مدار: 10 تموز/ يوليو 2021
انعقد المؤتمر الأول للحزب الشيوعي الصيني في شنغهاي سنة 1921، وحضره 13 شخصًا، وفي الذكرى المئوية لتأسيسه بلغ عدد الأعضاء أكثر من 95.1 مليون.
ومنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، انتقلت الصين من كونها الدولة الحادية عشرة الأكثر فقراً مع نظام اقتصادي شبه استعماري وشبه إقطاعي إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم اليوم. وتم إحراز تقدم اجتماعي كبير، بما في ذلك مضاعفة متوسط العمر المتوقع إلى ما يقرب من 80 عامًا وزيادة معرفة القراءة والكتابة من 20 بالمائة إلى 97.33 بالمائة.
وبقيادة الحزب الشيوعي الصيني، كافحت الصين كوفيد 19، وتم القضاء على الفقر المدقع سنة 2020، ما أدى إلى انتشال 853 مليون صيني من الفقر في أربعة عقود، (نقترح عليكم مشاهدة الندوة التي تم عرضها عبر الإنترنت خلال الأسبوعين الماضيين حول: “طريق الصين إلى القضاء على الفقر” مع عضو دونغ شنغ، تينغ تشاك).
وأقيمت الاحتفالات في جميع أنحاء البلاد، لتذكر ماضيها ومن أجل بناء مستقبل أكثر ازدهارًا للصين وللمجتمع الدولي مع مستقبل مشترك للبشرية.
وفي هذه الأجواء نستهل العدد 57 من دوريتنا “عين على الصين”، من الشؤون الداخلية لهذا البلد الآسيوي، إذ سلط خطاب الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني الذي ألقاه الرئيس شي الضوء على تطورات الاشتراكية، مع التأكيد على أن الصين لن تتعرض “للإخضاع” مرة أخرى. وبقدوم 70.000 شخص في ميدان تيانانمن، احتفل شي بتاريخ البلاد وإنجازاتها في بناء مجتمع رغيد (شياوكانغ)، وأكد على ضرورة تطوير الماركسية لإنشاء دولة اشتراكية حديثة – ثاني “هدف مئوي” للصين، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية الصينية “شينخوا“.
وإلى الشؤون الدولية، إذ أشاد الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا بقيادة الحزب الشيوعي الصيني في مكافحة الوباء، ودافع عن التعددية والشراكة الإستراتيجية البرازيلية الصينية؛ وفي مقابلة مع موقع “غوانشا” الصيني، استنكر مشاركة واشنطن في العملية غير القانونية التي وقفت وراء اعتقاله، وانتقد العدوان الأمريكي على الصين، وتعهد بإعادة بناء مجموعة “البريكس” إذا تم انتخابه سنة 2022.
ونقلت “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” نبأ تجديد الصين وروسيا معاهدة تم إبرامها منذ عشرين سنة، وأصدر البلدان بيانا مشتركا ضد العقوبات الأحادية والتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية. وفي الاجتماع الثاني من نوعه في غضون شهر، الذي جمع بين بوتين وشي، قال الرئيس الصيني إن العلاقة بين البلدين تظهر “نوعًا جديدًا من العلاقات الدولية”، بينما انتقد تسييس الأوبئة والفعاليات الرياضية، ما نطالعه لدى “غلوبال تايمز“ أيضا.
وإلى الملف الاقتصادي، حيث نقرأ عن نمو اقتصاد الصين 189 مرة (15.5 تريليون دولار أمريكي، 2020) منذ عام 1949، تزامنا مع احتفال الحزب الشيوعي الصيني بقرن على تأسيسه، وفق ما نقلته “غلوبال تايمز“.
وحسب “سي جي تي إن“، يرتكز النجاح الاقتصادي على نظام التخطيط والتصحيح الذاتي (14 خطة خمسية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية)، والإصلاح والانفتاح، والتركيز على الاكتفاء الذاتي والابتكار، موردة أن حصة الصين في الاقتصاد العالمي زادت من 4.4 بالمائة إلى 17 بالمائة بين سنوات 1960 و2020.
وفي سياق متصل، أورد المنبر الإعلامي نفسه أنه ما بين كانون الثاني/ يناير وأيار/ مايو من السنة الجارية، نمت الأرباح في القطاع الصناعي بنسبة 83.4 بالمائة على أساس سنوي، بمبلغ مالي قدره 530.4 مليار دولار أمريكي، عازيا الأمر إلى الطلب القوي، ومشيرا إلى ارتفاع الأرباح في 39 من أصل 41 قطاعا صناعيا، بما يشمل المواد الخام والمنتجات الكيميائية، ناهيك عن مداخيل اللقاحات، مع تضاعف الأرباح بقيمة 49.5 مليار دولار أمريكي؛ في حين زادت الأرباح في قطاع صناعة أجهزة الكمبيوتر والاتصالات والمعدات الإلكترونية بمبلغ 39.4 مليار دولار أمريكي، أي ما يناهز بنسبة 49.3 بالمائة، توضح أرقام المكتب الوطني للإحصاء في الصين.
وننتقل إلى قسم العلوم والتكنولوجيا، حيث وقفت “تشاينا ساوث مورنينغ بوست” عند الافتتاح الجزئي لثاني أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في العالم (16 غيغاواط). وتسرع الصين في بناء محطات جديدة لتوسيع وعاء الطاقات المتجددة؛ في حين بلغت تكلفة إنشاء مصنع “بايهتان” الذي يقع بين مقاطعتي “سيشوان” و”يونّان”، 34 مليار دولار أمريكي، ويأتي مع أقوى توربينات في العالم (1 غيغاواط للتوربين الواحد)؛ كما تمثل الطاقة الكهرومائية 17 بالمائة من حصة استهلاك الطاقة في البلاد سنة 2020، ويشكل هذا النوع من الطاقة النظيفة المدخل نحو الحد من الانبعاثات الملوثة.
ووافقت الحكومة الصينية على اندماج عملاقي التكنولوجيا المملوكين للدولة، مجموعة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية (CETG) ومجموعة صناعة المعلومات الصينية بوتيان المعروفة بـ”بوتيفيو”. وجاء القرار بغرض سلسلة توريد ذاتية، وتعزيز المنافسة مع الولايات المتحدة. وتختص شركة CETG بإنتاج تكنولوجيا المعلومات العسكرية، بينما تعمل “بوتيفيو” في مجال إنتاج نصف الموصلات ومعدات الاتصالات. وحسب “نيكاي آجيا“، توظف “الشركتان الأساسيتان المملوكتين للدولة” (من بين 100 شركة) 220 ألف عامل في 15 شركة مدرجة في البورصة مع إيرادات يتوقع أن تتجاوز 50 مليار دولار.
أما في الشأنين الفلاحي والبيئي، فقال موقع “كايكسين” إن “مختبر محاكاة الأرض – Earth simulation lab” الصيني الذي تبلغ تكلفته 200 مليون دولار، ويضطلع بدور حساب انبعاثات الكربون، من شأنه أن يزيد من تأثير البلد في مفاوضات المناخ الدولية. وسيصبح المختبر شغالا بكامل طاقته السنة المقبلة، ويمكن أن يساعد في تعميق المعرفة العامة بتاريخ الأرض، وقياس مخاطر المناخ، وتوفير البيانات التي يمكن أن تساهم في منع وقوع الكوارث الطبيعية والتخفيف من حدتها، كما سيساعد الصين على تحقيق أهداف الحياد الكربوني.
وأورد موقع “سي جي تي إن” الإخباري أن العلماء يستخدمون التعديل الجيني من أجل “إعادة اختراع” البطاطس، وتحسين كفاءة الزراعة، والتكاليف، وصحة النبات. وحسب مجلة “سيل” فقد بلغت مردودية تجربة مقاطعة يونّان، للبذور الهجينة، المسماة “يوبتاتو 1” 45 طنا في الهكتار، وتتطلب 20 غراما في الهكتار الواحد من بذور البطاطس، على عكس الزراعة التقليدية، التي تتميز بالبطء والعرضة أكثر للأمراض، وما تتطلبه مما يناهز 3000 كيلوغرام من بذور البطاطس لإنتاج نفس الكمية التي حققتها التجربة.
ونختتم هذا العدد من دوريتنا “عين على الصين” من الملف الثقافي والحياة الشعبية، ومع خبر عن افتتاح متحف الحزب الشيوعي الصيني في بكين بعد 1000 يوم من أشغال البناء شارك فيها 50000 شخص، وفق ما نقلته وكالة “شينخوا“. وخلال ذلك تم التركيز على 100 سنة من تاريخ الحزب. وتم تصميم المتحف على شكل الحرف الصيني “عامل” (工)، وعلى مساحة تبلغ 150 ألف متر مربع. وتستخدم هذه الأيقونة المعمارية تقنيات متطورة، وتعرض على سبيل المثال “المسيرة الطويلة” التي كانت بين سنتي 1934 و1936، على شاشات بدقة 24K، وتقنيات عرض الأفلام بأربعة أبعاد 4D، ناهيك عن العرض ثلاثي الأبعاد 3D، وفق الموقع الرسمي للصين.
أنجز هذا العمل بشراكة بين موقع “مدار” وفريق “دونغ فينغ” (الريح الشرقية) المتخصص في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصينية.