النقص الحاد في الأسمدة بالهند يودي بحياة خمسة مزارعين في أسبوع ويعكر صفو الموسم الزراعي

مشاركة المقال

نيوزكليك/ مدار: 04 تشرين الثاني/ نونبر 2021

نفد مخزون التعاونيات من ثنائي فوسفاط الأمونيوم ومختلف الأسمدة الأخرى الضرورية لبدء موسم البذر، وفي ظل هذا الوضع مات العديد من المزارعين في لاليتبور والمناطق المحيطة بها، إما انتحارا أو جراء الإرهاق الذي امتص أرواحهم في مساعيهم اليائسة إلى ابتياع أكياس قليلة من مغذيات التربة.

في لكناو، أبلغ المزارعون الأسبوع الماضي في منطقة بانديلخاند في ولاية أوتار براديش عن أزمة كبيرة في الأسمدة، في وقت تعتبر هذه الظرفية بمثابة ذروة زراعة المحاصيل.

وتعاني العديد من المناطق في الهند من نقص حاد في الأسمدة، ولاسيما في كل من هاميربور، لاليتبور، هاثراس، إيتاوا، فاروكاباد، فيروز أباد، إيتا، باندا، مينبوري وكانوج، بحيث عبر بعض من المزارعين المنتمين إلى هذه المناطق عن أنهم يتوجهون بأعداد هائلة من الصباح حتى المساء إلى الجمعيات التعاونية من أجل اقتناء البذور دون أن يحصلوا على ما يبتغون.

مزارعون في طابور للحصول على الأسمدة.

وتحول هذا النقص إلى سبب للوفيات في منطقة لاليتبور، حيث مات خمسة مزارعين على الأقل في ظرف أسبوع أثناء محاولاتهم اليائسة من أجل توفير بضع أكياس من الأسمدة.

ويوم السبت الماضي، تم إعلان أن النقص المتزايد في الأسمدة والأزمة المالية دفعا مزارعا في منتصف العمر إلى الانتحار في قرية ماساورا خورد في منطقة جاخورا في لاليتبور، وعبر الشقيق الأكبر للمتوفى لنيوزكليك عن أنه خلال الأيام الخمسة إلى السبعة الماضية كان شقيقة يزور مراكز توزيع الأسمدة دون جدوى، وأضاف أنه أقدم على هذه الخطوة لأنه كان قلقا بشأن النقص والديون التي يجب أن يقوم بسدادها للبنك.

تم العثور على جثة راغوفير باتيل معلقة بالقرب من حقله. ووفقا لمركز الشرطة فإنهم استعادوا من جيب المتوفى ورقة يشير فيها إلى أن سبب انتحاره يعود إلى عدم توفر الأسمدة. رغم ذلك لا يمكن إثبات صحة الرسالة من الوهلة الأولى.

وحسب تقرير الشرطة فإنه “تم العثور على الرجل المسمى راغوفير باتيل معلقا على شجرة يوم السبت، بعد ساعات من مغادرته المنزل متوجها نحو حقله؛ وتم رصد الجثة من قبل عدد من زملائه المزارعين الذين أبلغوا الأسرة، ليتم إرسالها للتشريح، كما أنه سيتم اتخاذ مزيد من الإجراءات في هذا الصدد”؛ فيما يقول أفراد عائلة الهالك إنه انتحر بسبب تعرضه لضغوط هائلة نتيجة عدم توفر الأسمدة.

في غضون ذلك، وبناء على تعليمات من قاضي التحقيق، فتحت الشرطة تحقيقا معمقا في القضية. المعلومات التي نشرها القاضي أشارت إلى أن المتوفى يمتلك 3899 هكتارا من الأراضي، قام بزراعة 60% منها. وحسب ما ورد في التحقيق فقد اقترض الهالك مليون روبية (13360 دولارا أمريكيا) من حسابه كيسان. كما أنه وفقا للقاضي فإن راغوفير عانى من ضغوط نفسية نتيجة المشاكل المالية التي وقع فيها بعد وفاة كل من زوجته ووالدته، وأضاف أن ادعاء نقص الأٍسمدة كسبب للانتحار أمر خاطئ.

ورغم ما تناولته التحقيقات، إلا أن الأخ الأكبر للمتوفى تشبث بأن شقيقه كان منزعجا من عدم تحصله على الأسمدة، رغم تردده على ما يقارب عشرة مراكز الأسبوع الماضي، وأضاف: “عندما فشلت أنا وأخي راغوفير في الحصول على الأسمدة في منطقتنا، ارتأينا الذهاب إلى جانسي وقمنا بالفعل باقتناء أربعة أكياس من الأسمدة بسعر 1500 روبية (20 دولارا أمريكيا) لكل كيس، من بينهما كيسان أخذهما أخي، وقام حينها بزراعة الفاصولياء، لكنه كان قلقا بشأن عدم كفاية الأسمدة”.

وترك روغوفير وراءه ولدين وبنتا، كان يعتني بهم لوحده ومن خلاله أعماله الزراعية، خصوصا بعد وفاة زوجته منذ 13 عاما بعد صراع مع مرض السرطان.

وقال وزير الدولة المكلف بكيسان سابها، موكوت سينغ، إن التعاونيات كانت تواجه نقصا حادا في الأسمدة، وكان على المزارعين أن يقفوا في طوابير لعدة أيام. وأورد سينغ وهو ينتقد السوق السوداء كيف أن كيسا من ديامونيوم الفوسفاط، ثمنه 1200 روبية (16 دولارا)، أصبح يباع حاليا من 1400 روبية (19 دولارا) إلى 2000 روبية (27 دولارا).

وأضاف سينغ: “مخططات حكومة يوغي، حكومة أوتار براديش، للمزارعين موجودة فقط على الورق، فقد بدأ الموسم وهناك نقص كبير في ثنائي فوسفاط الأمونيوم، بحيث اضطر المزارعون إلى الوقوف في طوابير طويلة”، مسترسلا: “إنها ضربة مزدوجة للمزارعين في ظل النقص في الطاقة السائد”. هذا ووصف سينغ حكومة يوغي بأنها غير مدركة لما يجري، متهما إياها بأنها منشغلة في حملات الاقتراع بدل مساعدة المزارعين.

وكان تم الإبلاغ عن أول حالة وفاة في 23 أكتوبر/ تشرين الأول، عندما توفي مزارع في طابور بمحل للأسمدة في منطقة جوجبورا في أوتار براديش، إذ عبر من كانوا هناك عن أنه كان ينتظر دوره طيلة اليومين اللذين سبقا وفاته.

وكان المتوفى، بوجي بال، وهو من مواليد قرية ناياجاون في بيردا بمنطقة لاليتبور، توجه إلى المقر الرئيسي للمنطقة يوم الخميس لاقتناء الأسمدة. وقال شهود عيان لنيوزكليك إنه ذهب إلى متجر في منطقة جوجبورا، حيث بدأت صحته تتدهور وانهار أثناء وقوفه في الطابور. وأوصت إدارة المقاطعة بتعويض لعائلة المتوفى قدره مليون روبية (13360 دولار) تصرف من صندوق الإغاثة الخاص بأوتار براديش.

ووفقا لابن المزارع المتوفى فقد كان والده يمتلك فدانين من الأرض، وكان يحاول خلال الأيام الثلاثة الماضية الحصول على السماد من أجله زراعتهما، ونتيجة لذلك اضطر إلى الوقوف في طوابير متكررة في العديد من المتاجر بسبب نقص العرض.

وفي حالة أخرى مماثلة وقف ماهيش بونكار، وهو مواطن من قرية بانيانا في لاليتبور، في طابور لمدة ثلاثة أيام متتالية على أمل شراء الأسمدة الضرورية لأرضه. ومثل بوجي بال انهار ماهيش أيضا خارج المتجر، ومن ثم نقل إلى مستشفى المنطقة، حيث تم إعلان وفاته.

وأخبر غيانشاندرا، ابن عم المتوفى، نيوزكليك عن أنه ذهب رفقة ماهيش ثلاثة أيام متواصلة إلى تعاونية الأسمدة في لاليتبور من دون فائدة؛ ويوم الإثنين 25 أكتوبر/ تشرين الأول، الساعة 12 ظهرا، عندما كان ابن عمه يقف في الطابور، تدهورت صحته وانهار في مكانه.

وبالإضافة إلى هذه الحالات، راجت أخبار عن أن مزارعا آخر يبلغ من العمر 40 عاما، واسمه أهيروار، من قرية مايلوارا خورد في منطقة لاليتبور، مات منتحرا بسبب يأسه من الحصول على ثنائي فوسفات الأمونيوم لأرضه؛ ووفقا لأفراد عائلته فقد زار عدة مراكز في الأيام الثلاثة الماضية، لكنه لم ينجح في التحصل على الأسمدة.

وتوفي أهيروار منتحرا في 2 أكتوبر/ تشرين الأول، ووجده السكان المحليون ميتا في حقله. لكن سلطات المقاطعة تنفي افتراضية أن انتحار أهيروار جاء بسبب عدم توفر الأسمدة.

وفي ظل الوضع المتأزم للمزارعين، طالبت الأمينة العامة للكونغرس، بريانكا غاندي فادرا، يوم الجمعة، بفتح تحقيق في مزاعم حول تواطؤ مسؤولين حكوميين في التسويق الأسود للأسمدة في منطقة بوندلخاند بولاية أوتار براديش، حيث يرتبط نقصها حتى الآن بوفاة أربعة مزارعين على الأقل هناك.

الخوف من الجوع بسبب نقص الأسمدة

شهد الموسم الزراعي الحالي تأخير بذر المحاصيل، بما في ذلك القمح في قرى منطقة بوندلخاند، بسبب نقص ثنائي فوسفات الأمونيوم، كما أن المزارعين في الولاية يواجهون وطأة لامبالاة حكومة حزب بهاراتيا جاناتا على كل المستويات، وفق تعبير قادة لهم.

وقال راميش، وهو مزارع من إيتاوا، لنيوزكليك: “في العادة تتم زراعة القمح بين 15 أكتوبر/ تشرين الأول و15 نونبر/ تشرين الثاني، وبسبب ضغط إلزامية الحصول على الأسمدة يضطر المزارعون إلى الانتقال من تعاونية إلى أخرى. ومع ذلك، لا نحصل على ما يكفي من الأسمدة حتى بعد الانتظار في طوابير طويلة لعدة أيام تحت حماية الشرطة. لقد تأخر بذر موسم المحاصيل المقبل بسبب هذا”.

وأضاف المتحدث أنه “بسبب عدم توافر الأسمدة تتأخر الزراعة، وفي الوقت نفسه، تتضرر المحاصيل الناضجة. ويشعر المزارعون الآن بالقلق من أنه إذا ظل الوضع الحالي على ما هو عليه فلن يكون هناك عائد جيد للمحاصيل المقبلة”. واسترسل راميش: “إذا كانت هناك خسارة في المحاصيل بسبب نقص الأسمدة فقد يعانون الجوع في الأيام القادمة”.

وقال نافال كيشور، أحد سكان قرية بانجارا في لاليتبور، ويبلغ 58 عاما: “هذا هو موسم الذروة للبذر، وأنا أقف طيلة الأيام العشرة الماضية في طوابير دون أن أستلم سوى حقيبتين فقط مقابل لثلاثة أفدنة من الأرض. في السوق السوداء، تباع الحقيبة نفسها بسعر 1500 روبية”، وأضاف: “إن الحكومة تروج للسوق السوداء”، وفي آخر كلامه أورد أن “التأخيرات الطويلة في البذر ستؤدي إلى تدهور جودة المحاصيل”.

وعندما سئل عن أسباب أزمة الأسمدة في الولاية، قال بريم كومار، خبير الزراعة في باندا لنيوزكليك، “إن الحكومة تخفض الدعم المقدم على ثنائي فوسفات الأمونيوم والأسمدة الأخرى كل عام؛ وكلما زاد الدعم الذي تصدره زادت كميات الأسمدة التي تباع”، وزاد: “هذا العام، يبدو أن الحكومة قللت من مخصصاتها للدعم..سبب آخر هو أن خصوبة الأرض استنفدت، وبسبب انخفاض القدرة الإنتاجية للأرض زاد الطلب على الأسمدة بشكل متنوع في السنوات الأخيرة”.

وأردف الخبير ذاته بأن الحكومة في 2019-20 “قدمت إعانات خاصة بالأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية تصل إلى 12 مليار روبية (160 مليون و600 ألف دولار)، لكن هذا العام انخفض الدعم، ما أدى إلى الأزمة”.

في غضون ذلك، رفع مجلس الوزراء الاتحادي، يوم الأربعاء، الإعانات المقدمة بخصوص ثنائي فوسفات الأمونيوم وبعض الأسمدة الأخرى بحوالي مليوني دولار أمريكي، للحفاظ على انخفاض أسعار مغذيات المحاصيل للمزارعين، على الرغم من ارتفاع التكاليف.

وفي الشهر الماضي، قررت الحكومة المركزية زيادة دعم سماد ثنائي فوسفات الأمونيوم بنسبة 140%. وتم اتخاذ القرار في اجتماع رفيع المستوى ترأسه رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وقال بيان حكومي إن الحكومة خصصت ما يقارب 4 ملايين دولار أمريكي لشركات الأسمدة كتعويض على بيع المنتجات للمزارعين بأسعار أقل من أسعار السوق.

وقال كومار: “كلما زاد الدعم الحكومي سيحصل المزارعون على الأسمدة بسعر أرخص من سعر السوق. وإذا ألغت الحكومة الدعم سيرتفع سعر الأسمدة بحوالي ثلاث مرات”، وأضاف: “في الوقت الحالي، يبلغ سعر الأسمدة 1400 روبية للكيس الواحد، لأن الحكومة تقدم دعما بقيمة 2000 روبية هندية على كل كيس”.

وعندما سئل عما أدى إلى زيادة مفاجئة في الطلب على الأسمدة، قال المتحدث ذاته إنه “رغم كون الطلب على الأسمدة يسود على مدار العام إلا أنه يرتفع في شهري غشت وأكتوبر عندما تشهد المنطقة هطول الأمطار”، مضيفا أنه “بسبب هطول الأمطار فإن نسبة الرطوبة في الأرض عرفت ارتفاعا ملحوظا، والمزارعون يريدون الاستفادة من هذه الرطوبة لزرع القمح والخردل”؛ وقال أيضا: “نظرا لأن الديزل أصبح باهظ الثمن ومعدل تكلفة الكهرباء مرتفع جدا أيضا في ولاية أوتار براديش مقارنة بالولايات الأخرى، يرغب المزارعون في الاستفادة من المطر؛ لذلك زاد الطلب على الأسمدة بالتزامن مع الأمطار الموسمية”.

وفي إشارة إلى سبب أهمية ثنائي فوسفات الأمونيوم في الزراعة، قال أميت براكاش، أستاذ في قسم الزراعة: “لطالما كان ثنائي فوسفات الأمونيوم من المغذيات الأساسية للمحاصيل في المنطقة، بحيث يستخدم في الغالب مع بذور مثل القمح والخردل”، وأضاف: “مطلوب كيس واحد من الأسمدة بوزن 45 كيلوغراما على الأقل لفدان واحد من القمح، وأي تأخير في توفير ثنائي فوسفات الأمونيوم سيؤثر سلبا على المحاصيل”.

ووفقا لبراكاش فإن الصين هي أكبر منتج للأسمدة، وأيضا مورد رئيسي للهند، وأضاف: “ذات مرة تم تصنيع ثنائي فوسفات الأمونيوم في بلدنا أيضا، ولكن في الوقت الحالي لا يوجد أي حل باستثناء الاستيراد، إذ تم إغلاق ستة مصانع للأسمدة منذ عقود في الهند”.

في غضون ذلك، زعم وزير الزراعة في ولاية أوتار براديش، سوريا براتاب شاهي، أنه لا يوجد نقص في الأسمدة في الولاية، موردا أنه “توجد حوالي 5 أطنان من ثنائي فوسفات الأمونيوم في المخزون بالولاية”. وقال شاهي لوسائل الإعلام في لكناو بعد اجتماعه مع السلطات المعنية: “لا يوجد نقص”.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة

أمريكا

كيف عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؟

مدار: 07 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أعطى الناخبون الأمريكيون أصواتهم لصالح مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، المعروف بتوجهاته اليمينية المعادية للمهاجرين والعرب والمسلمين. بهذا، يضمن