مدار: 03 أغسطس/ غشت 2021
د. ماهر الشريف (فلسطين)*
لم يعد غريباً في سنة 2021 وصف إسرائيل بأنها دولة “فصل عنصري”. فمنذ بداية هذا العام، تواتر هذا الوصف في تقارير منظمات إسرائيلية ودولية، وفي مواقف مثقفين وأكاديميين معروفين، ونواب برلمانيين، كما حذّر منه مسؤولون حكوميون، مثل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي نبّه، في 23 أيار/مايو الفائت، إلى خطر تحوّل إسرائيل إلى دولة فصل عنصري “في حالة التخلي عن حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين”.
ولكن، من كان يتجرأ قبل سنوات على وصف إسرائيل بأنها دولة “فصل عنصري”؟
لقد كان تبني هذا الوصف محصوراً في الماضي في مناضلين معادين للصهيونية، ومنهم بعض اليهود مثل المناضل أوري ديفيس، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، الذي نشر في سنة 1987 كتاباً بعنوان: “إسرائيل دولة فصل عنصري”. ثم أخذ هذا الوصف ينتشر في بعض الأوساط الثقافية الأوروبية، إذ تساءل عالم الاجتماع الفرنسي آلان جوكس، في مقال نشره في صحيفة لوموند الباريسية في 14 نيسان/أبريل 1995: “هل فلسطين بانتوستان؟”، كما نشر صاحب دار نشر “ماسبيرو” الشهيرة في فرنسا فرانسوا ماسبيرو في الصحيفة نفسها، في 21 كانون الأول/ديسمبر 2001، مقالاً بعنوان: “فلسطين في ساعة الأبرتهايد”. ثم صدر، عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مؤلف جماعي بعنوان: “الانتفاضة الجديدة: مقاومة التمييز العنصري الإسرائيلي”، حرره روني كير وشارك فيه نعوم تشومسكي وإدوارد سعيد وروبرت فيسك وأهداف سويف وآخرون. وعندما تجرأ في سنة 2006 الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر ونشر كتاباً بعنوان: “فلسطين: سلام وليس فصلاً عنصرياً”، اعتبر فيه أن إسرائيل “لا يمكن أن تظل دولة يهودية وديمقراطية في الوقت نفسه إذا استمر احتلالها للأراضي الفلسطينية: فإما أن يتمتع سكان هذه الأراضي بالحقوق نفسها التي يتمتع بها الإسرائيليون، بحيث لا تظل دولتهم يهودية بصورة أساسية؛ أو يتم حرمان هؤلاء السكان من هذه الحقوق، مما يعرض الطابع الديمقراطي لإسرائيل للخطر”، واجهته حملة إعلامية شعواء نظمها اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية وطالته اتهامات بـ”معاداة السامية”، الأمر الذي اضطره بعد فترة إلى التراجع والاعتذار عن مضامين كتابه.
تقرير “الإسكوا” عن دولة الفصل العنصري الذي تسبب في استقالة أمينتها التنفيذية
في 15 آذار/مارس 2017، أشارت الدكتورة ريما خلف، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا)، إلى أنه ليس بالأمر البسيط أن تستنتج هيئة من هيئات الأمم المتحدة أن نظاماً ما يمارس الفصل العنصري أو الأبارتهايد، وذلك لدى تعريفها في مؤتمرٍ صحفي بتقرير أعدته الإسكوا حول “الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الفصل العنصري (الأبارتهايد)”، معتبرة أن إسرائيل، التي “يشجعها تجاهل المجتمع الدولي لانتهاكاتها المتواصلة والمتراكمة للقانون الدولي”، نجحت طوال العقود الماضية “في فرض نظام فصل عنصري عبر وسيلتين: أولاً، تفتيت الشعب الفلسطيني سياسياً وجغرافياً لإضعاف قدرته على المقاومة وتغيير الواقع؛ وثانياً، قمع الفلسطينيين كلّهم بقوانين وسياسات وممارسات شتى وذلك بهدف فرض سيطرة جماعة عرقية عليهم وإدامة هذه السيطرة”.
وأضافت خلف أن التقرير “يبيّن أن لا حلّ في حلّ الدولتين أو في أي مقاربة إقليمية أو دولية ما لم يتم تفكيك نظام الفصل العنصري الذي فرضته إسرائيل على الشعب الفلسطيني. فالفصل العنصري هو جريمة ضد الإنسانية حسب القانون الدولي الذي لا يحرّمه فحسب، بل يفرض أيضاً على الدول والهيئات الدولية وعلى الأفراد والمؤسسات الخاصة أن تتخذ إجراءات لمكافحة هذه الجريمة أينما وقعت ومعاقبة مرتكبيها”. وختمت حديثها قائلة إن التقرير “يوصي بعدة إجراءات منها: إعادة إحياء لجنة الأمم المتحدة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري، ومركز الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصري، اللذين توقف عملهما في سنة 1994 عندما اعتقد العالم أنه تخلص من الفصل العنصري بسقوط نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا”، وكذلك “دعوة الدول والحكومات والمؤسسات إلى دعم مبادرات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS وغيرها من المبادرات الهادفة إلى إسقاط نظام الفصل العنصري الإسرائيلي”.
بيد أنه لم تمضِ سوى ثلاثة أيام على إعلان هذا التقرير، حتى أعلنت ريما خلف استقالتها من منصبها وذلك رداً على رفض الأمانة العامة للأمم المتحدة تبني مضامين هذا التقرير، ومطالبتها بسحبه من التداول.
تقرير ييش دين: فصل عنصري في الضفة الغربية
في حزيران/يونيو 2020، نشرت المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية Yesh Din (“هناك عدالة”) تقريراً، عهدت بإعداده إلى المحامي مايكل سفارد وخمسة من الخبراء، اشتمل على 58 صفحة، وصدر بعنوان: “الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وجريمة الفصل العنصري: وجهة نظر قانونية”.
وبالاستناد إلى الدروس المستفادة من عمل متطوعي “ييش دين” على مدى 15 عاماً في الميدان، قام هؤلاء الخبراء بتحليل طبيعة النظام العسكري في الضفة الغربية المحتلة، والممارسات والسياسات التي تطبقها إسرائيل فيها، كما قاموا بفحص تفصيلي للمشروع الاستيطاني، وعمليات المصادرة الجماعية – في كثير من الأحيان تحت ذرائع أمنية – وتحويل الموارد لصالح المستوطنين، وإلحاق الضرر بالسكان الفلسطينيين، ووجود نظام قانوني مزدوج في المنطقة، قانون ينطبق على الإسرائيليين وآخر على الفلسطينيين.
وبعد أن أشار التقرير إلى أن الفصل العنصري، الذي يتمثل في “نظام مؤسسي للقمع والسيطرة المنهجيين تفرضه جماعة عرقية على مجموعة أو مجموعات عرقية أخرى وتسعى للحفاظ على هذا النظام”، يُعتبر جريمة ضد الإنسانية، خلص إلى أن “جريمة فصل عنصري تُرتكب في الضفة الغربية”، وأن أحد المكونات الرئيسية لهذا الوضع “وجود مجموعتين قوميتين في المساحة الجغرافية نفسها في الضفة الغربية”، حيث تتكون المجموعة الأولى “من مدنيين يعيشون تحت الاحتلال وتحت سلطة الجيش، وليس لهم حقوق مدنية بل يخضعون لقوانين لا يمكنهم التأثير بأي شكل من الأشكال على سنّها”، وتتكون الأخرى “من مواطني الدولة المحتلة الذين يتمتعون بحقوق مدنية كاملة ولهم كل التأثير السياسي الذي يتمتع به مواطنو هذه الدولة، استنادًا إلى القوانين التي أقرها البرلمان الإسرائيلي الذي ينتخبونه والذي يمكن انتخابهم فيه”.
أما المكوّن الآخر من مكونات هذا الوضع، فهو يتمثل في نظام تصاريح لا ينطبق إلا على الفلسطينيين، إذ لا يستطيع أي فلسطيني دخول منطقة فيها وجود إسرائيلي – مدني أو عسكري – دون الحصول على تصريح خاص صادر عن “الإدارة المدنية” الإسرائيلية.
ويضاف إلى نظام التصاريح هذا شبكة معقدة من الطرق المحددة، التي يسمح للمستوطنين فقط بالتنقل عليها، بينما يجبر الفلسطينيون على اللجوء إلى مسارات التفافية طويلة.
ومن ناحية أخرى، أعلنت “الإدارة المدنية” الإسرائيلية بين سنتَي 1978 و1992 “أراضي دولة” ما يقرب من 30٪ من مساحة الضفة الغربية – باستثناء القدس الشرقية، وكان الكثير من هذه الأراضي يستخدمها الفلسطينيون في الأصل لتربية المواشي وتطوير قراهم، بينما صارت مخصصة للبناء والتوسع المستمر في المستوطنات. وفضلاً عن عمليات المصادرة التي أمرت بها ونفذتها دولة إسرائيل، يشدد مؤلفو التقرير على “الاستحواذات العنيفة” التي يقوم بها المستوطنون بشكل غير قانوني، والتي تقر شرعيتها الحكومة بأثر رجعي.
تقرير “بتسيلم” فصل عنصري من النهر إلى البحر
إذا كانت منظمة “ييش دين” قد أثبتت أن إسرائيل أقامت نظاماً للفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة، فإن منظمة “بتسيلم” – مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة – ذهبت إلى أن هذا النظام يطبق على مساحة فلسطين الانتدابية، من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وذلك في تقرير نشرته في 12 كانون الثاني/ يناير 2021، بعنوان: “نظام سيادة يهودية يمتد من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، إنه فصل عنصري”، وأكدت فيه أن ضمان سيادة اليهود على الفلسطينيين في هذه المنطقة وترسيخها ما هو سوى فصل عنصري وجريمة ضد الإنسانية، وفقاً للتعريف الذي وضعه القانون الدولي، وأن التمييز ما بين سيادة نظام ديمقراطي في إسرائيل واحتلال عسكري مؤقت في الأراضي التي احتلت في حرب 1967 أصبح “من دون معنى بمرور الوقت”. ورأت الصحافية وعضو المجلس التنفيذي لمنظمة “بتسيلم” أورلي نوي، أن كلمة “فصل عنصري” لها “دلالات خطيرة للغاية، والذاكرة التاريخية التي تثيرها مخيفة”، وأن إثبات أن دولة إسرائيل “تحافظ على نظام الفصل العنصري على جانبي الخط الأخضر” لم يكن “أمرًا سهلاً بالنسبة لأي منا – ليس فقط كأعضاء في مجموعة حقوق إنسان، ولكن قبل كل شيء كمواطنين إسرائيليين”.
لقد اعتبرت “بتسيلم” في تقريرها أن نظام الفصل العنصري في الحالة الإسرائيلية “لم يتم إنشاؤه بين عشية وضحاها، ولكن تم إضفاء الطابع المؤسسي عليه وأصبحت خصائصه أكثر وضوحاً مع الوقت”، وأن “الوسيلة الرئيسية التي تستخدمها إسرائيل لتحقيق مبدأ التفوق اليهودي هي إنشاء فضاء جغرافي و ديمغرافي وسياسي يدير فيه اليهود حياتهم في منطقة متواصلة يتمتعون فيها بحقوقهم الكاملة”، بينما يعيش الفلسطينيون في مناطق مقطعة الأوصال، وتقرر إسرائيل “ما هي الحقوق الممنوحة أو غير الممنوحة للفلسطينيين في هذه المناطق- وهي دائماً، على أي حال، حقوق ناقصة مقارنةً بـالحقوق التي يتمتع بها اليهود”. وفي هذا السياق، أشارت “بتسيلم” إلى أن أي شخص يريد أن يفهم السياسة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة بشكل منفصل عن قانون الدولة القومية اليهودية، الذي أقره الكنيست في 19 تموز/يوليو 2018، “يكذب على نفسه”، إذ إن الدمار الهائل الذي لحق بالمجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية وكذلك البناء المكثف للمستوطنات اليهودية فيها لا يمكن عزله عن تدمير قرية أم الحيران البدوية في النقب، وأن من المستحيل فهم تهديدات الهدم التي تطال خان الأحمر في الضفة الغربية [التابعة لمحافظة القدس] دون رؤية كيف تم تنفيذ هذه التهديدات نفسها في قرية العراقيب في النقب، التي وصلت عمليات تدميرها إلى 136 مرة، كما أن من يريد أن يفهم السهولة التي تطلق بها القوات المسلحة الإسرائيلية النار على الفلسطينيين في الضفة الغربية، دون عواقب، لا يمكنه أن يتجاهل مقتل 13 مدنياً فلسطينياً إسرائيلياً على يد الشرطة الإسرائيلية في تشرين الأول / أكتوبر2000.
وأشارت “بتسيلم” في تقريرها إلى أنه منذ سنة 1948، سيطرت الدولة على حوالي 90٪ من الأراضي الواقعة داخل الخط الأخضر، والتي أقيمت فيها مئات البلدات للسكان اليهود”، واتّبعت إسرائيل، منذ سنة 1967، السياسة نفسها في الضفة الغربية حيث تم بناء أكثر من 280 مستوطنة على أرض فلسطينية، يقطنها الآن 600000 مستوطن إسرائيلي يهودي”. وبينما يتمتع المواطنون الإسرائيليون “بحرية الحركة والتنقل بين مختلف المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل (باستثناء قطاع غزة) ويمكنهم، متى شاءوا ، مغادرة البلاد والعودة”، فإن تنقل المواطنين الفلسطينيين وسفرهم، الذين “ما زالوا تحت الحكم العسكري في الضفة الغربية، وتحت الحصار والسيطرة الخارجية الفعالة لإسرائيل في قطاع غزة”، يبقى “مشروطاً بموافقة إسرائيل”.
تقرير هيومن رايتس ووتش: فصل عنصري واضطهاد
في 27 نيسان/أبريل 2021، أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية المعنية بحقوق الإنسان تقريراً بعنوان: “تجاوزا الحد: السلطات الإسرائيلية وجريمتا الفصل العنصري والاضطهاد”، أعده مدير مكتبها في إسرائيل وفلسطين، عمر شاكر، الذي أبعدته السلطات الإسرائيلية في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وعرضه بقوله: “منذ سنوات قلنا إننا قريبون من الفصل العنصري [في إسرائيل / فلسطين]، وأعتقد أنه من الواضح الآن أنه تم تجاوز الحد”. ويدقق هذا التقرير في معاملة إسرائيل للفلسطينيين، انطلاقاً من الواقع القائم على الأرض، “إذ توجد سلطة واحدة – الحكومة الإسرائيلية – هي الجهة الرئيسية التي تحكم المنطقة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، حيث تسكن مجموعتان متساويتان في الحجم تقريباً، تمنح هذه السلطة بشكل ممنهج امتيازات لليهود الإسرائيليين بينما تقمع الفلسطينيين، ويمارَس هذا القمع بشكله الأشدّ في الأراضي المحتلة”.
فالحكومة الإسرائيلية، بحسب هذا التقرير، تهدف إلى الحفاظ على هيمنة اليهود الإسرائيليين في كل مناطق إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما تأكد بعد أن أقرّ الكنيست في سنة 2018 قانوناً ذا مكانة دستورية أكد أن إسرائيل “دولة قومية للشعب اليهودي”، وأن حق تقرير المصير داخل تلك المنطقة “خاص بالشعب اليهودي”، واعتبر “الاستيطان اليهودي” قيمة قومية. وعندما تضاف هذه الهيمنة إلى “القمع المنهجي” و “الأفعال اللاإنسانية”، فإنها تشكّل “جريمة فصل عنصري”، وذلك استناداً إلى “الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها” التي أقرتها الأمم المتحدة في أواخر تشرين الأول/أكتوبر 1973 وإلى جريمة الفصل العنصري بصفتها “جريمة ضد الإنسانية” كما اعتمدها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في 17 تموز/ يوليو 1998، وليس استناداً إلى المقارنة مع العنصرية القديمة التي عرفتها سياسة جنوب إفريقيا. ومن جهة أخرى، وصف التقرير المذكور السياسة الإسرائيلية تجاه الأقلية العربية والفلسطينيين بـ “الاضطهاد” .
وطالبت هيومن رايتس ووتش الحكومة الإسرائيلية بـ “تفكيك جميع أشكال القمع والهيمنة المنهجية التي تمنح امتيازات لليهود الإسرائيليين وتقمع الفلسطينيين بشكل منهجي، ووضع حد لاضطهاد الفلسطينيين”، و”الكف عن بناء المستوطنات، وتفكيك المستوطنات القائمة”، واحترام “حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة بشكل كامل، باستخدام الحقوق التي تمنحها للمواطنين الإسرائيليين كمعيار”، كما دعت السلطة الفلسطينية إلى وقف أشكال التنسيق الأمني مع الجيش الإسرائيلي “التي تساهم في تسهيل ارتكاب جريمتَي الفصل العنصري والاضطهاد المرتكبتين ضد الإنسانية”. وختمت المنظمة تقريرها بمطالبة الدول بإنشاء لجنة دولية لتقصي الحقائق عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة للتحقيق “في التمييز والقمع المنهجيين على أساس الهوية الجماعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل”، على أن يكون لهذه اللجنة “صلاحية تحديد الوقائع وتحليلها، وتحديد المتورطين في الجرائم الخطيرة، بما يشمل جريمتي الفصل العنصري والاضطهاد، بهدف ضمان محاسبة الجناة”.
“لنجعل سنة 2021 سنة نهاية الفصل العنصري في إسرائيل”
تحت هذا العنوان، نشرت صحيفة ليبراسيون الباريسية في 27 تموز/يوليو الفائت نداءَ طالب فيه أكثر من 1000 فنان ومثقف وأكاديمي من أكثر من 45 دولة بالاعتراف الدولي بوجود نظام فصل عنصري في إسرائيل. ومن ضمن الموقعين على هذا النداء الأمينة التنفيذية السابقة للإسكوا ريما خلف، والحائز على جائزة نوبل للسلام أدولف بيريز اسكيفل، والحائز على جائزة نوبل في الكيمياء جورج سميث، وعالم الاجتماع الفرنسي المعروف إدغار موران، والنائبة السابقة لرئيسة البرلمان الأوروبي لويزا مورغانتيني. وقد دعا موقعو هذا النداء في ختامه إلى:
– ضرورة إدانة نظام الفصل العنصري المفروض على الشعب الفلسطيني المقيم في إسرائيل – فلسطين أو المجبر على البقاء في المنفى، بصفته جريمة وفقاً للقانون الدولي؛
– ضرورة تفكيك هذا النظام وإقامة نظام دستوري يحترم القانون الدولي والمواثيق الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان، بما يضمن حقوقاً وواجبات متساوية لسكان هذه الأرض بغض النظر عن أي اختلاف عرقي أو إثني، وعن أي انتماء ديني أو هوية جندرية، وبما يضمن الاعتراف بحق العودة لجميع المنفيين منذ إنشاء دولة إسرائيل؛
– ضرورة قيام الحكومات المتواطئة بوضع حد لتواطؤها مع نظام الفصل العنصري، وذلك عن طريق قيامها بالضغط من أجل تفكيكه، ودعم انتقال حساس إلى حق تقرير المصير للشعبين اللذين يعيشان حالياً في فلسطين التاريخية؛
– الحاجة، أخيراً، إلى لجنة سلام ومصالحة ومسؤولية تكون مكلفة بمرافقة الانتقال نحو حوكمة تحترم حقوق الإنسان والديمقراطية. وبانتظار بدء مثل هذه السيرورة، يدعو الموقعون المحكمة الجنائية الدولية إلى فتح تحقيق حول القادة وأفراد الأمن الذين يمكن إلقاء اللوم عليهم في إدامة جريمة الفصل العنصري.
وكان قد سبق صدور هذا النداء قيام أكثر من 600 أكاديمي وفنان عالمي، في 6 تموز/يوليو 2021، بنشر “إعلان من أجل القضاء على جريمة الفصل العنصري في فلسطين التاريخية والمعاقبة عليها”، طالبوا فيه بتفكيك نظام الفصل العنصري في فلسطين التاريخية، ونبّهوا “إلى أن القوى الغربية سهّلت ودعمت هذا النظام الإسرائيلي القائم على الاستيطان والتطهير العرقي والفصل العنصري لأكثر من سبعة عقود، وما زالت تفعل ذلك دبلوماسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً”، كما دعوا “إلى مراعاة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الأولى التي تنص على أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق”.