مدار: 30 تشرين الثاني/ نونبر 2021
تدخلت السلطات الأمنية بقوة، أمس الإثنين، في العديد من المدن المغربية لمنع وتفريق مظاهرات، بمناسبة اليوم الأممي للتضامن الشعب الفلسطيني، واليوم المغربي الاحتجاجي الثالث ضد التطبيع، كانت دعت إليها “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع”.
وأعلنت الجبهة ذاتها أن ما يناهز 36 مدينة ومنطقة كان مقررا أن تشهد تحركات نضالية؛ غير أن السلطات الأمنية لجأت إلى العنف لتفريق ومنع هذه الإحتجاجات في العديد من المناطق، كما حدث بالرباط، العاصمة الإدارية للمغرب، بعد أن قامت أعداد كبيرة من القوات الأمنية بمحاصرة وقمع المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، في الساحة المقابلة لمقر البرلمان.
وفي كلمة مكتوبة عممتها على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت الهيئة ذاتها، والتي تضم 15 تنظيما حزبيا، جمعويا، نقابيا وحقوقيا، إنها تدق ناقوس الخطر وتجدد “الإدانة والاستنكار لصفقة الخزي والعار، بعد مرور سنة على توقيع المخزن المغربي بحكومته ومؤسساته الرسمية اتفاقا تطبيعيا مع الكيان الصهيوني العنصري”.
وأبرزت “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع” أن الكيان الصهيوني يسعى إلى تمرير مشاريع الهيمنة على المنطقة العربية”، بتحالف مع “الأنظمة العميلة التي توظف أجهزة الدولة ومقدراتها المقرصنة قسرا للتطبيع مع الكيان الصهيوني وإغراق منطقتنا في المخططات الإمبريالية رغم الرفض الشعبي العارم”، وفق المصدر نفسه.
ودعت الهيئة المغربية ذاتها إلى “الوقوف صفا واحدا في مواجهة تسونامي التطبيع الذي يهدد استقلال واستقرار البلد ويدخله في عهد جديد، عهد الحماية الصهيونية” حسب تعبيرها.
وجاءت التدخلات الأمنية العنيفة لقمع المتضامنين مع القضية الفلسطينية، بعيد أيام قليلة من زيارة “وزير الدفاع” الإسرائيلي، بيني غانتس إلى المغرب، ووقع خلالها اتفاقا “للتعاون الأمني” مع الوزير المغربي المنتدب المكلف بإدارة الدفاع عبد اللطيف لوديي، يوم الاٍربعاء الماضي.
الاتفاق نص على “التعاون الأمني” بين المغرب وإسرائيل “بمختلف أشكاله”، لمواجهة “التهديدات والتحديات التي تعرفها المنطقة”، وفق ما ذكره المسؤولون الإسرائيليون. وقالت القوات المسلحة المغربية إن الأمر يتعلق بـ “اتفاق يتعلق بحماية المعلومات في مجال الدفاع، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الأمن السيبراني”، وزادت في بيان أن المذكرة ” “تشمل تبادل التجارب والخبرات، ونقل التكنولوجيا، والتكوين، وكذا التعاون في مجال الصناعة الدفاعية”.
وبالنسبة للجانبين، فإن “اتفاقية التعاون” هاته، من شأنها أن تؤطر التبادلات القائمة أصلا، حتى قبل الإعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات.
وعقب ذلك، كانت 14 قوة سياسية ومدنية من المنطقة العربية والمغاربية أعلنت رفضها لاتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع الاحتلال الإسرائيلي، ووصفتها بـ “الخيانية” وبأنها “تمثل طعنة لخاصرة فلسطين شعبا وقضية”، وفق ما جاء في بيان حصل “مدار” على نظير منه، محذرة من التداعيات الأمنية لهذا الاتفاق على منطقة المغرب الكبير وشمال إفريقيا.
واعتبرت الهيئات الموقعة على البيان، أن موجة التطبيع الرسمي الذي انخرطت فيه عديد “الأنظمة العميلة” منذ عام إنما تهدف إلى “إعادة ترتيب الأوضاع والتحالفات في المنطقة في أفق مزيد وضع اليد على الثروات والشعوب بما يضمن أمن الكيان المحتل ومصالح الامبريالية ووكلائها من أنظمة وطبقات طفيلية”.
وحملت الوثيقة الصادرة يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، توقيع كل من حركة نستطيع- موريتانيا، حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردن، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الحزب الشيوعي اللبناني، النهج الديمقراطي- المغرب، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حزب العمال-تونس، حزب الشعب الديمقراطي الأردني، الحزب الشيوعي السوداني، حزب الشعب الفلسطيني، حزب العمال الاشتراكي- الجزائر، حزب عيش وحرية (قيد التأسيس)-مصر، حزب التحالف الشعبي الإشتراكي – مصر، وأخيرا تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية.
وفي سياق متصل، ذكرت مصادر إعلامية عبرية، اليوم 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، أن المغرب اقتنى من إسرائيل طائرات مسيرة انتحارية من نوع “هاروب”، بقيمة 22 مليون دولار، قادرة على حمل ما يناهز 20 كيلوغرام من المتفجرات لمسافة 1000 كيلومتر.
وأوردت المصادر ذاتها أن هذه الصفقة كانت جزءا من التفاهمات في الطريق للتطبيع بين إسرائيل والمغرب، الذي تم الإعلان عنه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وكانت معطيات إعلامية أظهرت حصول المغرب على منظومة “سكاي لوك” المضاد للطائرات بدون طيار، والذي تصنعه شركة “سكاي لوك سيستيمز” التابعة لمجموعة “أفينون” الإسرائيلية، وحسب المعطيات ذاتها، فإن هذه العدة العسكرية ستخصص لحماية المنشآت الحيوية والحساسة ذات الطبيعة العسكرية والمدنية على حد سواء.
وتطارد اتهامات المغرب، بالتجسس على مواطنين مغاربة وأجانب باستخدام برنامج بيغاسوس، الذي طورته شركة “إن إس أو” الإسرائيلية، غير أن السلطات المغربية تنفي ذلك.
وإضافة إلى ذلك، سبق أن أشار “مدار“ إلى أن شركة رافائيل الإسرائيلية مهتمة بتزويد المغرب بمنظومة “القبة الحديدية”. وقبل ذلك تم الحديث عن مفاوضات مغربية – إسرائيلية لتصنيع الطائرات بدون طيار “كاميكازي” الانتحارية على أراضي المملكة.
وبينما تسارع الرباط إلى الرفع من مستويات التطبيع، وإجراء صفقات أسلحة مع إسرائيل، تبدو الجزائر غاضبة من الرباط، بعد أن بلغت الأزمة بين الجارتين مستويات وصفت بالخطيرة، إذ توجه الجزائر للمغرب اتهامات بمنح “موطئ قدم لقوة عسكرية أجنبية في المنطقة المغاربية”.
وفي السياق ذاته، أعلن وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، في حوار مع صحيفة “القدس العربي“، يوم الأحد 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، إن بلاده تعتزم استقبال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمود عباس، قبل نهاية السنة الجارية، من أجل “التأكيد على مواقفها التاريخية في تأييد القضية الفلسطينية”، وقال إن “علاقة المغرب بإسرائيل، وأثر ذلك على قضية الصحراء وعلاقة إسرائيل بالقضية الفلسطينية في ظل التطبيع العربي، سترسم معالم العالم العربي الجديد”، وأضاف لعمامرة أنه “لو تم محاصرة الجزائر وزعزعة أمنها الداخلي سيكون المطبعون والواقفون على المحطة بانتظار قطار التطبيع سعداء بإزاحة عقبة الجزائر التي ترفض التطبيع بشكل مبدئي”، وفق تعبيره.