[حوار] حركات “ألبا” ترفع راية الوحدة والأمل في وجه عدم اليقين الذي يعيشه العالم

مشاركة المقال

بيبلز ديسباتش/ مدار: 26 نيسان/ أبريل 2022

زوي ألكسندرا

من المقرر أن تعقد المنصة القارية للحركات الاجتماعية (حركات آلبا)، في الفترة بين 27 أبريل/ نيسان و1 ماي/ أيار المقبل، اجتماعا في بوينيس آيرس، بالأرجنتين، من أجل تحليل الوضع الحالي وتحديد الإستراتيجيات الخاصة بالفترة المقبلة.

وستستقبل المنصة المكونة من حركات الشعوب من جميع أنحاء الأمريكيتين تمثيلية تضم أكثر من 200 مندوب لمناقشة اللحظة السياسية الحالية في المنطقة والعالم، مع تقييم الأعمال التي تم إنجازها في الفترة الماضية وتحليل المهام العاجلة للمنصة.

كما سيشارك في أيام العمل الخمسة المندوبون في الفعاليات الثقافية وحلقات النقاش حول الوضع الدولي والإقليمي، بالإضافة إلى العمل ضمن لجان مخصصة لذلك، والنزول والاحتكاك مع أفراد المجتمع في الشارع.

هذا ويعتبر اجتماع بوغوتا، كولومبيا، عام 2016، آخر اجتماع عقده تجمع آلبا. ومنذ ذلك الحين شهد الوضع العالمي تغيرا جذريا، بحيث أصبحت الأزمة الرأسمالية أكثر حدة، لاسيما في ظل معاناة عشرات الملايين من عدم الاستقرار الاقتصادي والجوع والبطالة، ما انضافت إليه التحديات الجديدة المتمثلة في جائحة كوفيد-19 والأزمة الأوكرانية-الروسية الحالية.

وفي الوقت نفسه حققت القطاعات التقدمية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي تقدما كبيرا من خلال الانتصارات الانتخابية في كل من بيرو وهندوراس وتشيلي والأرجنتين، وبوليفيا والمكسيك ونيكاراغوا وفنزويلا.

بالنسبة لحركات آلبا، فإن سيناريو عدم الاستقرار العالمي المتزايد يؤكد الحاجة إلى تعزيز الوحدة بين الشعوب، ليس فقط في المنطقة، ولكن على المستوى العالمي.

وفي سبيل الاطلاع على المزيد في ما يخص هذا الاجتماع والفهم أكثر حول توقعات هذا التجمع التاريخي، قام موقع بيبل ديسباتش بإجراء حوار مع عضوي الأمانة التنفيذية لحركات آلبا غونزالو أرموا ولورا كابوتي.

بيبل ديسباتش: ونحن عشية الجمعية القارية الثالثة، هلا تطلعنا قليلا على توقعاتك لهذا التجمع بعد عامين من الوباء وسنوات أكثر منذ آخر اجتماع حضوري؟.

غونزالو أرموا: حسنا، في المقام الأول لدينا توقعات كبيرة، خصوصا أننا آتون من جائحة أجبرنا خلالها على العمل عن بعد جراء الإجراءات الصحية العامة، ولذلك نحن نتطلع إلى الاجتماع وملاقاة رفاقنا – أولئك الذين قاموا ببناء حركات في كل إقليم وكل بلد – من أجل التخطيط لما هو قادم.

من ناحية أخرى هناك استحضار لما نعيشه في الوقت الحالي من عدم يقين وتغيرات على المستويين الإقليمي والعالمي، فعلى المستوى العالمي، يشير تحليلنا إلى أننا نتجه بسرعة نحو عملية انتقال جيوسياسي أو على الأقل نحو الانفتاح على عالم متعدد الأقطاب، يجلب معه تحديات، لكنه يجلب أيضا العديد من الاحتمالات.

في أمريكا اللاتينية، سمحت سلسلة من الانتصارات الانتخابية إلى وصول حكومات جديدة ذات طبيعة شعبية تقدمية أو على الأقل منفصلة عن الهيمنة النيوليبرالية في تلك البلدان التي يمكننا القول إنها ظلت غارقة في النيوليبرالية خلال التسعينيات وبداية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. وهنا الحديث بالأخص عن التشيلي وبيرو. لدينا أيضا المثال البوليفي، حيث تمت استعادة الديمقراطية بعد الانقلاب، دون نسيان الانتخابات المقبلة في البرازيل وكولومبيا واحتمالات وصول قوى جديدة إلى السلطة. كما يجب أن نضيف إلى ذلك الانتصار في هندوراس، حيث هزم شيومارا كاسترو الانقلاب الذي أطاح بزيلايا.

في الوقت نفسه، عرفت الحركات الشعبية نضالات جديدة وشهدنا قطاعات جديدة نزلت إلى الشوارع قبل وأثناء الوباء، بسبب عدم استجابة أنظمة الدول للمطالب الأساسية المتعلقة بالصحة والغذاء والعمل اللائق…

هناك توقع بأنه بإمكاننا في الجمعية معالجة كل هذه الأحداث الجديدة التي وقعت في فترة زمنية قصيرة بشكل متتال. ونحن بحاجة لهذا الاجتماع من أجل أن نكون قادرين على المعالجة والتخطيط، وكذلك لنكون قادرين على مقابلة الرفاق الذين عملوا لسنوات، والذين كانوا يناضلون في كل منطقة قصد مواصلة تشكيل وحدة أمريكا اللاتينية من خلال الحركات.

بيبل ديسباتش: تنظم حركات آلبا عملها من خلال ستة مبادئ توجيهية: 1. وحدة أمريكتنا والأممية. 2. المعركة الإيديولوجية-الثقافية ووضع حد للاستعمار. 3. الدفاع عن الأرض الأم وسيادة الشعب. 4. الاقتصاد من أجل العيش الكريم. 5. إشاعة الديمقراطية وبناء سلطة الشعب. 6. النسوية الشعبية. هل يمكنك التطرق ولو بشكل مقتضب لأهمية وملاءمة هذه المبادئ في السياق الحالي؟.

لورا كابوتي: هذا هو بالضبط السؤال الذي نحن مهتمون بالعمل عليه رفقة الرفاق في التجمع، فقد كان وضع المبادئ الستة أو البرنامج السياسي لآلبا أحد المهام الرئيسية التي انبثقت عن الجمعية الثانية في كولومبيا عام 2016، وبعد ذلك عملنا في التنسيق السياسي والأمانة العامة بمعية الرفاق من مختلف البلدان عبر الاجتماعات والمناسبات المختلفة على تفصيل ووضع قراءات خاصة بالمبادئ التي تم طرحها.

إن أحد الأمور التي تعيق عمل العديد من الحركات الاجتماعية والشعبية في أمريكا اللاتينية، وأحد نقاط ضعفها الكبرى في رأينا، أننا ننظر إلى مشاكل كل قطاع وجيل على حدة، وليست لدينا القدرة على إيجاد صيغة مطورة تتيح لنا المضي قدما في نضال موحد للنساء والشباب والفلاحين والسكان الأصليين…إلخ، فنحن نقسم أنفسنا حسب القطاعات، ما يضعفنا بشكل واضح ويجعل قدرتنا على رد العدو جد محدودة.

ضمن هذا الإطار، قمنا بتطوير هذه المبادئ الستة لتكون بمثابة مظلة كبيرة يمكن أن تشمل غالبية النضالات التي تخوضها منظماتنا. وخلال الاجتماع الحالي، سيكون لدينا يوم كامل للعمل على هذه المبادئ الستة، قصد الاطلاع على العناصر المفقودة والمنظورات الجديدة الأخرى الموجودة.

لقد شهدنا في خضم السياق الجديد مشاكل جديدة في القارة؛ على سبيل المثال مع عودة اليمين الفاشي أو الفاشية الجديدة بشكل متزايد، مع مواصفات أكثر عنفا ومناهضة للحقوق. وعلينا التفكير في طرق مبتكرة للرد على ذلك. يجب علينا إيجاد سبل جديدة تمكننا من التقدم في ظل هذا الهجوم من خلال استحضار منظور شعبي، منظور قائم على الوحدة والحياة والاحترام.

ويشير هذا السياق الجديد إلى أنه في حالة مبادئنا الستة ستكون هناك وجهات نظر ومبادئ وخطوط جديدة في مجالات العمل نفسها، وهذا يعني أن علينا أن نقوم بالتنقيحات اللازمة.

وجب التأكيد أنه لطالما ألححنا على أهمية إعادة تقييم طريقة اشتغالنا في كل مرة مع تحديد الأولويات التي تؤطرنا وبالأخص تلك التي تدل على وحدة المنظمات في إطار آلبا، وذلك من أجل التقدم في تنسيقنا ككيان وأيضا لأننا نرى أنفسنا كإحدى المنصات القليلة التي على الرغم من الوباء استمرت في العمل بجد.

بيبل ديسباتش: في ظل عدم اليقين الذي يعيشه العالم، كانت أمريكا اللاتينية منارة للأمل والفرح وإمكانية التغيير. في هذا السياق، ما الذي يمثله هذا التجمع وما هي المهام الرئيسية التي تنتظره وكيف تنوون مواجهة التحدي المتمثل في مواصلة البناء؟.

غونزالو أرموا: إن إحدى المهام المركزية التي تعتبر أساسية للحركات، والتي أصبحت أكثر راهنية من أي وقت مضى، تتعلق بوحدة الشعوب في جميع أنحاء المنطقة، لأننا نرى أن الرأسمالية في هذه المرحلة هي فوق كل شيء عالمية، منتشرة في جميع أنحاء العالم، وتتضرر منها كل شعوب العالم، وخاصة أمريكا اللاتينية؛ وهذا ما يجعل الشعوب تواجه أشكالا مختلفة من القهر والاستغلال والنهب، لكنها على الرغم من ذلك مازالت تخضع للنمط نفسه الذي يميز النظام.

لذلك فإن الحاجة إلى الوحدة تتجاوز الشعارات بل يتعلق الأمر بضرورة تاريخية، لأنه لا يمكن لأي دولة أن تتقدم في عملية التحرير أو المساواة أو توسيع الحقوق إذا لم تتحد مع بلدان وشعوب أخرى.

إننا نرى أن الدولة القومية بالصيغة التي تم تشكيلها في القرنين التاسع عشر والعشرين لا يمكنها أن تقدم أي إجابات في ما يخص المطالبة بتوسيع نطاق الحقوق، كما لا يمكن لأي عملية وطنية أن تحل المشاكل الهيكلية التي تعاني منها مختلف شعوب العالم. إننا نعيش في وقت أصبح فيه معدل اللامساواة مهولا، إذ إن الفرق بين أغنى 1% من سكان العالم وباقي الشعوب المقهورة أضحى أسوأ من أي وقت مضى. إننا نتحدث عن لحظة وصلت فيها الطبيعة، الأرض، إلى حدودها من ناحية الاستدامة والحياة بشكل عام؛ وبالإضافة إلى ذلك نرى أيضا أن التدهور الاجتماعي الناتج عن النظام الحالي يؤدي بشكل متزايد إلى مستويات رهيبة من العنف.

إن الحاجة إلى الوحدة القارية متعلقة بالأساس بمواجهة عدو مشترك للشعب، واستعادة سيرورة النضال التنظيمي من أجل اقتصاد شعبي، وكذلك التضامن واستمرار عمليات التحرير. ربما السبب من وراء كون أمريكا اللاتينية عنصرا ثابتا في ما يخص بدائل النظام الحالي هو أنها في سيرورة التحرير والاستقلال في القرن التاسع عشر تمكنت من تحقيق ذلك ككل في وقت لم تكن الحدود مثلما هي الآن، وهذا أيضا ما أدى إلى هزيمة أكبر إمبراطورية في ذلك الوقت، وهي الإمبراطورية الإسبانية.

من خلال هذه التجارب المختلفة التي ميزت النضال المستمر لمنطقتنا، الذي يعود إلى فترة الغزو الغابرة، لم تتوقف شعوب أمريكا اللاتينية عن النضال ضد الأشكال المختلفة للإمبريالية والاستعمار، وهذا ما يتم التعبير عنه اليوم أيضا.

هناك تراكم لتجارب النضال وتراكم للخبرات التنظيمية التي نحتاج إلى تحويلها إلى تجارب قارية، من المفترض أن تصبح تجارب إقليمية يمكننا في الوقت نفسه توسيعها إلى قارات أخرى في إطار العمل على تحقيق وحدة الشعوب.

هذا هو السبب الذي جعل آلبا تضع نصب أعينها تحقيق تحدي الوحدة القارية، وفي الوقت نفسه تعمل على الانفتاح على وحدة أكبر يكون قوامها شعوب جنوب الكرة الأرضية، جنبا إلى جنب مع الرفاق في إفريقيا وآسيا ومختلف الشعوب التي تتعرض للقمع أيضا داخل ما يسمى العالم الأول، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة.

وكما قلت في السابق فإن النظام العالمي الحالي يدمر ويلقي بثقله بشكل متزايد على كل ما يوجد خارج الـ 1 % التي تمتلك الثروة وتستحوذ على البضائع، وفوق كل ذلك يفكر بشكل متزايد في مشروع قائم على عدد أٌقل من البشر على هذا الكوكب.

إن هذا التحدي يعتبر بمثابة مهمة هائلة، لكننا نثق في السيرورات التاريخية التي ورثناها وأيضا في نضالات شعوبنا اللاتينية والشعوب في مختلف بقاع العالم.

لورا كابوتي: هناك أيضا عنصر مهم ناقشناه في عديد المرات، وهو أن هناك نقصا هائلا في الآفاق والإمكانيات واليوتوبيا من أجل المضي قدما، وهو ما يظهرنا كما لو كنا هزمنا بالفعل.

بصفتنا حركة آلبا فإننا نتحمل مسؤولية بالغة الأهمية، خصوصا أنها ولدت من قلب أعظم اثنين من الثوار المعاصرين الذين لم تكن أفكارهم حكرا على الرؤية الثورية لبلدانهم، بل كانت تتجاوزها إلى ما هو إقليمي.

حين فكر كل من فيدل وتشافيز في آلبا، كان تركيزهما في البداية على توحيد الحكومات، لكن عندما تقدم تشافيز باقتراح حول وحدة الحركات ضمن آلبا كان التفكير الأول هو ما يمكن أن يسمح بهذا التنسيق على المستوى القاري هو التقاء الشعوب معا، خصوصا في ظل الإرث المتمثل في الرؤية البوليفارية التي كانت تنادي مسبقا إلى الوحدة، وإلى أمريكا قوية تجابه نموذج عقيدة مونرو والنموذج الذي تريده الولايات المتحدة لقارتنا.

نتحمل أيضا في هذا التجمع الثالث مسؤولية تجديد الرغبة في مواصلة النضال ومواصلة البناء في مختلف البلدان، وأنه من الممكن أن نشهد نهاية الرأسمالية عما قريب، وهو الأمر الذي يضع على عاتقنا من خلال سيرورتنا الحالية بناء الصيغة التي ستلي هذا الانهيار للرأسمالية.

كما أننا نعتمد على الأشخاص المنخرطين معنا في تقرير ما يجب القيام به. أعتقد أن الآفاق الجديدة واليوتوبيا الجديدة التي نبنيها بأيدينا هي أيضا مسؤولية آلبا لأنها تركيبة من الحركات، من الشعوب التي لم تفكر أبدا كأفراد، ولكن كمجتمع يسعى من خلال صلاته بالمنظمات الاجتماعية وعمله الشعبي إلى تغيير ظروف هذه القارة.

لدينا الإمكانيات والمسؤولية الهائلة التي تمكننا من حمل اسم آلبا معنا، وهو اسم تاريخي يحمل معه الأهداف والغايات التي وضعها فيدل وتشافيز، وتقع على عاتقنا ولنا الشرف في حملها.

هذا هو السبب في أن هذا التجمع الثالث مهم للغاية، لاسيما في وقت يبدو، بعد الوباء، انتصار النزعة الفردية أكثر وضوحا. وحيث نريد الرد على ذلك من خلال هيئة جماعية تناضل من أجل الاشتراكية وتؤمن بالاشتراكية كمشروع، اشتراكية خاصة بنا، اشتراكية ذات وجه أصلي، أسود، نسائي، نسوي وفلاح. إنها مسؤولية أن نكون على مستوى متطلبات اللحظة التاريخية والمشروع الذي نريده.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة