مدار: 16 تشرين الأول/أكتوبر 2020
أسدل الأسبوع العالمي لمناهضة الإمبريالية الستار على برنامج أنشطته العالمية الرسمية، بتنظيم المهرجان العالمي للشعوب المقاومة، يوم السبت 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، الذي شاركت فيه شخصيات سياسية بارزة، وفنانون، ونشطاء مناهضون للإمبريالية، وحركات من مختلف أرجاء المعمور.
وافتتح المهرجان بعروض موسيقية، ولوحات تعكس مواقف المناهضين للإمبريالية، وجسدت روح “التضامن الأممي”، حسب منظمي النشاط. كما تم بث الفعاليات على مواقع التواصل الاجتماعي و”يوتوب” بثلاث لغات، العربية، الإنجليزية والإسبانية.
وتحدث نيكولاس مادورو، رئيس الجمهورية البوليفارية الفنزويلية، إلى المشاركين في المهرجان، قائلا إن بلده يتواجد في قلب هذه المعركة مع الإمبريالية، ومعتبرا أن هذا المهرجان يتخذ طابعا خاصا بسبب تأثيرات جائحة كوفيد 19، وما ترتكبه الولايات المتحدة الأمريكية في حق الشعب الفنزويلي من خلال الحصار السياسي، الاقتصادي والتجاري، ومنع وصول الأدوية إليها.
كما قال مادورو: “فنزويلا هددت من قبل الإمبريالية الأمريكية منذ سنوات، فقد عشنا هنا ما تسمي الحرب ذات الطبيعة غير التقليدية، وهي حرب اقتصادية إعلامية، ولكنها حرب مسلحة أيضا”، وزاد: “هذا العام أوقفنا تدخلا في أراضينا، أوقفنا محاولة احتلال”، وأردف موضحا: “في كولومبيا مازالوا يعدون ألف مأجور يحارب تحت رعاية الجيش الكولومبي، والجميع يعرف، والرئيس (الكولومبي) يعلم ذلك، وهذه خطة لتدريب المرتزقة لكي يتسللوا إلى فنزويلا حتى يقوموا بالتأثير سلبا على مناخها السياسي”؛ كما ربط بين هذا الأمر والانتخابات التشريعية التي ستعرفها بلاده في كانون الأول/ دجنبر المقبل.
واستطرد الرئيس الفنزويلي بأنه يؤمن بـ”عالم أفضل ممكن، عالم نستطيع فيه أن ننهي كل الحروب الإمبريالية وكل الغزوات والاحتلالات واستعمال القوة ضد شعوب العالم أجمع”، حسب تعبيره، مشددا في خضم حديثه على أنه يساهم في بناء عالم “متعدد” تسود فيه المساواة الحقيقية بين النساء والرجال وبين البشر جميعا، وعلى ضرورة إيقاف التغير المناخي.
وشاركت في “المهرجان العالمي للشعوب المقاومة” منظمات سياسية وحركات اجتماعية من مختلف أنحاء العالم، من ضمنها شبكات عالمية، أبرزها القمة العالمية للشعوب، المسيرة العالمية للنساء، معهد القارات الثلاث، وحركة ألبا وغيرها، بالإضافة إلى رؤساء دول سابقين، أبرزهم رفييل كوريا، الرئيس السابق للإكوادور، وديلما روسيف، الرئيسة السابقة للبرازيل.
وشارك من المغرب الناشط السياسي البارز عبد الحميد أمين، عن الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب، الذي عدّد أثناء حديثه أشكال تواجد “الإمبريالية الأمريكية” في المنطقة العربية والمغاربية، والمصالح التي تسعى إلى تحقيقها، وأوضح آليات مواجهتها، من وجهة نظره.
وقال عبد الحميد أمين: “نحن ندرك جيدا أن الإمبريالية العالمية ومختلف أدواتها، من صهيونية وقوى رجعية وعنصرية وفاشية، هي العدو اللدود لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، والعرقلة الأساسية أمام تطلعها للتحرر الوطني والبناء الديمقراطي والتخلص من الاستغلال الرأسمالي المتوحش والسير نحو الاشتراكية”.
وزاد المتحدث ذاته موضحا أن “الإمبريالية الأمريكية أصبحت اليوم أكبر راعية للإرهاب الداعشي وأمثاله، وعندما تتشدق بمحاربة الإرهاب فذلك فقط لأنها تعادي مقاومة الإمبريالية والصهيونية، باعتبارها أن المقاومة من أجل التحرر الوطني تساوي الإرهاب!!” على حد تعبيره.
ودعا أمين القوى الوطنية واليسارية بالمنطقة العربية والمغاربية إلى توحيد صفوفها في إطار “جبهة موحدة” من أجل “مواجهة هذا الثالوث اللعين”، مستدركا: “بل علينا أكثر من ذلك توحيد كافة القوى المناهضة للإمبريالية وتوابعها عبر العالم للسير نحو عالم يسوده السلم والازدهار والأخوة بين البشر، عالم يريح الإنسانية من جبروت الإمبريالية والرأسمالية المتوحشة”.
وخلال عرض المهرجان الرقمي، توالت مداخلات المشاركين، مع عرض أغاني وعروض فنية من مختلف أنحاء العالم، وبلغات متعددة.
وتحدثت ماريانا فيرنانديز، عن المسيرة العالمية للنساء، عن دور النساء في “مواجهة الإمبريالية” قائلة: “نحن مسيرة ضد الإمبريالية، الرأسمالية والاستعمار”، معتبرة أن العديد من شعوب العالم توجد تحت سيطرة الإمبريالية، التي “تفرض إحياء اليمين المتطرف”، وفق تعبيرها، موردة مثال بوليفيا.
وأشارت المناضلة النسوية إلى دور الشركات الرقمية متعددة الاستيطان في بسط “هيمنة الإمبريالية”، موردة: “نحن نستنكر سرقة المعلومات الخاصة بنا، المتعلقة بأجسادنا وبملكياتنا، من أجل إفادة شركات دولية تستغلها من أجل التأثير علينا”؛ وزادت: “من المهم جدا أن تشارك النساء في النضال ومقاومة هذا الاقتصاد الرقمي، وهذه الهيمنة التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية”.
وتكلم جو بيدرو ستيديل، القيادي البارز في القمة العالمية للشعوب وحركة الفلاحين بدون أرض (البرازيل)، عن فكرة تأسيس “القمة”، والأهداف التي تتوخاها، معتبرا أن هذا الشبكة تتسع لجميع المنظمات بمختلف أشكالها، من أجل “النضال المشترك ضد الرأسمالية والإمبريالية”، مردفا: “النضال ضد الإمبريالية يأتي في الجبهة الأولى، لأنها تستحوذ على الطبيعة، وتستغل البشر وتشجع العنصرية”.
وأردف الناشط اليساري: “إن النضال ضد الإمبريالية هو الشكل الأساسي الذي يجمعنا، لأننا نشترك جميعا في هذا الكوكب الجميل الذي نسميه الأرض، ولأننا بغض النظر عن مكان تواجدنا متأثرون بمصالح الإمبريالية..لذلك نحاول بناء هذا المهرجان وهذه الأيام وهذه الحركة التي ستكون مستمرة، وأتمنى أن يكون كل من يرافقنا في المستقبل مع هذه الإرادة السياسية لبناء القمة العالمية للشعوب”.
واستحضر منظمو المهرجان العالمي للشعوب المقاومة أفكار ومواقف تشي غيفارا، الثائر ضد “الإمبريالية”، تزامنا مع ذكرى اغتياله من طرف جهاز الاستخبارات المركزي للولايات المتحدة الأمريكية.
وحضرت في المهرجان أليدا غيفارا، نجلة “تشي”، التي قالت: “لا بد من نقل أفكار تشي إلى جميع أنحاء العالم، أعتقد أنه من المهم جدا أن يتمكن الناس من معرفة تشي غيفارا ونقل أفكاره إلى الممارسة في الواقع”، وزادت: “تأتي أهمية هذه الندوات والاجتماعات لنعرف ما يمكن أن نفعله لمساعدة الآخرين أيا كان مكانهم في العالم، وكذلك لرفع الأصوات والأذرع لمساعدة هذه الشعوب وأن نكون متضامنين بالفعل؛ هذا هو المهم في الحركة ضد الإمبريالية العالمية”.
وأعلن معهد القارات الثلاث للبحوث الاجتماعية في هذا السياق نشر أعمال لتشي غيفارا، بشراكة مع 20 دار نشر، وبلغات مختلفة. وعلق باحثون ومفكرون على الحدث، معتبرين أن غيفارا قضى حياته مؤمنا بالأممية، واستعرضوا في خضم حديثهم أبرز لحظات حياته، ومسار كفاحه “ضد الإمبريالية”، وشددوا على راهنية أفكاره وإسهاماته في المرحلة الراهنة.
ويستمر الأسبوع العالمي لمناهضة الإمبريالية في تنظيم أنشطة أخرى تدخل في الإطار نفسه، إذ أعلن القائمون على المبادرة أنهم يعتزمون إطلاق حملات نضالية وإعلامية أخرى في المستقبل.