة، ورموزها، وبالأمن الوطني، والسلم الأهلي، واللحمة الاجتماعية، والحياة الشخصية، وشرف المواطن”.

وتطرقت المادة الثانية لـ”المساس بثوابت ومقدسات الدين الإسلامي، أو بالوحدة الوطنية والحوزة الترابية أو سب أو إهانة شخص رئيس الجمهورية أو العلم أو النشيد الوطنيين”.

بينما تنص مادة المشروع الثالثة على تجريم “أي تصوير أو نشر لصور الجنود وقوات الأمن في أثناء أدائهم مهامهم”، وتربط تصوير التشكيلات والوحدات العسكرية والأمنية بترخيص من قيادتها، وتفرض غرامة وعقوبة تبلغ السجن عامين على المخالفين.

وتضمنت المادتان الرابعة والخامسة تكرارا لما ورد في نصوص أخرى، كالقانون رقم 023/2018 المتعلق بتجريم التمييز، والقانون رقم 07/2016 المتعلق بالجريمة السيبرانية، مع اختلاف بسيط في العقوبات، لتشكل المادتان الجزء الأخير من القانون المتعلق بـ”شرف المواطن”.

ويواجه المتهمون بـ”إهانة رئيس الجمهورية” بموجب مشروع “قانون الرموز” عقوبة حبسية تتراوح بين سنتين وأربع سنوات، بعد أن كانت التهمة نفسها يعاقب عليها بغرامة من 200 ألف إلى مليونين فقط دون عقوبة حبسية سنة 2006، قبل أن يتم إلغاؤها وفق قانون رقم 054/2011 بتاريخ 24 نوفمبر 2011، وبموجبه أصبح تجريح رئيس الجمهورية كتجريح الخواص، ما يجعل نص القانون المقترح “تراجعا خطيرا” وفق حقوقيين.

وفي هذا السياق أجمعت العديد من القوى السياسية والحقوقية الموريتانية على أن “قانون الرموز” يشكل “انتكاسة حقوقية وتراجعا خطيرا على مستوى الحريات العامة”، كما اعتبرته “تضييقا على حرية الصحافة والإعلام، خاصة الإلكتروني منه”.

كما عبر العديد من الشخصيات والمدونين الموريتانيين عن قلقهم من أن يفتح القانون المجال أكثر لمزيد من التسلط واستبداد القوات العمومية، ورفع الرقابة عنها بتجريم تصويرها دون “ترخيص”، ما قد يساهم في المزيد من قمع المتظاهرين والمحتجين وتعنيفهم مع غياب الرقابة.

وفي السياق ذاته أصدر “الميثاق من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين” بيانا يستنكر فيه طرح مشروع القانون، معتبرا إياه “محاولة من النظام الحاكم لقوننة تكميم الأفواه بغية حرمان المواطن حتى من حق الأنين تعبيرا عن ألم واقعه وتطلعا لدولة القانون والمؤسسات”.

 وأضافت الهيئة نفسها أن “مشروع ما بات يعرف بقانون الرموز المريب يشكل خطرا حقيقيا على الحريات، ويزيد من سلطة الفرد ويعزز دكتاتورية السلطة القمعية الظالمة”، وطالبت كل من له علاقة بهذا المشروع ويؤمن بموريتانيا الحرية أن يعمل على سحبه وإسقاطه والتصدي له.

من جانبها عبرت منظمة “نجدة العبيد”، في بيان لها، عن رفضها “القاطع لكل ما يميز بين المواطنين بحجج واهية، كجعل موظفي الدولة والأشخاص الذين يتقلدون مناصب سامية في درجة 1 دون غيرهم”.

واعتبرت المنظمة نفسها أن هذا المشروع “ليس إلا تكريسا للدكتاتورية ويفرق بين المواطنين، ويحد من الحريات التي نص عليها الدستور الموريتاني”، الذي “لا يحق لأي كان، رئيسا أو وزيرا، أن يقف في وجهه، سواء عبر المراسيم أو القوانين”، وفق تعبيرها، مؤكدة رفضها المساس بالحريات والتضييق على المواطنين، ومنددة بكل الممارسات العنيفة والبائدة أيا كان مصدرها.

من جانبه عبر حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي عن رفضه هذا القانون، واصفا إياه بأنه “انتكاسة للحريات”، ودعيا السلطات المعنية إلى التراجع عنه، كما دعا الشعب الموريتاني إلى رفضه والتصدي له.

وعلى مستوى مواقع التواصل الاجتماعي توالت “التدوينات” الرافضة لمشروع حماية الرموز الوطنية، ولـ”تقديس” شخص الرئيس وشخصيات أخرى، واعتبرت أغلبها أن هذا المشروع “يشكل تضييقا سافرا على حرية الرأي والتعبير بموريتانيا ويفرق بين مواطنيها”.

ونشر الحقوقي وأمين نقابة الكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا، ساموراي ولد بي، عبر صفحته الرسمية على “فايسبوك” “تدوينة” في هذا الصدد جاء فيها أن قانون الرموز تمهيد صريح “لإرساء الأحكام الاستثنائية  ونظام دكتاتوري، فاشستي فاقد البوصلة، يتجه إلى مصادرة وكبت الحريات العامة والخاصة وإسكات أصوات المظلومين والمهمشين والجائعين والمحرومين وأصحاب الضمائر الحرة، الرافضين لسياسات من  أخفقوا في إدارة شؤون البلد وإقامة دولة العدل والمساواة”.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة