مدار: 24 أيلول/ سبتمبر 2021
اعتبر حزب العمال بتونس، القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، تأسيسا لسلطة “مطلقة” ونظام حكم “دون حسيب أو رقيب”، ودعا إلى وضع حد لما وصفه بـ “التّلاعب الجنوني والخطير بمصير الشعب وبالبلاد”.
وبالنسبة للتنظيم نفسه، فإن النهج الحالي الذي تسير عليه الرئاسة التونسية يؤسس “لحكم فردي، مطلق، استبدادي، معادٍ لمطامح الشعب التونسي”، وهو ما يتناقض مع كل الشعارات التي رفعها قيس سعيد سابقا، وأعلن انخراطه في مقاومة هذا المسار والتمسّك بشعارات الثّورة والعمل على تحقيق أهدافها ضمن برنامج بديل.
وكان سعيد أصدر يوم الأربعاء، حزمة إجراءات جديدة، تتعلق بالتدابير الإستثنائية التي كان اتخذها منذ ما يناهز شهرين، وأعلن أنه سيباشر إجراء “إصلاحات سياسية”، وأصدر أمرا رئاسيا يضع عمليا جميع السلطات في يده.
وبموجب ذلك، سيتولى سعيّد“إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي”، وتمت مواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب (البرلمان)، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المسندة لرئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه، وتشمل القرارات الجديدة أيضا التدابير الخاصة بممارسة السلطتين التشريعية والتنفيذية، إضافة إلى “إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين”، وفق بلاغ صدر عن قصر قرطاج يوم الأربعاء 22 أيلول/ سبتمبر 2021.
وبناء على القرارات الرئاسية الجديدة أصبح الرئيس التونسي “مصدر التشريع عبر المراسيم والأوامر الرئاسية التي لا يمكن الطعن فيها لدى المحكمة الإدارية”، ورئيس السلطة التنفيذية والسلطة القضائية عبر وزير للعدل في حكومة “تحت سلطته المباشرة”.
وشدد حزب العمال بتونس، على أن هذه الإجراءات تعني أن قيس سعيد أمسى “صاحب السلطة المطلقة، والحاكم بأمره دون رقيب ولا حسيب، في طريق مفتوح لوضع دستور وقانون انتخابي ونظام سياسي جديد على مقاسه”.
وأضاف التنظيم الذي يقوده حمة الهمامي أن هذه الخطوات تأتي في إطار استكمال مسار “الانقلاب على طموحات الشعب التونسي وثورته ومكاسبه الأساسية”، وفق بلاغ صدر أمس الخميس، توصل “مدار” بنسخة منه.
وكان كمال عمروسية، عضو اللجنة المركزية لحزب العمال، اعتبر أن الإجراءات الأخيرة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، “تؤكد المرحلة الخطيرة التي ستقدم عليها البلاد”.
وصرح القيادي اليساري البارز إن “حزب العمال يعتبر أن تونس تعيش اليوم في طور متقدم من مرحلة الانقلاب’’، وفق ما أشار إليه “مدار” سابقا.
وفي سياق متصل، كان راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي، وزعيم حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية، دعا في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية إلى “النضال السلمي” ضد ما وصفه بـ “الحكم الفردي المطلق الذي قامت الثورة ضده”، وذلك بعد قيام الرئيس قيس سعيد بتعزيز هيمنته على جميع السلطات.
وحمل حزب العمال حركة النهضة وحلفاءها في الحكم طيلة العقد المنصرم مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع مشيرا إلى أن ذلك عزز شروط اتجاه جزء من التونسيين نحو الشعبوية “دون إدراك لجوهرها الفاشي والرجعي والفاسد والعميل”، وفق البيان نفسه.
ومازالت دائرة القوى السياسية الرافضة لإجراءات قيس سعيّد تتوسع، وذكرت أحزاب التيار الديمقراطي، الجمهوري، آفاق تونس والتكتل، في بيان صدر يوم 23 أيلول/ سبتمبر 2021 إن ذلك يشكل “خروجا على الشرعية وانقلابا على الدستور الذي أقسم رئيس الجمهورية على حمايته ودفعا بالبلاد نحو المجهول”، وشددت الأحزاب ذاتها على أن رئيس الجمهورية أصبح “فاقدا لشرعيته بخروجه عن الدستور وأن كل ما بني على هذا الأساس باطل ولا يمثل الدولة التونسية وشعبها ومؤسساتها وتحمله مسؤولية كل التداعيات الممكنة لهذه الخطوة الخطيرة”.