الشركات الكبرى مسؤولة بشدة عن الانبعاثات المضرة بالبيئة

مشاركة المقال

مدار: 14 كانون الأول/ ديسمبر 2021

تعتبر شركات الطاقة المتسبب الأول في الانبعاثات الغازية، وبذلك تدهور النظام المناخي، وهو الأمر الذي برز بوضوح خلال العقد الأخير بعد أن دخلت بشكل كبير الشركات المعتمدة على الغاز الأحفوري.

ولعل ما يثير الاندهاش هو إعلان هذه الشركات في الوقت نفسه عن مشاريع بيئية تروم حسبها المشاركة في الحفاظ على البيئة، لكن ذلك ليس سوى تغطية وحجب للأنظار عن مدى التدمير الذي تتسبب فيه.

مخططات الشركات الكبرى

أوضحت تقارير أن شركة إكسون موبيل، التي تعتبر خامس أكبر منتج لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، في الفترة بين 1880 إلى غاية 2010، تعمل منذ عام 2018 على زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية لتصل إلى 17% بحلول عام 2025، وذلك حسب وثائق داخلية اطلع عليها معدو التقرير؛ وذلك في تناقض صارخ مع التحذيرات التي تطالب بتعزيز الجهود من أجل إبطاء وتيرة التغيرات المناخية.

وهذه الشركة ليست سوى مثال واحد ضمن بحر شركات الطاقة، فحسب دراسة أجرتها بريندا إكورزال من برنامج الطاقة والمناخ في اتحاد العلماء المهتمين والباحثين فإن 90 شركة فقط حول العالم كانت مسؤولة عما يقرب من ثلثي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري (GHG) من عام 1880 إلى عام 2010.

وحسب الدراسة فإن الانبعاثات التي تم تتبعها، وكان وراءها 90 منتجا للكربون، ساهمت منذ 1980 بنسبة 57% في الارتفاع الملحوظ لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بالإضافة إلى التسبب في 42-50% من الارتفاع في متوسط درجة حرارة سطح الأرض (GMST) و26 –32% من مستوى سطح البحر العالمي (GSL).

ومن ضمن الشركات التي تم التطرق لها هناك 83 شركة لإنتاج الفحم والنفط والغاز الطبيعي، أما ما تبقى فهي شركات لتصنيع الإسمنت ومواد البناء. وعند الإمعان في الشركات الأكثر مسؤولية عن تغير المناخ فلا نستغرب تواجد أسماء مثل أرامكو وشيفرون وإكسون موبيل وBP، وهي شركات منتشرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة.

ما يثير الاستغراب في الدراسة أنه تم إنتاج نصف هذه الانبعاثات في السنوات الخمس والعشرين الماضية عندما زاد الوعي العالمي بمشاكل التغير المناخي والغازات الدفيئة والاحتباس الحراري وارتفاع مستويات سطح البحر. وفي وقت اختار بعض عمالقة النفط المشهورين والشركات الكبرى إنكار تغير المناخ وتشكيك المنظمات الممولة في علماء المناخ، قام آخرون بتغيير مسمياتهم لينتقلوا من كونهم شركات نفط أو فحم إلى شركات “طاقة” من أجل إعطاء انطباع أفضل دون أن يكون لذلك أي تغير في الممارسات.

الحديث عن حماية الطبيعة مع جني الأرباح من تدميرها

من الأمور التي لا تعطي أي بوادر بأن الشركات واعية بحجم الدمار الذي تتسبب فيه هو كلامها الذي لا يوافق الأعمال التي تقوم بها. خذ على سبيل المثال شركة النفط والغاز الإيطالية ENI، التي يتضمن موقعها الإلكتروني قسما كبيرا يصف “التزام الشركة بحماية الغابات”، ويضم صورا جميلة للغابات المورقة ودعوات عاجلة للعمل ضد إزالة الغابات. في الوقت نفسه، تتوقع إستراتيجية ENI طويلة المدى أن 90% من إنتاجها من الطاقة بحلول عام 2050 سيأتي من احتراق الغاز الأحفوري.

كما تعلن شركة النفط الأنجلو هولندية شيل عن حماسها للطبيعة، والغابات على وجه الخصوص، ويظهر ذلك من خلال مقطع فيديو بعنوان “Shell and Nature-Based Solutions” على صفحة “ويب” الشركة، يشرح كيف “تحافظ شيل على الطبيعة” و”تدعم مشاريع التشجير” و”تحمي الغابات المهددة”، وفي الوقت نفسه تلاحق الشركة نفسها ملفات بتدمير البيئة وتهجير السكان وحتى التدخل في عمليات اغتيال بهدف الحفاظ على تواجدها في مناطق معينة، مثل نيجيريا، وفق ما أشار إليهمدارسابقا.

 وكانت المنظمة البريطانية Culture Unstained حصلت على مستندات في وقت سابق لانعقاد قمة COP26 تظهر أن شركة النفط والغاز النرويجية Equinor عرضت تمويل مشاريع غرس الأشجار وحماية الغابات، شرط أن يفتح ذلك الباب لرعاية مؤتمر الأمم المتحدة المقبل للمناخ في اسكتلندا، الذي عقد في نونبر/ تشرين الثاني 2021. وأبانت الوثائق أنه كانت هناك مناقشات حول سوق الكربون.

وتظهر الوثائق التي حصلت عليها Culture Unstained أن المسؤولين الحكوميين في المملكة المتحدة التقوا أيضا بممثلين عن BP وشيل، لاسيما أن شركة BP تستعد أيضا لأن يكون لها موطئ قدم في سوق الكربون: استحوذت شركتها الفرعيةBP Ventures على حصة أغلبية في أكبر شركة أمريكية لتطوير مشروع كربون الغابات، Finite Carbon، في دجنبر/ كانون الأول 2020.

عودة إلى اتفاقية باريس والتقارير الأممية

بموجب اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، التزمت 196 دولة باتخاذ خطوات للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية خلال القرن الحالي إلى ما دون درجتين مئويتين، لكن وبعد مرور السنين استمرت الانبعاثات العالمية في الزيادة: بنسبة 1.7% عام 2017 و2.7% أخرى عام 2018، حسب التقارير.

وقالت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي هيئة علوم المناخ التابعة للأمم المتحدة، في تقريرها لعام 2018 بشأن تغير المناخ، إنه من أجل منع درجات الحرارة من الارتفاع تحتاج الدول إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة بمقدار النصف بحلول عام 2030، والعمل على تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.

وبما أن التقارير لا تؤخذ بعين الاعتبار فقد عادت الهيئة نفسها هذا العام لتدق ناقوس الخطر مرة أخرى، معلنة أنه في ضوء الأدلة المتاحة فإن لديها “ثقة عالية” في أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كانت أعلى عام 2019 مما كانت عليه في أي مرحلة خلال مليوني عام على الأقل، كما أن درجة حرارة سطح الأرض “ارتفعت منذ عام 1970 بشكل أسرع مقارنة بأي 50 عاما أخرى خلال الألفي عام الماضية على الأقل”.

كما تحدث التقرير عن آثار الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية ومسارات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية ذات الصلة، في سياق تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ، والتنمية المستدامة، والجهود المبذولة للقضاء على الفقر.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة