المناخ العالمي يشهد تدهورا مهولا.. والهند أبرز المتضررين

مشاركة المقال

مدار + مواقع: 29 تموز/ يوليو 2021

شهد العالم في مختلف أنحائه أحداثا مناخية غير مألوفة، خصوصا أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت أمطارا في عز فصل الصيف، كانت سببا في فيضانات اجتاحت وسط الصين وأوروبا، كما عرفت مناطق كغرب كندا، فنلندا وإيرلندا وبلدان أخرى، موجات حر غير مسبوقة كانت وراء حرائق اجتاحت أجزاء من الولايات المتحدة والبرازيل، وفق ما نقله موقع “نيوز كليك”

وتوقع العلماء منذ فترة طويلة أن مثل هذا التطرف في المناخ وارد الحدوث، لكن ما فاجأ الجميع هو الكم الهائل لهذه الظواهر، في ظل ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي العالمي بمقدار 1.2 درجة مئوية عن متوسط ما قبل ظهور الصناعة، وفي وقت دعت اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ إلى إبقاء الاحترار في حدود 1.5 درجة، حسب المصدر نفسه.

وقالت كورين لو كوير، عالمة المناخ في جامعة إيست أنجليا: “كان الاحترار العالمي متوقعا بشكل عام، لكننا الآن نراه بأم عينينا”.

وصرح عالم المناخ مايكل مان، من جامعة ولاية بنسلفانيا، لرويترز: “ليس الأمر أن التغير المناخي يسير بوتيرة أسرع مما كان متوقعا – فالاحترار يتماشى تماما مع التنبؤات التي تم ذكرها منذ عقود، لكن المشكل هو أن بعض التأثيرات كانت أهول مما توقع العلماء”.

وفي ظل هذه الظواهر من المتوقع أن يشهد الأسبوعان القادمان نشر علماء الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) الدفعة الأولى من تقرير التقييم السادس، الذي سيتم فيه التطرق لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتوقعات الاحترار المستقبلي وتأثيراته. وسيركز التقرير بشكل أكبر على الطقس المتطرف والآثار الإقليمية.

دراسة جديدة تلقي اللوم على دول الشمال في تدهور المناخ

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من إمبريال كوليدج – لندن – أن التلوث في أوروبا ساهم في واحدة من أسوأ موجات الجفاف في دول الجنوب والهند بالخصوص، دمرت حياة أكثر من 130 مليون شخص. ويعتقد الباحثون أن الانبعاثات الغازية للمصانع كانت وراء ضعف الرياح الموسمية والأمطار في الهند على مدى العقود القليلة الماضية.

وحسب الدراسة فقد تسببت الانبعاثات من المناطق الصناعية الرئيسية في نصف الكرة الشمالي في انخفاض هائل بنسبة 40 في المائة في هطول الأمطار شمال غرب الهند عام 2000. ووفقا للباحثين فإن انبعاثات أوروبا وحدها كانت وراء انخفاض مستويات هطول الأمطار بنسبة 10 في المائة في العام نفسه.

وحملت الدراسة أن ثاني أكسيد الكبريت – الذي يتم إنتاجه بشكل أساسي عن طريق محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم – تسبب في عدد من الآثار الضارة، مثل الأمطار الحمضية وأمراض القلب والرئة وتلف نمو النبات. وفي معرض تطرق الباحثين  لمدى تأثير انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت على هطول الأمطار في الهند، وبالخصوص عام 2000، فقد خلصوا إلى أن شمال غرب الهند شهد انخفاضا مهولا في هطول الأمطار بنحو 40 في المائة بسبب الانبعاثات من المناطق الصناعية في النصف الشمالي الرئيسي من الكرة الأرضية.

هذا وأبرز الباحثون أن الانبعاثات التي تحوي ثاني أكسيد الكبريت تبقى في الغلاف الجوي لأسابيع، كما أنها يمكن أن تعكس وتمتص الإشعاع الشمسي، بالإضافة إلى قدرتها على التأثير على الغطاء السحابي – ويمكن أن تجعله أكثر إشراقًا وتحد من هطول الأمطار.

وقال أحد هؤلاء الباحثين، وهو الدكتور أبوستولوس فولجاراكيس، من معهد جرانثام التابع لإمبريال كوليدج، إن الدراسة أظهرت كيف يمكن للانبعاثات في جزء من العالم أن يكون لها تأثير كبير على جزء آخر – حتى لو لم يكن التلوث نفسه موجودًا بالفعل. وأضاف الدكتور فولجاراكيس أن أبحاثهم، إلى جانب دراسات أخرى، أظهرت نوع المشاكل التي قد تنجم عن محاولات استخدام ثاني أكسيد الكبريت في مخطط هندسي جيولوجي.

الهند..أبرز مثال على حجم تأثير التغيرات المناخية

أصبحت الهند، وهي أحد الاقتصاديات الأسرع نموا في العالم مع أكثر من مليار نسمة، على حافة عواقب وخيمة إذا استمر الاحترار العالمي وتغير المناخ من دون أن تكون هناك خطوات لمجابهة ذلك. وبصرف النظر عن الكوارث الطبيعية فإن التكلفة الاقتصادية لهذه الكوارث تزيد من معاناة الاقتصاد النامي. ومع توقع العديد من الدراسات مزيد من سنوات الأمطار الشديدة، فإن التهديد يلوح في الأفق بشكل كبير على رفاهية الناس والاقتصاد والزراعة ونظام الغذاء.

كان هناك إجماع بين مجتمعات علماء البيئة في الهند من أجل التأكيد على تطوير وتنفيذ خطط عمل في عدة مراحل تشمل المجتمعات على الأرض قبل فوات الأوان، فقد شهدت حسب التقارير البيئية شبه القارة الهندية تغيرا في نظام الرياح الموسمية بشكل جذري بسبب الاحتباس الحراري؛ فإما أن تكون هناك نوبة جفاف طويلة أو أمطار غزيرة. وقال الدكتور أنجال براكاش، مدير الأبحاث والأستاذ المساعد بمعهد بهارتي للسياسة العامة وأحد المشاركين في إخراج تقرير التقييم السادس للهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ، إن المدن والبلدات والقرى الهندية بحاجة إلى خطط عاجلة للتكيف.

وزاد المتحدث ذاته: “يجب التركيز بشكل خاص على بناء بنية تحتية قادرة على الصمود مع تغير المناخ وخطط لإدارة المخاطر، حيث ستؤثر هذه الأحداث المتطرفة المتزايدة على الحياة وعلى اقتصادياتنا، وعلى صعيد آخر يجب أن تقود الهند الجنوب العالمي في تحفيز البلدان نحو نموذج النمو الأخضر والحفاظ على درجة حرارة الكوكب أقل من 1.5 درجة مئوية”، وأضاف: “من الممكن تحقيق التوازن بين الناس والربح والكوكب”.

وشهدت الهند في الأسابيع القليلة الماضية فيضانات في مختلف أنحاء البلاد، إذ عرفت ولايات ماهاراشترا وجوا بالإضافة إلى منطقة الهيمالايا في هيماشال براديش وأوتارانتشال سلسلة من الظواهر الجوية المتطرفة، وفقد مئات الأشخاص حياتهم بسبب الفيضانات القاتلة والانهيارات الأرضية، كما تم إجلاء عشرات الآلاف من الأشخاص منذ 22 يوليوز، مع تسجيل هطول الأمطار بشكل قياسي على طول أجزاء من الساحل الغربي.

ووفقًا لإدارة الإغاثة والتأهيل في ولاية ماهاراشترا فقد تم إجلاء حوالي 229.074 شخصا من المناطق المتضررة من الفيضانات، كما تم الإبلاغ عن نفوق ما يزيد عن 25564 حيوانا إلى غاية 26 يوليوز، وأصيب 46 شخصا ومازال 100 في عداد المفقودين. بالإضافة إلى ذلك تأثرت حوالي 1028 قرية بشكل كبير.

وتم تحذير الهند بالفعل من أن الأمطار الموسمية ستزداد أكثر مع ارتفاع درجة الحرارة العالمية، وسيؤثر ذلك على الزراعة والاقتصاد.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة