مدار: 27 تموز/ يوليو 2021
مزالت تداعيات الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، في تطور مستمر، ودعا الأمين العام لحزب العمال التونسي إلى سلوك طريق ثالث لحل أزمة البلاد والمجتمع، محذرا من العنف والإرهاب والاحتراب الأهلي.
وقال حمة الهمامي، في مقابلة مع إذاعة “شمس إف إم”، إن حزب العمال ومنذ أكثر من عام وهو ينبه إلى خطورة الوضع، والأزمة والصراعات بين أقطاب الحكم. وأوضح الأمين العام للتنظيم اليساري أن هذه الصراعات هي “من أجل المواقع”، مذكرا أن تونس تعيش أزمة اقتصادية ومالية وصحية خطيرة، وصرح إن “أقطاب السلطة تتصارع والشعب التونسي يئن”.
وحمّل الهمامي المسؤولية لـ “المنظومة ككل”، وحركة النهضة “التي ساهمت على مر عشر سنوات إلى جانب حلفائها في تدمير البلاد واقتصادها ومجتمعها وأمنها، وتدميرها أيضا معنويا وأخلاقيا”، وفق تعبيره، وزاد أن المسؤولية أيضا تقع على الحكومة، التي “توجد تحت جناح النهضة وحلفائها” إضافة إلى رئيس الجمهورية “الذي لم يقم بأي شيء ولم يتخذ أي إجراءات” واعتبر أن المواقف التي اتخذها قيس سعيد تقف “ضد الحريات والمساواة”، وأوضح أن ما قام به الرئيس التونسي بناء على الفصل 80 من الدستور، هو “في الحقيقة انقلاب للاستحواذ على السلطة بكاملها” مشيرا إلى أنه “لم يسبق في تاريخ أي انقلاب أن يصبح رئيس الجمهورية هو رئيس النيابة العمومية”.
وشدد المتحدث على أن الفصل 80 من الدستور التونسي لا يخول للرئيس أن يجمد البرلمان، أو يستحوذ على السلطة القضائية؛ وأبرز حمة الهمامي، أن إصرار حزبه على أن ما يقع في تونس هو “انقلاب” لا يعني أنه يدافع على البرلمان أو الحكومة أو حزب النهضة، بل أنه دعا إلى الإطاحة بهم و”كنسهم” ورغم أن حزب النهضة والائتلاف الحاكم “متورط في تدمير البلاد” فإن ذلك “لا يخول لقيس سعيد أن يقوم بانقلاب، مستغلا هذا الوضع المتعفن.. ويفتح الباب إلى ديكتاتورية استبدادية وحكم فردي من شأنه أن يعمق الأزمة”.
وبيّن المرشح الرئاسي السابق أن الشعب التونسي في حاجة إلى تغيير، لكن هذا “التغيير الحقيقي الذي سيحقق للتونسيين الديمقراطية والحرية.. والسيادة على ثرواتهم واقتصاد جديد يحقق لهم طموحاتهم.. لا يمكن أن يتحقق بمساندة انقلاب قيس سعيد، ولا بالتحالف مع حركة النهضة، تحت أي عنوان كان”، وزاد أن هذا التغيير يجب أن يكون “من صنع الشعب التونسي”.
وأعلن المسؤول الحزبي أن تحقيق ذلك يقتضي سلوك “الطريق الثالث”، من خلال أن “الشعب التونسي لا يجب أن يبقى رهينة لا عند قيس سعيد، ولا عند حركة النهضة وحلفائها، ويجب أن ينظم صفوفه، وأن يتوحد حول برنامج مواجهة الوضعية المباشرة” تتحمل مسؤوليته “القوى الديمقراطية المعارضة لحركة النهضة و للإنقلاب”، من خلال “الاتفاق على برنامج وآليات للإشتغال”، وأكد الهمامي أثناء حديثه للإذاعة المذكورة على أن “قيس سعيد، ليس لديه أي برنامج لشعبه وليس لديه أي حل لتونس، وحتى إن كان لديه برنامج فهو برنامج من أجل حكم فردي مستبد”.
ونبه الأمين العام لحزب العمال من مخاطر العنف والإرهاب والاحتراب الأهلي التي تهدد تونس، وأوضح أن هناك أطراف خارجية، وهناك صراعات أطراف في تونس، من بينها “قطر وتركيا من جهة، والإمارات ومصر وفرنسا من جهة أخرى”. وختم حمة الهمامي بأن حزبه لن يسمح بالإعتداء على حرية التونسيين، وقال: “سيكون ذلك على أجسادنا”.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد، قرر الأحد، تجميد كلّ أعمال مجلس النوّاب ورفع الحصانة عن أعضائه، كما أعلن أنّه سيتولّى السلطة التنفيذيّة، وإقالة الحكومة وفق ما أشرنا إليه سابقا، إضافة إلى تولي رئاسة النيابة العمومية.
واعتبر حينها حزب العمال أن ما أقدم عليه سعيد، “كان متوقعا انطلاقا من عدة مؤشرات لعل أبرزها إقحام المؤسسة العسكرية في صراع أجنحة المنظومة، هو من الناحية القانونية خرق واضح للدستور ولأحكام الفصل 80 الذي اعتمده ومن الناحية السياسية إجراءات استثنائية معادية للديمقراطية”. وأوضح الحزب اليساري أن “تصحيح مسار الثّورة لا يكون بالانقلابات وبالحكم الفردي المطلق” موضحا أن الرئيس التونسي تجسم مسعى “احتكار كل السلطات، التنفيذية والتشريعية والقضائية، بين يديه وتدشن مسار انقلاب باتجاه إعادة إرساء نظام الحكم الفردي المطلق من جديد”.
وجدد التنظيم نفسه دعوته إلى القوى الديمقراطية والتقدمية، أحزابا ومنظمات وجمعيات وفعاليات وشخصيات إلى “التعجيل بالالتقاء حول آلية للتشاور من أجل صياغة تصور موحد لمواجهة هذه التطورات الخطيرة وتداعياتها التي يمكن أن تزجّ بالبلاد في دوامة العنف والاقتتال الأهلي أو تؤدي بها إلى السقوط مجددا تحت استبداد الحكم الفردي المطلق الذي قدّم الشعب التونسي تضحيات جسيمة للخلاص منه”.