في تقرير بشأن انتشار كوفيد 19.. “أمنستي” ترصد أوضاعا مهولة في سجون دول جنوب الصحراء

مشاركة المقال

 مدار: 31 أب/غشت 2020

نشرت منظمة العفو الدولية (أمنستي) تقريرا عن الأوضاع المزرية التي يعيشها السجناء والمحتجزون بسجون الكثير من البلدان الإفريقية الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى، من اكتظاظ وسوء تغذية وتفشي الأمراض الخطيرة كالإيدز والسل… وافتقارها لمرافق الصرف الصحي وغياب الأطر والمعدات الطبية اللازمة (طبيب واحد لكل 1335 سجينا بالكاميرون مثلا).

وفي هذا الصدد تضمن التقرير أرقاما مهولة لبعض الدول، فقد بلغ عدد المحتجزين بالسجن الرئيسي بالعاصمة الكاميرونية كوندينغوي 6000 سجين بدل 1500 سجين، وقد بلغت نسبة الإصابة بمرض السل 15٪؛ بينما تجاوز سجن ماروا بالكاميرون دائما طاقته الاستيعابية بنسبة 230 ٪. ويسجل هذا السجن العديد من الوفيات بسبب قسوة أوضاع الاحتجاز؛ وهو نفس ما سجلته أمنستي بتشاد أيضا، حيث تجاوزت السجون طاقتها الاستيعابية بنسبة 232٪، كما تتفشى بها  الأمراض المعدية كالسل والأمراض المتنقلة جنسيا. وفي البنين تجاوزت السجون طاقتها الاستيعابية بنسبة 151٪ كما أن 94٪ من السجناء في 11 سجنا لا يتمتعون بالرعاية الصحية و75٪ منهم محبوسون احتياطيا أو على ذمة المحاكمة كما هو الحال بمدغشقر، حيث إن عدد المحبوسين على ذمة المحاكمة أكثر ممن صدر ت في حقهم أحكام؛ وقد أشار التقرير إلى أن 80٪ منهم أطفال و70٪ نساء .

أما سجون الكونغو الديمقراطية، وفق الوثيقة ذاتها، فتجاوزت 6 أضعاف طاقتها الاستيعابية، و73٪ من المحتجزين هم على ذمة المحاكمة. وأكثر من ذلك فقد سجلت منظمة “بريزون انسايدر” وفاة 60 سجينا جوعا في سجن ماكالا ما بين يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2020، أي بمعدل وفاتين في اليوم لمدة شهر فقط؛ ناهيك عن الظروف الصحية المزرية للمحتجزين مع غياب الأدوية وتفشي الأمراض المعدية كالسل، إضافة إلى افتقارها للمواد الغذائية الضرورية باستثناء ما تقدمه الأهالي والأسر وبعض الجمعيات المحلية، كما جاء على لسان الخبراء؛ إضافة إلى وضعية النساء المحتجزات المزرية، إذ تضطررن إلى استخدام قصاصات من المراتب الإسفنجية كبديل عن الفوط الصحية في فترة الحيض.

وتختلف البلدان وتتشابه الأرقام والأوضاع، ففي موزمبيق تجاوزت الطاقة الاستيعابية لسجونها الضعفين؛ غير أن التقرير ركز بشكل خاص على  وضعية اللاجئين وطالبي اللجوء من الكونغو وإثيوبيا الذين مازالوا معتقلين تعسّفياً في مدينة بيمبا، عاصمة محافظة كابو ديلغادو، شمالي موزمبيق. ولبثوا أكثر من 15 شهراً رهن الحبس على ذمة المحاكمة، ولم يمثلوا أمام محكمة بعد؛ بل لم تُوجَّه لأي منهم أي تهمة بارتكاب جريمة أو جنحة بعد، ولن يستفيدوا من قانون العفو.

وخصصت منظمة العفو الدولية ملفا خاصا عن أوضاع السجون بإريتيريا، ووصفتها بأنها أحد أسرار الدولة التي تسعى جاهدة إلى إخفائها والتستر عليها، خاصة في ظل وجود الاعتقال الانعزالي والتعسفي  بكثرة، واحتجاز المعتقلين في حاويات الشحن والإخفاء القسري؛ كما أنها تعج بالمئات من سجناء الرأي؛ ومازال 11 من السياسيين و17 صحفياً رهن الاعتقال في انتظار محاكمة عادلة أو إطلاق سراحهم، منذ أن ألقت السلطات القبض عليهم بصورة تعسفية عام 2001 بعد انتقادهم حكومة الرئيس أسياس أفورقي. كما هو الحال بالنسبة للمعتقلين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء بالنيجر، إذ يعيشون في عزلة عن العالم ويمنع تواصلهم مع ذويهم أو مع المحامين، مع حرمانهم من تلقي الطعام أو المؤن من الخارج.

ويبقى الاكتظاظ وسوء الظروف المعيشية والصحية من القواسم المشتركة بين سجون كل دول جنوب الصحراء الكبرى. ورغم محاولة حكوماتها التستر عن هذه الأوضاع وإخفاء حقائق ما يحدث خلف الزنازين إلا أن تقرير أمنستي وضح بالأرقام مدى خطورة الوضع، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم في ظل الوضعية الوبائية بعد انتشار فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد 19، الذي فتك ومازال بفتك بالعديد من الأرواح، رغم محاولة السيطرة عليه من طرف الدول المتضررة عبر فرض الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي وفرض ارتداء الكمامات الطبية والتعقيم… إلا انه في غياب اللقاح تبقى كل هذه محاولات محدودة الفعالية ضد هذا الوباء.

وانطلاقا من المعطيات السابقة فالسجون المذكورة تشكل بيئة مناسبة لانتشار الفيروس، ما يعرض حياة الآلاف من المحتجزين لخطر الإصابة والموت، إذ “بمجرد إصابة شخص واحد سوف تنتشر العدوى كالنار في الهشيم وستصيب الجميع خلال ساعات معدودة”، كما جاء في تصريح أحد السجناء بالكونغو الديمقراطية، ما يؤكد مدى تخوف السجناء من هذا الوضع.

وتجدر الإشارة إلى أنه تم رصد 1814 إصابة بفيروس كورونا ووفاة 25 سجينا إلى حدود 25 يونيو/حزيران 2020، وما خفي كان أعظم، خاصة في ظل حجب المعطيات والأرقام المتعلقة بالمصابين والمتوفين بسبب المرض، وفق المصدر ذاته.

كل هذا وأكثر جعل منظمة العفو الدولية تدق ناقوس الخطر وتشن حملة تدعو فيها إلى ضرورة وقف انتشار فيروس كوفيد 19 بالسجون ومراكز الاحتجاز وتطالب بضرورة الحد من الاكتظاظ بها وحماية المعتقلين والمحتجزين؛ “كما وجب على الحكومات احترام حقهم في التمتع بظروف معيشية وصحية ملائمة وإلا ستتحول هذه السجون إلى بؤر لانتشار الفيروس سيصعب السيطرة عليها في ظل الشروط المتوفرة، وستضع حياة الآلاف من المحتجزين والمحتجزات على المحك”.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة