مدار: 26 نيسان/ أبريل 2022
قادت نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية، إلى إعادة تشكيل التحالفات السياسية، والتمهيد لولادة تكتل يساري جديد.
أعيد انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسًا لفرنسا لولاية ثانية تمتدّ على خمس سنوات، يوم الأحد 24 أبريل/ نيسان 2022، بعد منافسة شرسة مع ممثلة اليمين المتطرف مارين لوبان.
وحصد ماكرون 58,55 في المئة من أصوات الفرنسيين، بحسب أرقام وزارة الداخلية، مقابل 41,45 بالمائة لصالح اليمينة المتطرفة لوبان، في انتخابات اتّسمت بنسبة مرتفعة من الامتناع عن التصويت.
وكان الدور الأول من الرئاسيات الفرنسية، أهل “رئيس الأثرياء” (27.85%) و”السياسية المعادية للمهاجرين والمسلمين” (23.15%) إلى الدور الثاني، في حين تم إقصاء المرشح اليساري جان لوك ميلانشون الذي حلّ في المركز الثالث بعد أن حصد نسبة مهمة من الأصوات، بلغت 21.95 بالمائة.
ووجدت أعداد غفيرة من الناخبين الفرنسيين أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ، غير أن الكفة رجحت أصوات الذين أرادوا قطع الطريق أمام اليمين ذي النزعات الفاشية، دون أن يعني ذلك منح شيك على بياض لمرشح البورجوازية الكبرى.
وعقب الإعلان عن نتائج الدور الثاني، وعد ميلانشون بأن تكون الانتخابات التشريعية المقررة في 12 و19 حزيران/يونيو، “جحيمًا “بالنسبة لماكرون، معتبرًا أنه رئيس “انُتخب بشكل سيئ”.
وكان اليسار الفرنسي دخل الانتخابات الرئاسية ممزقا، بين “فرنسا الأبية”، “الشيوعي الفرنسي”، “الحزب المناهض للرأسمالية” و”حزب نضال العمال”؛ أما الحزب الإشتراكي، فبات أقرب إلى البورجوازية الفرنسية الكبرى منها إلى الطبقات الوسطى وأبعد بكثير من الطبقات الشعبية المنهكة بكورونا والسياسات الحكومية الموغلة في الليبرالية.
ويبدو أن نتائج الرئاسيات الفرنسية، بقدر ما أشعلت السباق نحو التشريعيات، بقدر ما وجهت صفعة قوية لليسار الذي بات مطالبا بتجميع شتاته أكثر من أي وقت مضى.
وهكذا، شرع ميلانشون في حشد مؤيديه وراء حملة من أجل الانتخابات التشريعية الفرنسية المقررة في حزيران/يونيو من السنة الجارية.
وبعثت “فرنسا الأبية”، في 15 نيسان/ أبريل رسالة إلى الشيوعي الفرنسي و الحزب الجديد المناهض للرأسمالية والخضر، من أجل تشكيل “تحالف شعبي” في الاستحقاقات المقبلة.
ولفت حزب ميلونشون الانتباه إلى أن الرئاسيات سلطت الضوء على الانقسام الذي تعرفه أصوات الناخبين بين اليمين المتطرف والليبراليين وما وصفه بـ “التحالف الشعبي”.
وبين التنظيم السياسي ذاته، أن لوبان وماكرون يمثلان خطرا “حتى لو كانا من طبيعة مختلفة”، وأشار إلى أن حسم نتائج الرئاسيات لا يعني حسم التوترات التي تشهدها الجمهورية الفرنسية، ورجح أن تتفاقم.
ويرى معارضون يساريون أن زعيم “فرنسا الأبية” يستمد قوته من ملايين الشباب والطبقة العاملة العاملة المتمركزة في المدن الكبرى، لكن ما يلاحظ عليه أنه لا يعبّئ قواعده تجاه الاحتجاجات والإضرابات، لمعارضة السياسات التقشفية.
وحتى سباق التشريعيات، تكاد الأوساط التقدمية الفرنسية تجمع على أن النظام السياسي للجمهورية الخامسة شاخ وبات منهكا؛ وكانت حركات السترات الصفراء دعت إلى إصلاح شامل، ورفعت قوى اليسار مطلب تغيير الدستور والتأسيس لجمهورية لسادسة أكثر برلمانية واجتماعية.
ويرزح الاقتصاد الفرنسي تحت ضغوط جمة، بين الحرب الأوكرانية وتداعياتها على أسعار الطاقة والأسواق العالمية، وأثار جائحة كورونا، وتكاليف السياسات التي فرضتها الولايات المتحدة على القارة العجوز خصوصا تجاه الاقتصاد الصيني.
وتصاعدت المطالب الشعبية الإفريقية المطالبة بإنهاء الوجود الفرنسي “الإستعماري” في القارة السمراء.
وتتصاعد الانتقادات المنددة بتعامل الجمهورية الخامسة مع قضايا الهجرة واللاجئين، وسط تزايد نزعات العنصرية واضطهاد المهاجرين والمسلمين.