جنين.. الأرض التي ظلت صخرة في وجه الاحتلال بمختلف تلاوينه

مشاركة المقال

مدار: 22 حزيران/ يونيو 2023

شهدت جنين في الأيام الماضية فصلا جديدا من فصول الاعتداء الصهيوني على الأراضي الفلسطينية، عندما حاول الاحتلال اقتحامها، ما خلف سقوط خمسة شهداء، بالإضافة إلى إصابة أزيد من 90 فلسطينيا.

لكن رغم عدد الضحايا إلا أن العملية التي استعملت فيها المدرعات وطيارات الأباتشي اعتبرت فاشلة، بالنظر إلى إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن تعرض 7 آليات عسكرية لأعطاب، بالإضافة إلى إصابة العديد من جنوده؛ وهو الأمر الذي دفع قوات الاحتلال إلى الانسحاب.

جنين.. تاريخ من المقاومة

تقع جنين عند سفح تلال نابلس الوعرة، ويطلق على المنطقة “جبال النار”، وهي التسمية التي أطلقت عليها بعد أن أضرم السكان النار في بساتين الزيتون والغابات لوقف زحف الجنود الفرنسيين عام 1799. في النهاية، وبعد انتصار الفرنسيين في المعركة، أمر نابليون قواته بحرق ونهب جنين ردا على مساعدة السكان المحليين للعثمانيين.

وعرفت الفترة التي سبقت اندلاع الثورة العربية ضد الانتداب البريطاني، التي نادت باستقلال فلسطين وإنهاء هجرة اليهود المفتوحة، مدا في حركة المقاومة. ومن أبرز الأحداث التي عرفتها هذه الفترة استشهاد القسام في اشتباك مسلح مع شرطة الاستعمار البريطاني.

وكانت جنين عام 1936، مثلها مثل كامل الأراضي الفلسطينية، مركز تمرد ضد الاحتلال البريطاني، بعد القرار القاضي بالاعتراف باستقلال فلسطين تمهيدا للهجرة اليهودية نحو المنطقة… فلطالما كانت المدينة معقلا لفصائل المقاومة.

عام 1948، بعد إعلان إسرائيل الاستقلال وقتل آلاف الفلسطينيين أو طردهم من منازلهم على يد الجماعات اليهودية شبه العسكرية (النكبة)، احتل الجيش الإسرائيلي جنين لفترة وجيزة.

وكان من الممكن أن تعاني المدينة من مصير مدينة حيفا المجاورة، التي احتلتها إسرائيل وتشرد سكانها العرب، إذ اضطر معظم سكان جنين إلى الفرار بسبب القصف العنيف على مدينتهم.

وبعد نكبة عام 1948، واحتلال الإسرائيليين الأراضي الفلسطينية، وقعت جنين كذلك تحت الاحتلال الإسرائيلي خلال “قتال العشرة أيام”، لكن ذلك لم يستمر لفترة طويلة؛ إذ استطاع أهالي المدينة تحريرها بمساعدة الجيش العراقي.

وعام 1949، أصبحت جنين تحت السيطرة الأردنية، وفي أوائل الخمسينيات من القرن الماضي تم إنشاء مخيم جنين لإيواء الفلسطينيين الذين طردوا خلال حرب 1948 بين إسرائيل والدول العربية.

وأصبح المخيم، الواقع على الأطراف الغربية لجنين، في ما بعد معقلاً لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

معركة 2002 الدموية

 أثناء الانتفاضة الثانية، اجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي مخيم جنين كجزء مما أسماها “عملية الدرع الواقي” في أبريل/نيسان 2002، بحيث حاصر المخيم وقطع عنه المياه والطعام والكهرباء ومنع دخول المواد الطبية قبل تفجيره بطائرات إف-16 وقذائف المدفعية.

دمر الاحتلال في تلك العملية 455 منزلا بالكامل، كما ألحق ضررا بـ 800 منزل أخرى، واستشهد 58 من أبناء المخيم، وكان معظمهم من المدنيين، فضلاً عن اعتقال المئات.

بعد الخسائر التي تكبدتها قوات الاحتلال، حاول الكيان التغطية على ما اعتبر فشلا ذريعا، من خلال ادعاء أن العملية حققت ما كان مرجوا منها، ألا وهو اجتثاث جميع سبل المقاومة من المخيم الذي وصفه بـ “عش الدبابير” الذي لا بد من تدميره.

وجعلت المعارك جنين نقطة مرجعية في مقاومة الفلسطينيين في أوائل القرن الحادي والعشرين، وأصبحت موضوعًا للأغاني الوطنية والملصقات والقصائد.

مع تزايد تواتر الغارات العسكرية الإسرائيلية والاشتباكات المتواصلة التي يشهدها المخيم، بالإضافة إلى سلسلة من القيود الاقتصادية التي فرضها الجيش الإسرائيلي منذ زمن طويل، فإن الوضع في جنين دائما ما كان قابلا للانفجار في أي وقت، وهو الأمر الذي يتضح كل مرة مع توالي الاعتداءات على المدينة.

الوضع الحالي

لم تخل السنوات القليلة الماضية من عديد محاولات اقتحام المخيم والسيطرة عليه، لكنه في كل مرة يواجه العدوان بمقاومة كبيرة، وهو ما حصل في 2021 بعد اشتباكات بين قوات الاحتلال وسكان من المخيم، ما أسفر عن استشهاد 4 فلسطينيين من المخيم والمدينة؛ وفي المقابل تعرض عديد الجنود الإسرائيليين لإصابات متفاوتة، جعلتهم ينسحبون تحت غطاء كثيف من إطلاق الرصاص الحي لحماية أنفسهم.

وفي عام 2022، نفذ شاب مجهول عملية ضد مستوطنين مخلفا 5 قتلى و6 جرحى، وهي العملية التي استنفرت كامل قوات الاحتلال، لاسيما أنها تمت في قلب الكيان المحتل.

لتتعرف بعد ذلك قوات الاحتلال على المنفذ، وهو الشاب رعد حازم من مخيم جنين، الذي استشهد بعد ذلك في مدينة يافا. لم تترك قوات الاحتلال الفرصة تمر دون شن عدوان جديد على المخيم، مخلفا 10 شهداء وإصابة العشرات؛ لتكون بذلك جنين على رأس قائمة المدن الفلسطينية من حيث عدد الشهداء والجرحى لهذا العام، وليكون لها النصيب الأكبر في عمليات المقاومة والهجمات ضد حواجز الاحتلال العسكرية.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة