هايتي: الشارع يرفض الاستفتاء على الدستور وسط تنامي العنف والجوع

مشاركة المقال

مدار: 16 حزيران/ يونيو 2021

في خضم أزمة سياسية خانقة، تتفاقم الآفات الاجتماعية في هاييتي، مع انتشار الفقر والجوع الذي يعاني منه أربعة ملايين شخص، وارتفعت عمليات الاختطاف والاغتصاب، وازداد نفوذ العصابات المسلحة. وحسب تقارير محلية، فإن انعدام الأمن، يؤثر على فئات واسعة من السكان، مما يعرقل الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، خصوصا الصحة والتعليم.

وشهدت هاييتي، البلد المتموقع  وسط البحر الكاريبي، 12 مجزرة، وصفت بالدموية، منذ سنة 2018، لكن المنظومة القضائية لم تحرز أي تقدم في هذا السياق، وتشير تحقيقات حديثة، وطنية ودولية، بأصابع الاتهام إلى السلطة، بينما لم تتحقق العدالة بعد في قضية اغتيال مونفرير دورفال رئيس نقابة المحامين في “بورت أو برنس”، على غرار العديد من القضايا الأخرى، في حين يؤدي العنف والمناخ العام للإفلات من العقاب إلى تغذية بعضهما البعض، ما يغرق هاييتي في بحر من الدماء.

وانتهت الولاية الرئاسية لجوفينيل مويس منذ السابع من شباط/ فبراير من السنة الجارية، لكنه يرفض التخلي عن كرسي الرئاسة حتى إجراء استفتاء، اعتبرته العديد من القوى السياسية “غير دستوري”، في الـ 27 من حزيران/ يونيو، بينما يرتقب أن تجرى الاستحقاقات الانتخابية في 19 أيلول/ سبتمبر 2021، وتنضاف هذه التعقيدات إلى أزمة سياسية أرهقت البلاد، وتسببت في تدهور حقوق الإنسان والظروف المعيشية للهايتيين. وقالت المعارضة، إن الدستور الجديد (إذا تمت إقراره) يشرّع للعودة إلى نظام رئاسي استبدادي وسيعيد البلاد إلى الديكتاتورية.

ويتمادى جوفينيل في تكريس الاستبداد، من خلال هذه الإجراءات، إذ تم القيام بمحاولة تنفيذ انقلاب لتبرير انسحاب ثلاثة قضاة كبار في محكمة النقض، وهو ما اعتبره مراقبون بأنه “فعل غير دستوري” آخر، في حين يتمتع الرئيس بدعم واسع من الولايات المتحدة الأمريكية.

وشهدت هاييتي خلال الأشهر الماضية، العديد من التظاهرات الاحتجاجية، قادها الفلاحون، والحركات النسائية، والنقابات، إضافة إلى مشاركة واسعة للشباب، وقطاعات مختلفة من المجتمع الهاييتي، تطالب باحترام الدستور ورحيل الرئيس الحالي، وإجراء تغيير سياسي يقطع مع الأوضاع الخطيرة التي يعاني منها البلد.

وحظيت هذه الحركة الاجتماعية، بتضامن دولي واسع، ومنذ السابع من شباط/ فبراير، ساند اتحاد النقابات الدولي (ITUC)، وتنسيق أوروبا هاييتي (Co-EH)، بالإضافة إلى القمة العالمية للشعوب.. المطالب المشروعة للحركة النضالية بهاييتي.

ويبدو أن المياه الديبلوماسية بدأت تتحرك في هذا السياق، إذ دعا 68 عضوا من الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأمريكي إلى تغيير سياسية واشنطن تجاه هاييتي، في حين أصدر في هذا الصدد البرلمان الأوروبي قرارا يوم 20 أيار/ ماي 2021، يرفض الاستفتاء، ويعتبر أن “العنف في هاييتي مرتبط بوثوق مع العصابات المسلحة، وبعضها مدعوم من طرف الأوليغارشية المحلية”، على حد تعبيره، غير أنه يحتفظ بـ “آمال” في تنظيم انتخابات “حرة” و”ذات مصداقية” من قبل السلطات.

وترى المعارضة الهايتية أن استمرار المجتمع الدولي في الرهان على ما يسمّى “الحوار الوطني الشامل” هو في الواقع دعم ضمني للرئيس الحالي جوفينيل مويسي.

ويعتبر الشارع في البلد الكاريبي، أن شروط إجراء انتخابات حرة ونزيهة واستفتاء على الدستور غير متوفرة، وبأن الرئيس الحالي لا يملك الشرعية لتنظيمها؛ وفي الواقع تسيطر العصابات المسلحة على أحياء بكاملها، ويرى متتبعون أن الحكومة تتلاعب بالمؤسسات والآليات الانتخابية، وبأن هذه الاستحقاقات لن يكون لها أي مصداقية، ما يهدد بتواصل دوامة العنف وعدم الاستقرار.

وتوضّح الحركة الاجتماعية، أن جوفينيل مويسي جزء من المشكل وليس الحل، وبأن وجوده في السلطة إهدار لفرص التغيير الديمقراطي، ما يعقد القيام بأي انتقال حقيقي في المستقبل، كما تعتبر أن المنتظم الدولي فشل على مر السنوات الأخيرة في مواجهة سياسات الولايات المتحدة الأمريكية تجاه هذا البلد، وفشل أيضا في دعم حقوق الإنسان والإصغاء لمطالب الهايتيين، الذين أرهقهم الفقر والاستبداد.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة