مدار + بيبل ديسباتش: 06 مايو/ أيار 2022
اختتمت الجمعية القارية الثالثة لحركات ألبا أشغالها، التي عقدت في الأرجنتين من 27 إلى 30 أبريل/ نيسان، بتشكيل لجنة من أجل تسليط الضوء على مقترحات ومبادرات الحركات الشعبية الرامية إلى تغيير العالم.
وبعد أربعة أيام من المناقشات والتفكير ووضع خطط العمل المستقبلية للحركة، التي أسدل الستار عليها السبت 30 أبريل/ نيسان، أنهت الجمعية القارية الثالثة لحركات “ألبا” اجتماعاتها، التي شهدت حضور 300 مندوب يمثلون 23 دولة.
وعرفت الجلسة الختامية للجمعية حديث قادة يمثلون جميع أنحاء المنطقة عن تجارب الحركات والمنظمات الشعبية في النضال من أجل الحق في الأرض والعمل ومقاومة هجمات كل من اليمين والإمبريالية، وبناء الوحدة الوطنية والدولية للشعوب المناضلة. وكان من بين المتحدثين خوان غرابوا وأوفيليا فرنانديز (جبهة باتريا غراندي، الأرجنتين)، وإستيبان “غرينغو” كاسترو (اتحاد عمال الاقتصاد الشعبي UTEP)، وثايس كارفالو (موفيمينتو برازيل بوبولار)، وكارلوس رون (نائب وزير فنزويلا لأمريكا الشمالية)، وزايرا آرياس (حزب بيرو الحر).
كما حضر الجلسة بيدرو براغا، السفير الكوبي في الأرجنتين، والنائبان الأرجنتينيان فيديريكو فاجيولي وناتاليا زاراتشو؛ بالإضافة إلى كارلوس ميرينس، سفير نيكاراغوا في الأرجنتين.
الأرض والسكن والعمل
تم افتتاح جلسات الجمعية من قبل إستيبان كاسترو، حيث قام بتقديم لمحة عامة عن الاقتصاد الشعبي في الأرجنتين، معتمدا في ذلك على تبادل تجربة إنشاء اتحاد عمال الاقتصاد الشعبي، وهو مثال يعتبر بمثابة طفرة في تحصين حقوق العمال في البلاد؛ كما أشار في مداخلته إلى أن “وجود الأمل مهم لتطوير إستراتيجيات للتفكير في المستقبل”.
وأضاف كاسترو: “خلال عملية ماكريستا للعولمة النيوليبرالية تمكنا من تحقيق مستويات أفضل من التنظيم لمواجهتها”، مسترسلا في الآن نفسه بأن “أكثر الناس تواضعا من الذين حرموا من حقهم في العمل أخذوا على عاتقهم بناء إستراتيجيات التنظيم الشعبي”.
هذا وسلط خوان غرابوا (باتريا غراندي، الأرجنتين) الضوء على رؤيته في ما يخص السلطة والدولة، من خلال حديثه عن أنه “من الضروري بناء سلطة شعبية، أسماها الجنرال بيرون المجتمع المنظم، وهو أمر مشابه بشكل كبير للكومونات في فنزويلا، ومجابهة كيانات الأنظمة الحالية بحس شعبي وتوحيد شعوب المنطقة”، وزاد: “هذه ثلاث مهام إذا وضعناها بهذه الطريقة سنكون في الاتجاه الصحيح، لكن يجب أن يتم تنزيلها على أرض الواقع، فهذه الأفكار تمثلا شيئًا لأعضاء الحركات الاجتماعية، ولكن ليس للعدد الكبير من الشعوب غير المطلعة”.
واسترسل غرابوا: “الواقع يتفوق على الفكرة، ليس لأن الفكرة ليست مهمة، بل لأنها فهم للواقع. عندما تنفصل الفكرة عن الواقع فإنها تتحول إلى شعار”، مؤكدا على أن “السعادة والحياة الكريمة يمكن أن يكون لهما تعبير ملموس إذا ما تم ربطهما بالأرض والإسكان والعمل”.
وفي الأخير أورد المتحدث ذاته أن “توحيد أمريكا اللاتينية ومجابهة النظام الحالي يعني منح السلطة للفقراء”، مردفا: “يجب على منظماتنا أن تناضل من أجل ذلك، سواء في البرلمانات أو في الوزارات. يجب أن تكون هناك تمثيلية للسود والفقراء والنساء”.
الوحدة لهزيمة الرأسمالية والجناح اليميني
شددت عضو حزب بيرو الحرة زايرا أرياس على أن الحاضرين في جمعية “ألبا” يجمعهم الاتحاد من أجل تغيير الواقع، وقالت ضمن مداخلة لها: “هناك صراع واضح للغاية متمحور حول كفاحنا من أجل الفقراء، لكن لا ينبغي أن نفهم هذا الصراع كما لو كنا نطالب بالصدقة، بل مطالبنا مرتبطة بتحقيق العدالة. في بيرو، على سبيل المثال، يقول الجناح اليميني إن الفقراء فقراء لأنهم يريدون ذلك، لكن الحقيقة أن أنظمتنا تنتج اللامساواة، لاسيما أن فقط 1% من سكان العالم يستحوذون على 82% من ثروة العالم”.
وتساءلت المتحدثة ذاتها: “كيف يمكن تفسير كون أمريكا اللاتينية أكثر قارات العالم تفاوتا وفقا للأرقام الرسمية، في حين أن إفريقيا بها أفقر الناس على الرغم من كونها أغنى قارة؟”. بهذه الكلمات سلطت أرياس الضوء على ثلاث نقاط محورية في سيرورة تحسين ظروف المنطقة: وضع حد لليمين – لتوضيح أن الفساد هو نتيجة للنموذج النيوليبرالي وأنه يعمل في ظل نفاق الرأسمالية التي تدعم الملاذات الضريبية – وتبني آليات من أجل استرجاع الأراضي والممتلكات العامة، وأخيرا العمل من أجل الوحدة البراغماتية والسياسية للحركات والمنظمات.
ولم يفت ممثلة حزب بيرو الحرة التذكير بأننا “في حقبة أخرى من الانتكاسات التي تصب في صف اليمين، لكن لا يوجد شر يدوم مائة عام، ولا أحد لا يستطيع مقاومته”، واختتمت قائلة: “نختتم أشغال الجمعية وكلنا حماس في سبيل النضال من أجل هزيمة الليبرالية في بلادنا”.
هذا وفي سياق التمثيلية التي أصبحت أكبر بشكل مرعب لليمين المتطرف في المنطقة، ناقشت عضو الكونغرس في مدينة بوينس آيرس أوفيليا فرنانديز الحاجة إلى استراتيجيات إبداعية للنضال.
وأضافت فرنانديز: “نحن نواجه لحظة صعبة للغاية، مع قدر أكبر من عدم اليقين بالنسبة لجيلي”، متابعة: “علينا أن ندرك مدى الشعور بالضيق الذي أصبح ينتابنا، فنحن لسنا في لحظة أمل”، ومشيرة إلى أن “صعود اليمين هو نتيجة لإحباط السكان”.
واسترسلت أوليفيا: “من المهم أن نفهم أنه ليست كل خيبة أمل مرتبطة بالضرورة بتلك القوى اليمينية… من المهم التفكير في أصل هذا السخط والإحباط، وعلينا أن نعي أنه أصبح أمرا واقعا”.
وشددت المتحدثة ذاتها على أن “الوقت حان للإبداع والاعتراف بالتأثير الشديد لوباء كوفيد-19 على جميع الناس”، مردفة: “نقول إبداعا لأن معايير الواقع لم تعد كما هي.. نشعر جميعا نحن والمناضلين الذين يرفعون التحدي باختلاف الواقع بعد الوباء، لذا يجب أن نفكر في إعادة النظر في جدول أعمالنا وإعادة إطلاقه”.
الثورة الهايتية تقود نضالات أمريكا
أشار كارلوس رون، رئيس معهد سيمون بوليفار الفنزويلي، خلال كلمته، إلى النقاشات التي جرت في لجان العمل المختلفة داخل الجمعية، وذكّر بفكرة أن السيرورات الثورية يجب أن تتبادل التجارب في ما بينها.
وأضاف رون: “علينا أن نضمن استمرار ثوراتنا وسيروراتنا التاريخية في العلاقات مع بعضها البعض. إن شعوبنا هي التي تقف وراء صنع الثروات لكي تبقى حية فينا وترشدنا في الأوقات الصعبة، وأبرز مثال على ذلك الثورة الهايتية عام 1804 التي لم تنته قط واستمرت داخل وجداننا، فلولاها لما كان هناك ميراندا وبوليفار، وما كنا لننتزع حريتنا، ولما كانت هناك ثورة بوليفارية أو كوبية”.
وبالمثل، خصص الزعيم الفنزويلي حيزا من كلمته للتطرق للاعتداءات التي تعرضت لها الشعوب الثورية، وإبراز مقاومتها التي لا يمكن أن تنسى أو تندثر من ضمير وذاكرة العالم.
وأضاف كارلوس رون أن “الإمبريالية لا تفهم الشعوب لأنها لا تتحدث معها أبدا، فعندما ينزل اليمين إلى الشوارع فإنه لا يتحدث إلى الناس”، وزاد: “في يوم مثل هذا اليوم نزل اليمين إلى الشوارع، وكان الشعب هو من قدم إجابة للإمبريالية عبر شعار: دائما مخلصون، لا خونة أبدا”.
واسترسل المتحدث ذاته: “ألبا مساحة للوحدة الأمريكية والكاريبية، لأنه بدون منطقة البحر الكاريبي لا توجد أمريكا”، واختتم بالقول إن “هذه الوحدة الطبقية والنضال هي أيضا مع شعوب إفريقيا وآسيا ومع جميع شعوب العالم التي تكافح”.
هذا في وقت أعلنت تايس كارفالو، من الحركة الشعبية البرازيلية، التي أدلت بملاحظات ختامية أمام اللجنة، أن “الرأسمالية فشلت في تجديد مشروعها من أجل الإنسانية”، موردة أن “الرأسمالية في أوقات الأزمات تجدد هجماتها وعدوانيتها”؛ وأكدت أيضا أن “العام الحالي يعتبر حاسما بالنسبة للبرازيل وأيضا لأمريكا اللاتينية، لاسيما في ظل التحدي المتمثل في تنظيم الطبقة العاملة وهزيمة اليمين المتطرف والفاشية في صناديق الاقتراع وفي الشوارع بمعية لولا دا سيلفا”، وأضافت أن هذه الانتخابات ليست ضمانة، ويجب أن يتم دمجها مع النضال الجماهيري وتنظيم الطبقة العاملة.