حكومة جيورجيا ميلوني نظام من شركات خاصة تطبع مع الممارسات الفاشية

مشاركة المقال

مدار + بيبل ديسباتش: 01 يونيو/ حزيران 2023

يتحدث ماوريتسيو كوبولا، من حزب بوتير آل بوبولو، (السلطة للشعب) في حوار أجرته معه “بيبل ديسباتش”، عن حملة حزبه من أجل تحقيق مطلب 10 يوروهات للساعة كحد أدنى للأجور، بالإضافة إلى هجوم حكومة جيورجيا ميلوني على العمال ومحاولة التطبيع مع الاستبداد والفاشية.

بيبل ديسباتش: هل يمكنك إخبارنا عن حملة بوتير آل بوبولو للمطالبة بضمان 10 يوروهات (10.72 دولارا أمريكيا) للساعة في إيطاليا كحد أدنى للأجور؟ وماذا كان رد الحكومة على وضع الحد الأدنى للأجور في البلاد؟.

ماوريتسيو كوبولا: إيطاليا واحدة من الدول القليلة في الاتحاد الأوروبي التي لا تعتمد حدا أدنى قانونيا للأجور، لاسيما أن 21 دولة من أصل 27 في الاتحاد كانت تبنت حدا أدنى للأجور. في إيطاليا يتم تحديد الحد الأدنى للأجور فقط من خلال اتفاقيات العمل الجماعية، لكن هذه الرواتب غالبا ما تكون منخفضة جدا – حوالي أربعة إلى ستة يوروهات في الساعة. بالإضافة إلى ذلك فإن إيطاليا هي الدولة الوحيدة في القارة التي لم تشهد فيها الأجور نموا حقيقيا منذ 1990 – بل إنها تقلصت بنسبة 3% في الثلاثين عاما الماضية، وبالتالي فإن واحدا من كل 10 أشخاص في البلد يعمل ضمن أوضاع مادية تدخل ضمن تصنيف الفقر، ومن بين الشباب يرتفع هذا العدد إلى واحد من كل ستة.

وشن حزب بوتير آل بوبولو منذ عام مضى حملة سياسية تسعى إلى تبني حد أدنى قانوني للأجور، وفي نهاية شهر مايو/ أيار الماضي قدمنا بالاشتراك مع تحالف يونيون بوبولار (الاتحاد الشعبي) اقتراحا تشريعيا لوضع حد أدنى للأجور لا يقل عن 10 يوروهات (10.72 دولارا أمريكيا) في الساعة، تمت فيه مراعاة ما تعيشه البلاد نتيجة التضخم.

وسنبدأ في 2 يونيو/ حزيران في جمع التوقيعات من مختلف أنحاء إيطاليا. إنها طريقة للاستجابة للحاجة الملموسة للأشخاص الذين تتعرض ظروف عملهم ومعيشتهم لهجوم شديد اليوم، وفي الوقت نفسه نسعى إلى المساهمة في تنظيمهم في أماكن العمل والأحياء واللجان المحلية.

ورغم راهنية وإلحاحية المطلب إلا أن حكومة جيورجيا ميلوني مازالت ترفع مبرر أنه لا توجد حاجة لتنظيم الأجور. إن معارضة الحكومة لمطلب الحد الأدنى القانوني للأجور هو استمرار للسياسة النيوليبرالية لسلفها ورئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي. تفضل الحكومة في الوقت الحالي التدخل ببعض التخفيضات لمرة واحدة في ضريبة العمل، التي تجلب مؤقتا بعض الفتات في محفظة العمال، بدلا من تبني إعادة توزيع منهجية للثروة المنتجة. وهذا يؤكد أن حكومة جيورجيا ميلوني هي نظام من الشركات الخاصة وليس نظام يخدم الطبقة العاملة.

بيبل ديسباتش: ما هو تأثير الفيضانات الأخيرة في منطقة إميليا رومانيا؟ وما مدى فعالية محاولات الحكومة لتقديم الإغاثة للمتضررين؟.

ماوريتسيو كوبولا: ما نواجهه في منطقة إميليا رومانيا في الوقت الحالي ليس مجرد كارثة طبيعية، إنه نتيجة سنوات وسنوات من تدمير البلاد والتنمية الحضرية المضللة وعدم صيانة الحوض الهيدروجيولوجي للإقليم وتفكيك الحماية المدنية العامة.

وعرفت إيطاليا ارتفاعا في الغطاء الاصطناعي للتربة، ليصل إلى 7.13% من مساحة البلاد بأكملها، في حين يبلغ متوسط الاتحاد الأوروبي 4.2%. وتفقد البلاد في كل ثانية 2 متر مربع من الأراضي الخضراء لصالح الإسمنت، أي 19 هكتارا في اليوم. كما أوضحت جمعية Legambiente البيئية أن 16% من الأراضي الإيطالية – حيث يعيش حوالي 7.5 ملايين شخص – معرضة لمخاطر هيدروجيولوجية عالية.

الزلازل وحرائق الغابات والفيضانات: لم تكن إيطاليا أبدا مستعدة للاستجابة بطريقة مناسبة ومن منظور طويل الأمد لأي من هذه الكوارث؛ وهذا هو السبب في أننا لا نتحدث عن الكوارث الطبيعية، ولكن عن فشل جميع الحكومات على مدى العقود الماضية – حكومات يسار الوسط ويمين الوسط واليمين المتطرف.

ووعدت جيورجيا ميلوني بتدخل مالي طارئ بقيمة 2 مليار يورو (2.14 مليار دولار أمريكي)، قدمته على أنه “أعلى تدخل طارئ في تاريخ إيطاليا”. لكن المشاكل، بالطبع، أعمق من ذلك بكثير: مقدار الأموال التي سيتم استثمارها على المدى الطويل لتعزيز الحفاظ على الإقليم بأكمله والمؤسسات العامة العاملة في هذا الجانب (الحماية المدنية والغابات والهيدروجيولوجية، وما إلى ذلك)، كيف سيتم ذلك؟ وكيف ستوفر الحكومة هذه الأموال؟ هل ستنفذ قوانين لحماية الإقليم؟ في ظل الوضع الحالي من المستبعد للغاية أن يتم اتخاذ مثل هذه الخطوات.

بيبل ديسباتش: كيف تقيمون سياسات الحكومة الحالية في إيطاليا، وخاصة تجاه الطبقة العاملة؟ كيف تنظرون إلى حقيقة أن القوى اليمينية مازالت في صلب السياسة الإيطالية ونحن نخلد الذكرى الثامنة والسبعين لتحرير إيطاليا من الفاشية؟.

ماوريتسيو كوبولا: تميزت الأشهر الثمانية الأولى للحكومة اليمينية المتطرفة في إيطاليا بأربعة جوانب مهمة على الأقل: أولا، إلغاء مدفوعات المساعدة الاجتماعية للفقراء التي سمحت لنحو مليون شخص بالخروج من الفقر المدقع في السنوات الأربع الماضية. ومن المفارقات أن جيورجيا ميلوني استغلت يوم العمال في الأول من مايو/ أيار لتقديم الإصلاح الذي يزيد من العقبات التي تحول دون حصول العمال الفقراء على المساعدة العامة.

ثانيا، سرعت الحكومة من هجماتها ضد المهاجرين واللاجئين. بالطبع، الخطابات والسياسات المناهضة للمهاجرين لم تبدأ مع جورجيا ميلوني، لكننا نشهد تسارعا مهولا على عدد من المستويات المختلفة، لاسيما من خلال حد الحكومة اليمينية المتطرفة، مرة أخرى، من القدرة على الوصول إلى اللجوء السياسي والإنساني للقادمين من بلدان مثل سوريا وأفغانستان وإيران. لكن السياسات المناهضة للمهاجرين يمكن الاطلاع عليها أكثر من خلال وضع سياسات الأسرة اليمينية المتطرفة: في مواجهة انخفاض معدلات المواليد وشيخوخة المجتمع المتزايدة، اقترحت الحكومة تقديم إعفاءات ضريبية للعائلات التي لديها أكثر من طفل واحد، لكن السكان المهاجرين مستبعدون في الغالب من هذا الإجراء، لأن المهاجرين غالبا ما يكسبون القليل جدا لدفع الضرائب، وبالتالي يستفيدون من الإعفاء الضريبي.

ثالثا، هناك أيضا تسارع في تجريم النشاط الاجتماعي والسياسي. في أعقاب الاحتجاج الذي نظمته Ultima Generazione – وهي حركة بيئية مؤلفة من شباب يلونون جدران المباني المؤسسية والمتاحف وما إلى ذلك من أجل تنبيه السكان إلى أننا نتجه إلى الانقراض البشري – قدمت الحكومة قانونا يرفع العقوبة للأنشطة المشابهة إلى غرامة قدرها 60 ألف يورو، وإمكانية السجن لمدة ست سنوات. بطبيعة الحال فإن الهدف من تعريف هؤلاء النشطاء بأنهم “إرهابيون” ليس مجرد معاقبة الحركة البيئية، ولكن أيضا وقبل كل شيء تخويف كل أنواع المعارضة الاجتماعية والسياسية.

رابعا، تغيرت معالجة الذاكرة والتاريخ بشكل جذري مع حكومة اليمين المتطرف. يعمل ممثلو الحكومة الإيطالية بشكل خاص على محو معاداة الفاشية من التاريخ الإيطالي، بما في ذلك مختلف المحطات التاريخية، سواء تعلق الأمر بيوم 25 أبريل/ نيسان (يوم تحرير إيطاليا من الفاشية النازية بفضل المقاومة التي يقودها الثوار)، أو مذابح الفاشية أو طبيعة الدستور الإيطالي، فهناك محاولة واعية لإخفاء مناهضة الطابع الفاشي لماضي إيطاليا. لهذا هدفان: أولا، إنها طريقة لتحويل انتباه الجمهور بعيدا عن عدم قدرة الحكومة على الاستجابة للاحتياجات الحقيقية للطبقة العاملة، وثانيا، هي بمثابة طريقة لتطبيع الاستبداد والفاشية في إيطاليا مرة أخرى.

بيبل ديسباتش: ما هو الرأي العام حول دعم الحكومة الإيطالية لجهود الحرب في أوكرانيا؟ بأي طريقة تتعاون الحكومة في تصعيد الحرب؟ وماذا كان رد فعل الطبقة العاملة الإيطالية؟.

ماوريتسيو كوبولا: دعمت إيطاليا، منذ بداية الحرب، عسكرة الصراع بقيادة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (إرسال الأسلحة والدعم اللوجستي لقواعد الناتو في إيطاليا)، والتهميش السياسي والاقتصادي من خلال العقوبات والشيطنة الثقافية من خلال الخوف من روسيا (استبعاد المشاركين الروس من الأحداث الثقافية، على سبيل المثال). بدأ هذه الإجراءات ماريو دراجي واستمرت مع جيورجيا ميلوني.

وأكدت استطلاعات الرأي المختلفة، خلال السنوات القليلة الماضية، أن غالبية الإيطاليين يعارضون إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، ويعارضون الحرب. لكن، للأسف، هذه الأغلبية الاجتماعية لا تؤدي إلى أغلبية سياسية. وعلى العكس من ذلك، اليوم، يدعم الطيف السياسي والمؤسسي الإيطالي بالكامل موقف الحكومة (مع بعض الاستثناءات في حزبي الائتلاف الحكومي ليغا وفورزا إيطاليا). بالإضافة إلى ذلك، أدت 15 شهرا من التقارير أحادية الجانب عن الحرب إلى تغيير في الرأي العام: يعتقد المزيد والمزيد من الناس أن الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب هي الهزيمة العسكرية لروسيا.

وتساهم الحكومة الإيطالية في تصعيد الحرب من خلال منع أي جهود لمفاوضات السلام. في منتصف شهر مايو/ أيار، على سبيل المثال، عندما كان الرئيس الأوكراني زيلينسكي يقوم بجولة في أوروبا، توقف أولا في إيطاليا حيث التقى بالبابا فرانسيس الذي أصر على مفاوضات السلام، في حين أكدت جورجيا ميلوني على الدعم العسكري الإضافي. لماذا لم تدعم جهود السلام للبابا؟ لأن المصالح الاقتصادية والسياسية المرتبطة بالمجمع الصناعي العسكري وإعادة إعمار أوكرانيا ما بعد الحرب مازالت تهيمن على مواقفها، وليست حاجة الشعب إلى السلام.

لكن هناك جانبا آخر لإيطاليا: في 24 فبراير/ شباط 2023، نظم عمال رصيف ميناء جنوة مظاهرة كبرى ضد النزعة العسكرية في الميناء. يبدو أن حركة السلام الإيطالية تنتعش وتجلب الآلاف من الناس إلى الشوارع. ومهمتنا الآن هي الانضمام إلى هذه القوى من أجل بناء القوة السياسية وتحدي ليس فقط دعم الحكومة للحرب الجارية في أوكرانيا، ولكن أيضا نظام جيورجيا ميلوني اليميني المتطرف بأكمله.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة