مدار: 20 آب/ غشت 2021
يوسع الرئيس البرازيلي اليميني المتطرف جايير بولسونارو دائرة مسانديه عبر العالم، وهذه المرة، استعان بالاستراتيجي السابق في البيت الأبيض، ستيف بانون، هذا الأخير، هاجم الرئيس اليساري السابق لولا دا سيلفا واتهمه بـ “أخطر يساري في العالم”.
يبدو أن عناصر الدعاية السياسية البرازيليين غير كافيين بالنسبة لجايير بولسوناريو، اليميني المتطرف الذي يريد أن يتم إعادة انتخابه رئيسا لبلاد السامبا، لكنه يستبق الأحداث بمزاعم تزوير في انتخابات لن تجرى إلى غاية 2022.
ومن الولايات المتحدة، ظهر ستيف بانون، الذي شغل منصب كبير مستشاري الشؤون الاستراتيجية للرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، موجها اتهامات خطيرة لليساري لولا دا سيلفا، وهو يلقي بـ “ثقله السياسي” المزعوم في الأوساط اليمينية والفاشية لدعم حملة جايير بولسونارو؛ إذ اجتمع إدواردو (نجل جاير)، ببانون، يوم الثلاثاء 17 أغسطس/ غشت، في مؤتمر نظمه رجل الأعمال الموالي لدونالد ترامب، مايك ليندل، وهو أحد المدافعين بحماس عن نشر الأخبار الزائفة والأفكار التي توحي بها نظرية المؤامرة.
وأثناء المؤتمر، كان إدواردو مغمورا وهو يسمع بانون يصفه بـ “الابن الثالث لترامب من المناطق الاستوائية”؛ وخطب الإبن أمام الحضور، ليجتر خطاب والده حيال أجهزة التصويت الإلكتروني في البرازيل، وزيّن العرض بأشرطة فيديو لوالده وسط قوافل الدراجات النارية لمسانديه، وفق ما نقله موقع “برازيل واير“.
أما بانون، زعيم المجموعة الدولية لليمين المتطرف، فهاجم الرئيس السابق لولا دا سيلفا، مبرزا أن الانتخابات الرئاسية البرازيلية لسنة 2022 هي “الأهم على الإطلاق في أمريكا الجنوبية”، وقال: “قبل 30 يومًا من الانتخابات الوسيطة الكبرى، سيواجه جايير بولسونارو أخطر يساري في العالم لولا. مجرم وشيوعي تدعمه كل وسائل الإعلام هنا في الولايات المتحدة وكل وسائل الإعلام اليسارية. هذه الانتخابات هي ثاني أهم انتخابات في العالم والأكثر أهمية على الإطلاق في أمريكا الجنوبية. سيفوز بولسونارو ما لم تتم سرقته من قبل الآلات”.
نعلم أن تأسيس العلاقة بين بولسونارو وبانون يعود فيها الفضل إلى فيليبي مارتينيز، “المستشار الاقتصادي” السابق للسفارة الأمريكية في العاصمة برازيليا إذ شغل هذا المنصب خلال الفترة بين 2014 و2016، فهو الذي قدم اليمينيين إلى بعضهم البعض، ومنذ ذلك الحين توطدت علاقتهما وأصبحا يعزفان نفس النغمات اليمينية.
قبل أن يصبح بانون كبير المستشارين الاستراتيجيين لترامب، كان مديرا لموقع “بريتبارت نيوز”، وهو منصة إعلامية مرجعية لليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، ثم مديرا في حملة ترامب الانتخابية لسنة 2016.
الرئيس البرازيلي، مازال يشن حملة هوجاء ضد نظام التصويت الإلكتروني مطالبا بتعويضه بنظام التصويت الورقي، ولهذا الغرض أدلى بما يناهز 192 تصريحا في الصدد بالذات منذ توليه السلطة، غير أن 160 منها حدث منذ نيسان/ أبريل من السنة الجارية، أي منذ أن استعاد لولا دا سيلفا كل حقوقه السياسية، يوضح المصدر البرازيلي.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة، أن نسبة تأييد بولسونارو تراجعت إلى أقل من 50 بالمائة وهي المرة الأولى التي تظهر فيها أرقام بهذا الشكل منذ توليه لمنصبه سنة 2019.
ولم يتورع الرئيس البرازيلي في نشر الشكوك حول الرئاسيات المقبلة، إذ قال أمام أنصاره في العاصمة برازيليا خلال الشهر الماضي إنه مع النظام الانتخابي (الإلكتروني) الحالي “نخاطر بعدم إجراء انتخابات العام المقبل. مستقبلكم على المحك”، بينما وصف رئيس المحكمة الانتخابية العليا لويس روبرتو باروسو بـ”الأخرق” لرفضه الموافقة على طلبه باعتماد التصويت الورقي.
وردا على هذه الاتهامات، حذر رئيس المحكمة الانتخابية العليا من أن أي محاولة لمنع إجراء انتخابات في الموعد المحدد من شأنها أن تشكل انتهاكا “للمبادئ الدستورية”، مشيرا إلى أنه “منذ إدخال نظام التصويت الإلكتروني في 1996، لم تسجل أي حالة تزوير على الإطلاق”.
وبالعودة إلى بانون، فليست هذه هي المرة الأولى التي يتحدث بها بهذا الشكل عن لولا، فلما أطلق سراح هذا الأخير سنة 2019، وصفه بانون بأنه “الأكثر حظوة بحب اليسار في العالم” منذ نهاية رئاسة أوباما، وأن عودته إلى الشوارع ستجلب “اضطرابا سياسيا كبيرا للبرازيل”.
الخطاب العدائي لليمين المتطرف تجاه اليسار، حفزه على ما يبدو ما أظهره أحدث استطلاع للرأي بأن لولا دا سيلفا في طريقه إلى الفوز بالجولة الأولى في الانتخابات الرئاسية المرتقب إجراؤها 2022، متغلبًا على جاير بولسونارو بنسبة 30 بالمائة من الأصوات.
وليس اليمين الفاشي وحده المنزعج من تصدر لولا للمشهد السياسي البرازيلي، إذ أجرى مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام جيه بيرنز، زيارة سرية إلى البرازيل وكان يحمل في حقيبته مهمتين أساسيتين: إيقاف صعود اليسار إلى الحكم في القارة الأمريكية الجنوبية خصوصا البرازيل، ووأد أي شراكات بينها وجمهورية الصين الشعبية.