مدار: 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2021
الصراع على أشده بين القوى المناصرة للحكم المدني في السودان، والعسكر الذي يحاول الاستفراد بالسلطة، ضدّا على مطالب الثورة. وسيكون يوم غد الخميس فارقا في تاريخ المسار الثوري بعد تعبئة كبيرة من جانب القوى المدنية السودانية، تزامنا مع الذكرى السنوية لثورة تشرين الأول/ أكتوبر التي أسقطت الحكومة العسكرية للجنرال إبراهيم عبود في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 1964.
وتعيش السودان خلال هذا الأسبوع على وقع احتجاجات متواصلة واعتصامات تخوضها قوى مناهضة لحكم العسكر، بينما تنظم عناصر أخرى منذ خمسة أيام اعتصاما أمام مقر القصر الجمهوري للمطالبة بحل حكومة عبد الله حمدوك المدعومة من طرف قوى الحرية والتغيير، وتعويضها بحكم شامل من طرف الجيش.
وسبق أن وصف حمدوك الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد بـ “الأسوأ” منذ إسقاط عمر البشير سنة 2019.
وقال رئيس الوزراء السوداني في تغريدة على تويتر، يوم الـ 15 من الشهر الجاري، “إن الصراع ليس بين المدنيين والعسكريين، بل هو بين معسكر الانتقال المدني الديمقراطي ومعسكر الانقلاب على الثورة، وهو صراع لست محايداً فيه أو وسيطاً.. موقفي بوضوح وصرامة، هو الانحياز الكامل للانتقال المدني الديمقراطي ولإكمال مهام ثورة ديسمبر المجيدة وتحقيق شعارات (حرية سلام وعدالة)”.
ويوم 18 تشرين الأول/ أكتوبر، انعقد مجلس للوزراء، بغرض تدارس “الأزمة” الحالية، وشدد مجلس الوزراء على “أهمية الحوار بين جميع أطراف الأزمة الحالية، سواء بين مكونات الحرية والتغيير، أو بين مكونات الحرية والتغيير والمكون العسكري بمجلس السيادة الانتقالي”، وقرّر تشكيل “خلية أزمة” مشتركة من جميع الأطراف “لمعالجة الأوضاع الحالية”، ينسقها حمدوك، وتضم الأطراف المدنية والعسكرية.
وفي الجهة المقابلة، أكد رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، “حرص القوات المسلحة والمكون المدني على إنجاح الفترة الانتقالية وصولا إلى حكومة مدنية منتخبة تلبي تطلعات الشعب السوداني” وفق تعبيره، وشدد خلال لقاء جمعه مساء اليوم بوزيرة الشؤون الأفريقية بالخارجية البريطانية فيكي فورد على “الالتزام بالوثيقة الدستورية والحفاظ على الشراكة بين المكونين العسكري والمدني. واطلع سيادته الوزيرة البريطانية على تطورات الأوضاع السياسية بالبلاد” وفق ما أوردته قصاصة لوكالة السودان للأنباء السودانية “سونا”.
وفي سياق اشتداد الصراع بين القوى الثورية والعسكر، دعا كل من تجمع المهنيين السودانيين والحزب الشيوعي السوداني وقوى الحرية والتغيير..، في بيانات رسمية إلى الخروج إلى الشارع والتظاهر يوم الخميس 21 أكتوبر/ تشرين الأول، احتجاجا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدهور ودق ناقوس الخطر فيما يخص الوضع السياسي المبهم.
وأكدت لجان المقاومة الشعبية انخراطها في تنظيم تحركات الخميس، لدعم الانتقال المدني للسلطة.
واعتبر الحزب الشيوعي السوداني أن هذا التحرك هو بمثابة استمرارية على نفس النهج الرامي إلى استعادة الثورة التي تم الالتفاف حولها من قبل بقايا نظام البشير، والتي زادت من تأزيم الوضع وتكريس الظلم والاستبداد.
كما عبر الحزب في بيان صادر عن لجنته المركزية، اطلع “مدار” على نسخة منه، على أن الحكومة الانتقالية ومن خلال رضوخها لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين أسهمت في إفقار الشعب السوداني في ظل استغناء الدولة على دعم السلع الأساسية ومقومات الحياة.
ودعا التنظيم نفسه، في الوثيقة الصادرة يوم 19 تشرين الأول/ أكتوبر، كل أعضائه وأصدقائه والقوى الوطنية والديموقراطية إلى المشاركة في تحرك يوم الخميس “بغية استعادة مسار الثورة بما يحمله من مطالب كان قد تم الاتفاق عليها بعد إسقاط نظام البشير”.
ومن جانبه، دعا تجمع المهنيين السودانيين في بيان صدر اليوم، واطلع “مدار” على نظير منه، وتم التوقيع عليه من قبل 26 هيئة كل قوى الثورة الحية والفاعلة إلى المشاركة في التحرك من أجل “تحقيق الحرية والسلام العادل والشامل الذي يخاطب جذور الأزمة السودانية وتاريخها، وتحقيق العدالة للشهداء، ورد المظالم ودعم التحول المدني الكامل الديمقراطي”.
وأبرز التجمع أن التحرك هو فرصة من أجل “رد الاعتبار لشهداء الثورة من خلال الدعوة إلى الكشف عن نتائج التحقيق في مجزرة القيادة العامة في الخرطوم والولايات وتحقيق العدالة”، وشدد على “تكوين لجنة دولية عالية الكفاءة للوصول إلي النتائج بسرعة ودقة عاليتين، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية”.
كما أوضحت الهيئة ذاتها، أن من بين المسببات التي قادت إلى هذا التحرك، هي “العجز الذي تعانيه هياكل السلطة الانتقالية”، داعيا إلى تكوين “مجلس تشريعي ثوري” يمثل تنوع قوى الثورة من لجان مقاومة وقوى مهنية ونقابية وسياسية لإجازة القوانين المطلوبة التي تحقق مبدأ حكم الشعب للشعب.
أما قوى الحرية والتغيير، فأعلنت منذ السابع عشر من الشهر الجاري، أنها ستساند دعوة لجان المقاومة والمهنيين، مبرزة أنها “تدعم وتدعو وتُشارك جماهير شعبنا في مواكب إخراس صوت قوى الردّة و الفلول، والانقلابيين، ودعم الانتقال المدني الديمقراطي، والعدالة وعدم الإفلات من العقاب، والسلام تنفيذاً واستكمالاً، والمواطنة بلا تمييز، وتطبيق الترتيبات الأمنية، وبناء قوات مسلحة سودانية واحدة دون شريكٍ أو منافسٍ من أي قواتٍ أخرى”.
ومن المتوقع أن يشارك مئات الآلاف في تحرك الخميس خصوصا في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني المتدهور.