مدار: 09 كانون الأول/ ديسمبر 2021
مازالت موجة الانتقادات الواسعة لفيلم “أميرة” المسيء للأسرى، والحملات الاحتجاجية التي شنت منذ مساء الثلاثاء على مواقع التواصل الاجتماعي ضده، تتواصل؛ فيما قررت الأردن، أمس، رسمياً وقف عرض الفيلم ومنعه من التداول.
وتعليقاً على هذا القرار، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى، قدري أبو بكر، في تصريحات صحافية: “نعمل على وقف عرض الفيلم بشكل كلي، ونحن بصدد إعداد مذكرة فلسطينية لنقاشها مع الأردنيين بالخصوص، لأن في الفيلم إساءة للأسرى الفلسطينيين، ويشكك في النطف المحررة”.
بدوره، قال رئيس نادي الأسير، قدورة فارس، إنّ “فيلم ‘أميرة’، الذي يطرح مسألة الإنجاب عبر النطف المحرَّرة لأسرى فلسطينيين من داخل سجون الاحتلال، يخدم الاحتلال الإسرائيلي وروايته ضد الأسرى”، مُديناً “استغلال هذه القضية، التي تُعتبر إنجازاً فلسطينياً لم يحدث في التاريخ إلاّ في فلسطين”.
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، منذ الثلاثاء، بعد عرض الفيلم المشترك (السعودي – الأردني – المصري)، الذي بثّ في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان، في عمان مؤخراً، وتم اختياره ليمثّل الأردن في الأوسكار؛ حيث أطلقت حملة احتجاجية إلكترونية، وغرّد الناشطون باستخدام وسم #اسحبوا_فيلم_أميرة، و#أسرانا_خط_أحمر”، مشدّدين على ضرورة سحب ووقف عرض هذا الفيلم المسيء للحركة الفلسطينيّة الأسيرة ولزوجات الأسرى.
مواقف منددة
في السياق ذاته، أثار هذا الفيلم انتقادات مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، والهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى)، التي اعتبرته مسيئاً لقضيتها، ويخدم رواية الاحتلال واستهدافه لهذه الشريحة من الشعب الفلسطيني.
وأكّدت المؤسسات ذاتها، في بيان اطلع “مدار” على نسخة منه، أن قضية “النطف المحررة” شكّلت على مدار السنوات القليلة الماضية أبرز الإنجازات التي تمكّن من خلالها الأسرى كسر السجن، وصناعة الأمل بالإرادة، وأصبحت محط اهتمام عالمي، مضيفة أن “الطاقم القائم على الفيلم لو كانت لديه نية حسنة تجاه النضال الفلسطيني كان الأجدر أن يسلط الضوء على إبداع وعبقرية الأسير الفلسطيني وتحدي الجدران والأسلاك الشائكة لصناعة الحياة؛ ففي القضية ما يكفي من تفاصيل لصناعة أهم الأفلام الناجحة، بدلاً من اختراع الأكاذيب”.
كما اعتبرت الهيئات المذكورة “الاستمرار في التعاطي مع الفيلم والترويج له خيانة لنضال شعبنا”، وجدّدت التأكيد على “أن جزءاً أساسياً في صراعنا مع الاحتلال وأدواته هو الصراع على الرواية”، داعية إلى مقاطعة الفيلم وعدم السماح بعرضه داخل فلسطين.
وفي هذا الصدد، حذّرت وزارة الثقافة الفلسطينية من تداول فيلم “أميرة”، “لما له من انعكاسات خطيرة على قضية الأسرى”، مطالبة وزارة الثقافة في الأردن والجهات الرسمية بأن “تنظر بخطورة إلى تداعيات نتائج هذا الفيلم المسيء”.
وأكد وزير الثقافة، عاطف أبو سيف، أن “الفيلم يمس بشكل واضح قضية هامة من قضايا شعبنا، ويضرب روايتنا الوطنية والنضالية، ويسيء بطريقةٍ لا لبس فيها إلى تاريخ ونضالات الحركة الأسيرة الفلسطينية، التي نعلم جميعًا مدى قدسيتها وأهميتها على المستويين الشعبي والرسمي وعلى المستوى القومي”، محذَّراً من تداول هذا الفيلم “الذي ستكون له انعكاسات خطيرة على قضية الأسرى، وبخاصة أنه يسيء لِأُسَرِهم بعدَ إنجابهم الأطفالَ من عملية تهريب النطف”.
واستنكر تجمع “اتحرّك” لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع، أيضاً، عرض الفيلم، وشدّد في بيان له على أن “القضية ليست مشهدا لنطالب بحذفه، بل إن أحداث الفيلم كلها تنطلق من أساس تشويه الحقائق والإساءة للأسرى، وبالتالي تصب في خدمة الاحتلال ورواياته الزائفة والمُضلِّلة”.
من جهته، استنكر الاتحاد العام للمراكز الثقافية، بشدة،
“الإساءة وتزوير الحقائق في حق الأسرى الأبطال، التي وردت في ما يسمى فيلم ‘أميرة'”، مشدّداً في بيان له على أن “عملية تهريب النطف من داخل المعتقلات والسجون الصهيونية تعتبر تحدياً وطنياً من قبل الأسرى وعائلاتهم للسجان والاحتلال”.
كما ناشد الاتحاد الدول العربية وشعوبها ودول العالم وشعوبها “التصدي لهذا التزوير والتشويه، وعدم السماح بعرض الفيلم”، داعياً إلى مقاطعة هذا العمل من كل أحرار العالم.
الحركة الأسيرة
أما الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال فطالبت أيضاً، مساء أمس، بوقوف نقابتي الفنانين الأردنية والمصرية وذوي الاختصاص عند مسؤولياتهم في مناصرة قضايا شعبنا، وسحب فيلم “أميرة” المسيء لقضية إنسانية بامتياز، ومعاقبة جميع من شارك في هذه الجريمة مِن منتجين ومخرجين وممثلين ومسوقين.
ودعت الحركة، في بيان توصل “مدار” بنسخة منه، إلى “اعتبار كل من شارك في إنتاج وإخراج وتمثيل وتسويق الفيلم شخصيات غير مرغوب فيها في فلسطين، وأي مكان يتعاطف ويقف مع قضيتنا العادلة، وأن الشخصيات المذكورة مطلوبة للملاحقة الأخلاقية والقانونية”.
“أميرة”
فيلم “أميرة” من بطولة الأردنية صبا مبارك، والفلسطيني علي سليمان، والوجه الجديد تارا عبود، وإخراج المصري محمد دياب؛ وهو إنتاج مشترك لشركات من مصر والأردن والإمارات والسعودية.
وتتمحور أحداث الفيلم حول قضية تهريب النطف في السجون، وتتناول قصة الفتاة “أميرة” التي تنشأ معتقدة أنها وُلدت نتيجة عملية تلقيح صناعي من نطفة مهربة من والدها في سجن “مجدو” الإسرائيلي؛ وفي إحدى الزيارات مع أمها إلى السجن يطلب الزوج من زوجته إنجاب طفلٍ آخر بالطريقة ذاتها، وهو ما ترفضه الأم في البداية، ثم تعود لتوافق عليه.
وبعد أن تنجح عملية التهريب، تكون المفاجأة عندما يعلن الأطباء أنّ النطفة التي استلموها هي لشخص عقيم لا يمكنه الإنجاب إطلاقاً! وهو ما يدفع عائلة الزوج، ومعها أميرة، إلى الشكّ أولاً في سلوك الأم، في حين تبدأ عملية مطابقة للبصمة الوراثية مع جميع المحيطين بالزوجة، لكن من دون جدوى.