“اعتقال غير قانوني”.. القضاء الهندي يطلق سراح رئيس تحرير “نيوز كليك”

مشاركة المقال

مدار: 18 أيار/ مايو 2024

بعد أزيد من ستة أشهر في السجن شهدت قضية برابير بوركاياستا تطور كبيرا، إذ أعلنت المحكمة العليا الهندية، يوم الأربعاء 15 مايو/ أيار 2024، أن اعتقال مؤسس ورئيس تحرير الموقع الإخباري “نيوزكليك” من قبل شرطة دلهي، أمر غير قانوني؛ علما أن احتجازه احتياطيًا تم بموجب قانون منع الأنشطة غير القانونية لعام 1967.

هذا واطلعت المحكمة على أنه لم يتم تقديم نسخة من طلب السجن الاحتياطي إلى بوركاياستا أو محاميه قبل إصدار أمر السجن الاحتياطي في 4 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما يعني أن أسباب الاعتقال لم يتم تقديمها له كتابيًا. وفي حالة شرطة دلهي تم استيفاء شرط تقديم أسباب الاعتقال كتابيًا من خلال تقديم طلب السجن الاحتياطي، لكن المحكمة لم تكن مقتنعة.

“ليس هناك تردد في ذهن المحكمة في التوصل إلى نتيجة مفادها أن نسخة من طلب السجن الاحتياطي، في الممارسة المزعومة لإبلاغ أسباب الاعتقال كتابيا، لم تقدم إلى المتهم المستأنف أو محاميه قبل صدور أمر السجن الاحتياطي بتاريخ 4 أكتوبر 2023، ما يبطل اعتقال المستأنف وحبسه احتياطيًا. ونتيجة لذلك يحق للمستأنف الحصول على توجيه للإفراج من خلال تطبيق حصة الحكم الصادر بموجب محكمة في بانكاجبانسال”، هكذا كان إعلان المحكمة.

وكانت الشرطة اتهمت برابير و”نيوز كليك” بالتواطؤ مع قوى أجنبية لتخريب الهند، على أساس مقالة نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في أغسطس/ آب 2023، واستهدفت العديد من المنظمات المناهضة للحرب في الولايات المتحدة أيضا.

وبعد اطلاع المحكمة العليا الهندية على كل الحيثيات أمرت يوم الأربعاء 15 مايو/أيار بالإفراج الفوري عن الكاتب والصحفي برابير بوركاياستا، ووصفت اعتقاله من قبل شرطة دلهي في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي بأنه “غير قانوني”.

أمر المحكمة

شككت المحكمة في السرعة التي نفذت بها الشرطة عملية اعتقال مؤسس “نيوزكليك”، مشيرة إلى أنها لم تتبع حتى الإجراءات الأساسية، وإلى أنه في انتهاك تام لمبادئ العدالة الطبيعية وأوامر المحكمة السابقة تم تسليم نسخة طلب السجن الاحتياطي إلى محامي برابير بعد ساعات من صدور أمر السجن الاحتياطي ضده، الذي تم على الساعة السادسة مساء 4 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وتم اعتقال برابير بعد أن نفذ مئات الضباط مداهمات واسعة النطاق لحوالي 100 موقع مختلف في جميع أنحاء نيودلهي في 3 أكتوبر/تشرين الأول. وتم في هذه المداهمة الجماعية غير المسبوقة اعتقال عشرات الأشخاص، ومصادرة العشرات من الأجهزة الإلكترونية وغيرها، مع استجواب موظفي “نيوزكليك” الحاليين والسابقين لساعات.

ومع الحكم بأن اعتقال برابير غير قانوني أمرت المحكمة بالإفراج الفوري عنه بكفالة، مشيرة إلى تقديم لائحة اتهام في القضية؛ كما أوردت: “رغم أننا كنا سنطلق سراحه دون ضمان، لكن منذ تقديم لائحة الاتهام، أطلقنا سراحه بكفالة وسند كفالة”.

وانتهت جلسة المحكمة العليا في القضية في 30 أبريل/نيسان، لكنها احتفظت بحكمها الذي صدر يوم الأربعاء 15 مايو/أيار.

وبموجب أمر المحكمة العليا سيتم تحديد شروط الكفالة من قبل المحكمة الابتدائية.

هذا وأمضى برابير، البالغ من العمر 77 عامًا، أكثر من سبعة أشهر في السجن رغم معاناته من ظروف صحية صعبة، بعد أن تم تمديد الاعتقال بصفة متكررة من قبل المحكمة. كما قدمت شرطة دلهي أخيرا لائحة اتهام مكونة من أكثر من 8000 صفحة الشهر الماضي ضد شركتي برابير و”نيوزكليك” بموجب قانون منع الأنشطة غير المشروعة لمكافحة الإرهاب (UAPA) الصارم في البلاد. وقد وصفت “نيوزكليك” لائحة الاتهامات بأنها “لا أساس لها من الصحة ومفبركة”.

وأدانت الهيئات التقدمية في الهند ومن جميع أنحاء العالم اعتقال برابير، ووصفته بأنه اعتداء على حرية الإعلام من قبل الحكومة اليمينية في الهند بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا (BJP)، وطالبت بالإفراج الفوري عنه.

السلطات الهندية استغلت تقرير “نيويورك تايمز” لاستهداف “نيوز كليك”

تعرضت وسائل الإعلام التقدمية المستقلة للمضايقات من قبل وكالات حكومية مختلفة لسنوات، فيما كثفت الهجمات على “نيوزكليك” بعد نشر مقالة في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

واتهمت الصحيفة الأمريكية “نيوزكليك” بأنها جزء من آلة دعاية أكبر مؤيدة للصين بتمويل من الحزب الشيوعي الصيني، دون تقديم أي دليل ملموس. لكن هذه المزاعم تم رفضها من قبل “نيوزكليك” وغيرها من المنظمات والأفراد باعتبارها ممارسة تهدف إلى تشويه صورتها وتوفير الأساس للدولة لاضطهادها.

وفي الهند خدم المقال هذا الغرض بالضبط، إذ قدم مادة دسمة لكل وسائل الإعلام الخاصة بالشركات والمسؤولين الحكوميين في حزب بهاراتيا جاناتا الذين انخرطوا في حالة من الجنون في مهاجمة “نيوزكليك” وبرابير، وكل من تم ذكر أسمائهم في مقال “نيويورك تايمز”.

وبعد شهرين فقط من نشر المقال المذكور، شنت شرطة دليهي مداهمات واسعة النطاق، استهدفت إداريي وصحفيي الموقع الإخباري المستقل، وألقت القبض على برابير.

وتعهدت “نيوزكليك” باستمرار مواجهة الادعاءات ضدها وضد برابير في المحاكم.

يوم جيد للإعلام المستقل

رحبت الجماعات التقدمية في الهند بأمر المحكمة وأشادت بحكمها، وأكدت أن إطلاق سراح برابير يمثل دفعة قوية لوسائل الإعلام الحرة والمستقلة في البلاد.

وكتب موقع “نيوزكليك” في بيان له أن قرار المحكمة يمثل “يومًا جيدًا لوسائل الإعلام المستقلة”.

وقال توماس إسحاق، وزير المالية السابق في حكومة الجبهة اليسارية في ولاية كيرالا، في منشور على موقع “إكس”، إن الحكم “يفضح تعسف الشرطة وقلة احترامها للإجراءات القانونية في عهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي”؛ كما أكد أنه “يعزز مصداقية وسائل الإعلام البديلة التي تلعب بالفعل دورا أساسيا في الانتخابات الوطنية الجارية في الهند”.

كما أكد الوزير السابق أنه “في دولة ديمقراطية لا تستطيع الحكومة إطلاق العنان للوكالات المركزية ضد الصحافة الحرة، خاصة في غياب الإجراءات القانونية الواجبة؛ كما يجب عدم استخدام القوانين كسلاح ضد الصحافيين، ما يعرض حياتهم وحريتهم ومعيشتهم للخطر”.

هذا وحثت مؤسسة “Digipub News India” الحكومة الهندية على “توخي الحذر وضبط النفس في حربها المتعمدة والرجعية ضد المؤسسات الإعلامية التي لا تتفق معها”.

وذكرت “نيوز كليك” أيضًا أن “استهداف وسائل الإعلام المستقلة والصحافيين الذين يقدمون تغطية للمعارضة أصبح اتجاها مثيرا للقلق في الهند”؛ فيما قالت وسائل الإعلام التقدمية إنها ستواصل معركتها القانونية في القضية وضد هذا الاتجاه من خلال عملها.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة