مدار: 11 كانون الثاني/ يناير 2022
يشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ يعاني اليمنيون في مختلف مناطق البلاد من تدهور في الظروف المعيشية وغياب الخدمات الطبية وانقطاع متواصل للتيار الكهربائي، كما ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية.
وتلقت خطة الاستجابة الإنسانية المخصصة لليمن لعام 2021، ما نسبته 58 بالمائة من متطلبات التمويل، ويؤدي ذلك، حسب الأمم المتحدة إلى نقص في التمويل بمقدار 1.6 مليار دولار.
ونتيجة لهذا الوضع، تضطر وكالات الإغاثة إلى تقليص البرامج الحيوية وإغلاقها، حيث تتراجع خدمات الصحة الإنجابية والمياه والحماية وغيرها من البرامج.
وفي هذا الصدد، أعلن الناطق باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك للصحفيين خلال مؤتمر صحفي: “كما أبلغناكم في كانون الأول/ديسمبر، يتم تخفيض المساعدة الغذائية الطارئة لثمانية ملايين شخص في جميع أنحاء البلاد”، مؤكّداً “سنعمل أيضاً في عام 2022، عن كثب مع جميع أصحاب المصلحة لتعزيز اقتصاد أقوى في اليمن، حيث إن الانهيار الاقتصادي هو العامل الرئيسي الذي يتسبب في زيادة الاحتياجات الإنسانية.”
وتحث المنظمة الأممية الجهات المانحة على الحفاظ على تمويلها، وزيادته حيثما أمكن، للاستجابة الإنسانية في اليمن، والتي تمثل شريان الحياة لـ 16 مليون شخص.
تفاقم عدد الجوعى
وعلـى الرغـم مـن الجهـود المسـتمرة للتخفيـف من مخاطر المجاعة فـي اليمـن، لا يــزال انعدام الأمن الغذائي يمثل تحدياً رئيسياً.
وكان برنامج الأغذية العالمي حذر الشهر الماضي، من نفاد الأموال اللازمة لمواصلة تقديم المساعدات الغذائية لنحو 13 مليون شخص في اليمن، معلناً أنه “اعتباراً من كانون الثاني/يناير، سيتلقى 8 ملايين شخص حصصاً غذائية مخفضة، بينما سيستمر 5 ملايين من المعرضين لخطر الانزلاق في ظروف المجاعة في تلقي حصص غذائية كاملة”.
وأفاد البرنامج بارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى أكثر من الضعف، في معظم أنحاء اليمن هذا العام. في غضون ذلك، يستمر القتال عبر خطوط المواجهة المتعددة في إجبار العائلات على الفرار.
الجليل..
وتعقيباً على تفاقم هذه الأزمة، أفاد الصحافي وضاح الجليل لـ “مدار”؛ “أن الأزمة الإنسانية في اليمن، لا تقف عند حدود الافتقار إلى المواد الغذائية الأساسية أو عجز الأسر عن توفير وجبة طعام واحدة يومياً، أو النزوح والسكن في العراء وافتقاد السكن اللائق بالآدمية، بل إنها تعدت حدود ذلك”، موضحاً “أن الكثير من مخيمات النزوح أصبحت مسرحاً للعمليات العسكرية؛ أو مرمى لقذائف الحرب التي تنهال عليها، وتعد السكان بنزوح جديد، ما يجعل حياتهم رهناً للهروب الدائم بحثاً عن الأمان، مما يستدعي البحث عن مصادر جديدة للغذاء”.
وزاد المتحدث نفسه أثناء تصريحه لـ “مدار”، “عموماً تعاني مخيمات النزوح من صعوبة وصول المساعدات الإنسانية إليها إما بسبب القتال؛ أو بسبب تغير أماكن النزوح، وحاجة المنظمات والجهات التي تقدم المساعدات إلى البدء بجمع البيانات من جديد، وإيصال المواد الغذائية إلى المخيمات الجديدة”.
وزاد وضاح الجليل: “مما يساهم في تفاقم المأساة الإنسانية في اليمن؛ انهيار قيمة العملة المحلية، وانعدام الوقود، وهما العاملان اللذان تسببا في انعدام الغذاء والسلع الأساسية وعدم مقدرة السكان على شرائها، حيث أن اليمن مازال على رأس قائمة الدول المستوردة للاحتياجات الأساسية”.
وأكّد الصحافي ذاته أن “الأزمة الاقتصادية العالمية التي نتجت عن جائحة كورونا، تسببت في تقليص حجم المساعدات الغذائية والدوائية التي تقدمها الدول عبر الهيئات الأممية إلى اليمن”.
ويضاف إلى كل ذلك “بروز مظاهر فساد في أوساط المنظمات والجهات المحلية والخارجية المختصة بإيصال المساعدات وتوزيعها، تسبب إما في عدم وصول المواد الإغاثية إلى مستحقيها، أو في توقف برامج هذه المساعدات، أو تحويلها إلى مناطق وجهات أخرى”، يقول المصدر نفسه.
وحول الوضع الصحي، أشار الصحافي إلى أن “النازحون يفتقرون إلى دورات مياه نظيفة وحتى منظومات صرف صحي بأشكالها البدائية، وهو ما يتسبب في انتشار العديد من الأمراض المعدية في مخيمات النزوح التي تفتقر إلى الخدمات الطبية.. وللعلم تقدم بعض المؤسسات والهيئات الدولية دعماً لبناء دورات مياه للمخيمات؛ إلًا أنها لا تمثل أعدادا كافية، ولا تتوفر على مستلزمات صحية لائقة”.
وعن تحذيرات الأمم المتحدة قبل نحو عام، من تصاعد مخاطر حدوث المجاعة في اليمن، وإعلانها أن “حوالي 50 ألف يمني يعيشون بالفعل في ظروف شبيهة بالمجاعة، فيما يبعد 5 ملايين شخص خطوة واحدة عن هذا الوضع”، أفاد المتحدث “أن الأمم أشارت أن نحو 21 مليون شخص يمني، أي أكثر من 66 بالمائة من إجمالي عدد السكان، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية وأمن غذائي”،
وأوضح مصدر “مدار” أن “أرقام الأمم المتحدة قد لا تكون دقيقة بسبب صعوبة جمع البيانات والتحقق منها. وهناك مئات القرى في أرياف محافظات متوزعة على مختلف الجهات في البلاد (حجة والمحويت شمال غرب اليمن، والحديدة غربا، وتعز وسط البلاد) لجأ أهلها إلى استخدام أوراق الأشجار لإعداد وجبة غذاء واحدة يومياً، ويعتمد توفر أوراق الأشجار الصالحة للأكل على سقوط الأمطار، وهي أمطار موسمية بالعادة”.
يُشار إلى أن برنامج الأغذية العالمي يحتاج إلى 813 مليون دولار لمواصلة مساعدة الفئات الأكثر ضعفاً في اليمن حتى شهر أيار/مايو. وكذلك يحتاج إلى 1.97 مليار دولار في عام 2022 لمواصلة تقديم المساعدات الغذائية الحيوية للأسر المهددة بالمجاعة.