مدار + بيبلز ديسباتش: 07 حزيران/ يونيو 2022
أكد آدم رجال، الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة لشؤون اللاجئين والنازحين في دارفور، من خلال حوار أجراه مع “بيبلز ديسباتش”، على دعوته القوة التابعة للأمم المتحدة من أجل حماية النازحين الذين “تُركوا تحت رحمة الميليشيات”، مركزا على أن العنف في دارفور جزء من حملة المجلس العسكري “لقتل ضحايا الإبادة الجماعية وجرائم الحرب الباقين على قيد الحياة”.
وعبر آدم رجال عن أنه “بعد شهر من الهجمات المسلحة التي بدأت في بلدة كرينيك، غرب دارفور، امتدت إلى الجنينة، عاصمة الولاية، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 200 شخص في الفترة الفاصلة بين 22 و30 أبريل/ نيسان؛ كما أن الوضع في دارفور مازال إلى غاية وقتنا الراهن خطيرا للغاية”.
هذا ووفق ما صرح به المتحدث ذاته فإن “الأمم المتحدة قدرت أن ما بين 85.000 و115.000 شخص نزحوا بسبب العنف ولم يتمكنوا من العودة لأن منازلهم ومصادر رزقهم المتمثلة في الأسواق والمؤسسات المحلية احترقت جميعها”.
كما أكد آدم رجال أنه “مع مستقبل يسوده الغموض” فإن المعنيين “يعيشون في خوف من حدوث هجوم آخر، لاسيما وأنهم واعون بأنه في حالة ما حدث ذلك فإن قوات الأمن الموجودة هناك من الممكن أن تترك المدنيين والنازحين تحت رحمة ميليشيات الجنجويد، مثلما حدث في 24 أبريل/ نيسان، حين تعرضت كرينيك لهجوم من مختلف الاتجاهات”.
وأضاف آدم أن الطريق الذي يربط كرينيك بالجنينة “مازال مغلقا من قبل مليشيات الجنجويد التي تنهب وتقتل وتغتصب المدنيين الذين يحاولون العبور، كما أن إمدادات الطعام والماء وما إلى ذلك تدخل إلى كيرينك مرتين فقط في الأسبوع عندما توفر قوات الأمن حراسة”.
بالإضافة إلى ذلك أكد المتحدث ذاته أن المعنيين “في هذه المرحلة متشبثون بتواجد قوة دولية مدعومة من الأمم المتحدة، بموجب الفصل السابع، لحماية المواطنين والنازحين في منطقة دارفور”، معتبرا أنه “بدون ذلك سيستمر العنف والهجمات والقتل حتى تكون هناك حكومة مدنية مكونة من محترفين مستقلين لديهم سجل في مواجهة هذا المجلس العسكري وجنرالاته”.
كما قال آدم إنه “لا يمكن الاعتماد على الجيش للدفاع عن المدنيين، لأنه يتعاون مع قوات الدعم السريع التي شاركت في هجوم 24 أبريل/ نيسان، والتي يقودها الرجل الثاني في المجلس العسكري، الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف أيضا باسم حميدتي”.
هذا وأكد المتحدث ذاته أنه “تم تسليح ميليشيات الرعاة الرحل هذه وتدريبها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في ظل نظام الديكتاتور السابق عمر البشير، لقمع الجماعات المتمردة من المجتمعات المستقرة المهمشة من المزارعين والرعاة”، معتبرا أنه “حتى بعد دمج العديد من هذه الميليشيات في قوات الدعم السريع لم يتم حل أو نزع سلاح تلك التي بقيت في الخارج”، ومشيرا إلى أن “قذائف الآر بي جي والأسلحة الأخرى التي استخدمتها هذه الميليشيات في الهجمات كانت مملوكة لقوات الدعم السريع”.
وفي وقت قامت العديد من وسائل الإعلام بنقل مجازر الشهر الماضي على نطاق واسع على أنها “عنف عشائري”، أكد آدم رجال أن “المجازر تمت بطريقة منظمة ومنهجية للغاية، باستخدام أسلحة ومركبات من مستودعات الدولة”، مشيرا إلى أن “المواطنين لا يمتلكون مئات المركبات الكبيرة المجهزة بالأسلحة الحديثة التي استخدمت في الهجوم”، ومشددا على أن “هذه ليست حربا قبلية، وإنما هي الدولة التي تقتل وتغتصب وتشرد مواطنيها وتغطيها بالصراع القبلي”.
هذا ويجادل آدم بأن توصيف العنف في دارفور على أنه نزاع قبلي هو محاولة من الدولة لإخفاء “حقيقة الأمر” بأن “هناك محاولة جارية لقتل ضحايا الإبادة الجماعية وجرائم الحرب الباقين على قيد الحياة، بهدف الاستيلاء في نهاية المطاف على أراضيهم الغنية بالثروة المعدنية”.
وشهدت السودان على مدار عقدين ماضين من الصراع في دارفور مقتل ما لا يقل عن 300 ألف شخص وتشريد أكثر من 2.5 مليون، وهو الأمر الذي ازداد سوءا مع تصاعد العنف منذ الانقلاب العسكري في أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
وقال آدم رجال إن مليشيات الجنجويد “اطمأنت وزادت جرأتها، لأن الجنرالات الذين نفذوا تحت إشرافها حملة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية في دارفور هم الذين استولوا على السلطة”.
وقبل أربعة أشهر فقط من الانقلاب، وبحلول نهاية حزيران/ يونيو 2021، اكتمل انسحاب العملية المختلطة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد)، التي ابتدأت مستهل العام الماضي ولم يتم تجديد تفويضها الذي انتهى في دجنبر/ كانون الأول 2020؛ وذلك راجع إلى أن الجيش والجماعات المتمردة المسلحة وقعا اتفاق سلام في جوبا، عاصمة جنوب السودان، بحلول أكتوبر/ تشرين الأول من ذلك العام.
“زعمت الحكومة أنها ستشكل قوة أمنية مشتركة بما يشمل المقاتلين المتمردين الذين وقعوا اتفاق جوبا للسلام، وفي المقابل غادرت يوناميد البلاد. لكن هذه القوة المشتركة غير قادرة تماما على حماية المدنيين، وهو الأمر الذي جعلهم، بمن فيهم النازحون، تحت رحمة مليشيات الجنجويد”، يورد آدم رجال، مضيفا: “هذه واحدة من أكبر الجرائم التي حدثت في جوبا”.
كما تحدث رجال عن أن “أولئك الذين نزحوا في الحرب والمنظمات التي تمثلهم لم تتم استشارتهم أبدا عندما تم التوقيع على الاتفاقية في جوبا”، وزاد: “قلنا في ذلك الوقت إن اتفاقية جوبا هذه – مثل الاتفاقيات في أبوجا وتنزانيا وقطر – لن تؤدي إلا إلى المزيد من القتل وسفك الدماء والدمار والنزوح، لكن اليوناميد ورعاة الاتفاقية جلبوا أشخاصًا من المدن لتمثيل إرادتنا والتحدث نيابة عنا”.
وأردف المتحدث ذاته بأنه “من أجل عملية سلام شاملة تعالج جذور هذه الأزمة السودانية التاريخية، يجب الإطاحة بالانقلابيين – وإجبارهم على الخضوع لمطالب الشعب السوداني وتسليم السلطة للمدنيين”، مؤكدا على ضرورة إنشاء حكومة مدنية “تتكون من ممثلين مستقلين لديهم سجل في مواجهة هذا الطغمة العسكرية وجنرالاتها”، ومعتبرا أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها قيادة عملية سلام حقيقية تشمل جميع الأقسام.