انتخابات أوتار براديش في الهند.. مغالطات وحقائق حول فوز حزب مودي

مشاركة المقال

نيوز كليك/ مدار: 16 آذار/ مارس 2022

لأكثر من شهر، عاشت أوتار براديش، الولاية الأكثر اكتظاظا في الهند (أكثر من 240 مليون نسمة)، وتقع في شمال البلاد، على وقع انتخابات قصد تجديد مجلسها المحلي (حكومة الولاية)، في سياق الانتخابات التشريعية، وهو الأمر نفسه الذي اتبعته أربع ولايات أخرى: أوتار خاند (شمال)، البنجاب (شمال)، جوا (جنوب) ومانيبور (شمال شرق). ويتولى حزب بهاراتيا جاناتا السلطة في جميع هذه المناطق، باستثناء البنجاب التي يقودها حزب المؤتمر.

وعادة بعد ظهور نتائج الانتخابات يتم تفكيك الأساطير التي نشأت أثناءها، ويتم خلق أخرى جديدة. يحدث هذا في جميع الانتخابات، لكن عندما تكون هناك ولاية مهمة مثل أوتار براديش فهذا يعني العديد من النظريات والألغاز التي يجب حلها.

 وبإلقاء نظرة على الرسم البياني أدناه، نكون نظرة عن حصة التصويت للأحزاب السياسية الرئيسية عامي 2017 و2022، بناء على بيانات مفوضية الانتخابات. هذه الأرقام التي بينت أن حزب بهاراتيا جاناتا ارتفعت نسبة التصويت له من 41 إلى 45%، في حين ارتفعت نسبة التصويت لتحالف حزب ساماجوادي (الحزب الاشتراكي SP) من 28 إلى 36%.

هذه النتائج تجعلنا نتناول العديد من الأمور والأساطير التي رافقت الانتخابات الأخيرة في ولاية أوتار براديش.

المغالطة الأولى: فوز حزب بهاراتيا جاناتا جاء بسبب نجاح مخططات الرعاية

من أبرز الأمور التي حاول الحزب الترويج لها، والتي تم التركيز عليها في وسائل الإعلام المختلفة، أن فوزه جاء نتيجة سياسات الرعاية الناجحة، معتمدا في ذلك على بعض البرامج التي تم تبنيها، مثل الحبوب الغذائية المجانية التي قدمها المخطط المركزي للتغلب على فترة الوباء، وبعض المساعدات التي استفادت منها عدد من العائلات الفقيرة.

 لا شك في أن هذه الأسباب تحمل بعض الحقيقة، لكن إذا كان الناس يصوتون فقط من خلال القضايا المتعلقة بالمساعدة الاقتصادية والإغاثة فإن تضاعف معدلات البطالة وارتفاع أسعار السلع الأساسية سيؤديان بالضرورة إلى تآكل هذه النوايا الحسنة؛ بالإضافة إلى أن الدمار الذي خلفه فيروس كورونا، وخاصة الأثر الاقتصادي الكبير على الأسر الفقيرة، سيزيل أي رغبة في إعادة الانتخاب على هذا الأساس.

وأيضا إذا كان هذا هو السبب الأكبر فلماذا خسر حزب بهاراتيا جاناتا أكثر من 50 مقعدا مقارنة بحصيلة الانتخابات الأخيرة؟ ولماذا انخفضت حصة التصويت للحزب في بعض من أفقر المناطق؟.

لو كانت برامج الرعاية الاجتماعية هي التي تقود للفوز في الانتخابات لكان حزب بهاراتيا جاناتا قد تم استئصاله من معظم الولايات والمناطق بفعل الفقر المدقع. لذا لم تكن هذه المخططات وحدها هي التي أسفرت عن فوز الحزب في الانتخابات، فهناك شيء آخر.

المغالطة الثانية: انتخابات بخلفيات قومية (هندوتفا)

هناك بعض الحقيقة في أن الخطاب القومي – هندوتفا – كان له بعض الأثر في فوز بهاراتيا جاناتا في هذه الولاية، لكن تتم المبالغة في ذلك من قبل بعض من مؤيدي الحزب، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن التنظيم تحصل على 46% من الأصوات، وإذا احتسبنا من لهم الحق في التصويت ستصبح النسبة 27%، ما يعني أن هذا الخطاب غير صحيح.

ولكن بصرف النظر عن النتائج وملاحظاتنا فإنه يجب التركيز على أن خمس سنوات من حكم حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة يوغي أديتياناث أثبتت بالفعل هيمنة كبيرة لخطاب “هندوتفا”. وينعكس هذا في تهميش الجالية المسلمة ووصمها بأفظع الأوصاف، وتمرير الشعور بالتفوق الهندوسي بين قطاعات كبيرة من الناس. هذا الأمر جعل رابطة قوية بين خطاب “هندوتفا” وحزب بهاراتيا جاناتا.

وهناك أيضا بالإضافة إلى خطاب هندوتفا أسباب مرتبطة بالجانب الديني، مثل استغلال الاحتفال بتشييد معبد رام، والتجديد المزعوم لـ 700 معبد، وبناء ممر كاشي فيشواناث في فاراناسي، وإعادة تسمية بعض الأماكن بأسماء دينية؛ والأهم من كل ذلك الدعاية المستمرة للحزب ضد المسلمين، التي تتم بشكل خفي في كل مناسبة. لقد أصبح هذا بمثابة مسار اختاره حزب بهاراتيا جاناتا تحت قيادة يوغي، ما أنشأ لديه قاعدة دعم.

ومع كل هذه الأسباب، فقد انتهى الأمر بحزب بهاراتيا جاناتا بنسبة 46% من الأصوات التي تم استطلاعها، بينما ذهبت البقية لأحزاب المعارضة. لقد كانت حركة المزارعين، الفظائع المتعلقة بالداليت، البطالة، ارتفاع الأسعار، الوعود الكاذبة بمضاعفة دخل المزارعين، وما إلى ذلك، بعيدة عن بنك التصويت الخاص بـ”الهندوتفا”. ولا ينبغي أن يكون هناك شك في أن السم الطائفي قد تم زرعه على نطاق واسع من البلاد، وهو يشكل خطرا على التعايش بين مختلف الطوائف.

المغالطة الثالثة: المعارضة قامت بأفضل ما لديها لكنها خسرت

من الواضح في الفترة التي سبقت الانتخابات أن المعارضة، ممثلة في تحالف الحزب الاشتراكي، قامت بحملة انتخابية شرسة، لاسيما أن زعيم الحزب الاشتراكي أخيليش ياداف كان له حضور في حوالي 131 تجمعا، لكن لا يجب أن يتم النظر إلى ذلك على أنه كاف.

أكبر عائق واجه المعارضة هو أنها بدأت عملها قبل شهرين إلى ثلاثة أشهر من انطلاق الانتخابات، وهذا راجع إلى أنها خلال السنوات الخمس الماضية، وخاصة بعد الهزيمة المدوية في انتخابات 2019، أصبحت تعيش على وقع نوع من السبات؛ فرغم أنه كانت هناك بعض التحركات المتفرقة إلا أنه لم يكن لديها ارتباط بالقاعدة الجماهيرية، ولم يكن لديها دعم سياسي قوي من شخصيات بارزة في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، كانت المعارضة شبه غائبة على الأرض في فترة الوباء، خصوصا في ما يتعلق بمشاكل المهاجرين العائدين والجثث التي تم اكتشافها في نهر الغانج، واليأس الذي صاحب نقص أسطوانات الأكسجين، ونظام الرعاية الصحية المنهار. في كل هذه الأزمات لم تقدم هذه الأطراف أي دعم، كما أنه عندما شنت حكومة يوغي هجوما ضد المسلمين وغيرهم من المحتجين بسبب اعتراضهم على قانون الجنسية، لم تفعل هذه الأحزاب شيئا عمليا.

ولعل الأهم من كل هذا هو أن المعارضة لم تعمل على تسليط الضوء على ما يمكن أن يصبح الوضع عليه طيلة الفترة المقبلة، بسبب السياسات التي يسعى حزب بهاراتيا جاناتا إلى تطبيقها إذا ما فاز بالانتخابات.

ما مقدار الأموال التي أنفقها حزب بهاراتيا جاناتا؟

إلى جانب إعلان رئيس الوزراء الهندي مودي عن مشروعات بالملايين قبل فترة قصيرة من الانتخابات، فقد أنفق بهاراتيا جاناتا مبلغا هائلا، لكن لم يتم الإفصاح عن هذه المصاريف لتبقى مجهولة.

ومن الأمور التي تم استغلالها بشكل كبير، بالإضافة إلى التمويلات مجهولة المصدر، استغلال نظام الإغاثة الإلكتروني من خلال الإعلان عن عدد كبير من المستفيدين.

وتم ذلك بطريقة حاول عبرها الحزب جعله كما لو كان هبة منه، وذلك بجعل الولاة في المناطق التي تشهد انتخابات من يعلنون عن الأسماء.

هذه الممارسات جعلت كفة المعارضة تظهر بشكل ضعيف، سواء بسبب عدم تواجد تمثيليات لها في هذه الولايات، أو عدم قدرتها على توفير التمويلات الكافية التي من شأنها أن تسهل العمل.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة