مدار: 10 حزيران/ يونيو 2021
يحكم الترقب المجتمع البيروفي، في انتظار النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية، بعد أن تقدم المرشح اليساري بيدرو كاستيو على مرشّحة اليمين كيكو فوجيموري؛ ومن الناحية الجيوسياسية فإن وصول اليسار إلى رئاسة البلاد، يبعثر أوراق الولايات المتحدة، في الأمريكية الجنوبية.
وأجري الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية البروفية يوم 06 حزيران/ يونيو، وأظهرت النتائج الأولية تقدم كاستيلو بفارق 73,000، على منافسته اليمينية فوجيموري، في انتظار الإعلان عن النتائج الرسمية من طرف المكتب الوطني للعمليات الانتخابية.
وتدّعي مرشحة اليمين أن العملية الانتخابية شابتها عمليات “تزوير”، ورفعت فوجيمور أمس الأربعاء من حدة التوتر بالبلاد، بعد أن طالبت بإلغاء حوالي 200 ألف صوت حاز عليها كاستيو، غير أن الطعون التي تقدمت بها مرشحة اليمين، بقيادة محاميها والنائب السابق ميغيل توريس، “لا تندرج ضمن أحكام قانون البلاد الموجبة لإلغاء الأصوات” وفق ما أكدته وكالة “EFE“.
من جهته، كان الرئيس اليساري المنتخب، قد دعا إلى الدفاع عن الديمقراطية، وقال الإثنين الماضي: “يجب أن نكون يقظين للدفاع عن الديمقراطية التي يتم التعبير عنها في كل تصويت، داخل وخارج بيرو الحبيبة. لا يمكننا أن نرتاح. أتمنى أن تسمح هذه الوقفة الاحتجاجية التاريخية بإعادة ميلاد بلد جديد”، وفق ما أشرنا إليه سابقا.
وهنأت “حركات ألبا”، وهي شبكة واسعة للمنضمات الشعبية بالقارة الأمريكية الجنوبية، الرئيس المنتخب بالنصر الذي حققه، وقالت في بلاغ توصل “مدار” بنسخة منه، إن “هذا النصر، هو نصر لكل القارة الأمريكية”، وأضافت إن “أولئك الذين يعيشون في فقر هيكلي، وأولئك الذين لم يتم استقبالهم في العيادات، وأولئك الذين احتقرتهم النخبة السياسية باستمرار، وأولئك الذين لا يظهرون في وسائل الإعلام ولكنهم يبنون البلد يومًا بعد يوم. إنهم اليوم مفعمون بالأمل تجاه رئيسهم الجديد”.
وأشارت الشبكة ذاتها، إلى أن السياق الحالي مليء بكثير من الغموض، في ظل مناورات ما وصفته بـ “المافيا الفاشية”، ومحاولاتها لإجهاض الإرادة الشعبية، التي انتخبت رئيسا “قرويا، متواضعا وصادقا”، وصرحت: “هذه أوقات غير مؤكدة في بيرو (..) ولكن طالما أن هناك صراعًا شعبيًا، فهناك أرضية للتقدم”، مشدّدة على أن ظفر كاستيلو برئاسة البلاد، يشكل رسالة واضحة ضد السياسات النيو ليبرالية التي تم تطبيقها في البلاد.
ضربة موجعة للولايات المتحدة
واعتبر تحليل للكاتبين “ميديا بينجامين” و”ليوناردو فلويس” على موقع “بيبلز ديسباتش“، إن انتصار كاستيلو، سيمثل على مستوى السياسة الخارجية ضربة موجعة للولايات المتحدة الأمريكية، في المنطقة و”خطوة مهمة نحو إعادة تنشيط التكامل في أمريكا اللاتينية”.
ومنذ بداية الحملة الانتخابية، شن الإعلام المملوك للبورجوازية في غالبيته، حملة هوجاء ضد المرشح اليساري، وبالإضافة إلى اتهامه بالإرهاب، والارتباط مع جماعات عنيفة، والتورط في عمليات قتل، وهي تهم لا يقدم أي دليل يؤكدها، فقد اتجهت على المستوى الاقتصادي إلى وسمه بأن سياساته ستؤدي إلى إفقاد العملة قيمتها، نتيجة السياسات “الشيوعية” التي سينهجها، متهمة إياه بأن سيحول بيرو إلى “كوبا وفنزويلا”، في حين أوضح كاستيلو أن برنامجه يتضمن إعادة التفاوض مع الشركات متعددة الاستيطان من أجل ضمان بقاء جزء من الأرباح داخل البلد.
وزيادة على التغطية الإعلامية غير المتوازنة في الداخل، أشار التقرير، إلى أن الإعلام الدولي لم يكن منصفا في تغطية حملتي كاستيلو وفوجيموري، وذكرت وكالة “بيلومبرغ” إن “النخب ترتجف” من فكرة كاستيلو كرئيس، بينما كتب الفايننشال تايمز الأمريكية أن “النخب في بيرو مصابة بالذعر خوفا من فوز اليسار المتشدد في الانتخابات الرئاسية”.
وأشار الكاتبان إلى أن انتصار كاستيلو في الانتخابات الرئاسية، سيمثل على صعيد السياسة الخارجية، ضربة موجعة لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، و”خطوة مهمة نحو إعادة تنشيط التكامل في أمريكا اللاتينية”، إذ وعد المدرس القروي، بانسحاب بلاده من مجموعة ليما، والتي كرست نفسها لـ “تغيير النظام في فنزويلا”.
بالإضافة إلى ذلك، دعا حزب “بيرو حرة” إلى طرد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وإغلاق القواعد العسكرية الأمريكية في البلاد، كما أعرب كاستيلو عن دعمه لمواجهة منظمة الدول الأمريكية وتعزيز كل من مجتمع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (CELAC) واتحاد دول أمريكا الجنوبية (UNASUR)، ويشكل هذا الفوز أيضا نذير خير لليسار في تشيلي، كولومبيا والبرازيل، حيث ستجري في البلدان الثلاث انتخابات رئاسية على مدار السنة ونصف المقبلة.
ونبه التحليل، إلى أن كاستيلو سيواجه مهمة شاقة، في مواجهة كونغرس معاد، ورجال أعمال معادين، وصحافة معادية، وعلى الأرجح إدارة بايدن معادية. وسيكون دعم الملايين من البيروفيين الغاضبين والمتحمسين للمطالبة بالتغيير، إلى جانب التضامن الدولي، عاملاً أساسياً للوفاء بوعد حملته بمعالجة احتياجات القطاعات الأكثر فقراً والتي تم التخلي عنها في المجتمع البيروفي.