مدار: 04 سبتمبر/أيلول 2020
يعرف الدخول المدرسي والجامعي برسم سنة 2020-2021 وضعا استثنائيا على المستوى الدولي وفي المنطقة العربية والمغاربية أيضا، في ظل الوضعية الوبائية غير المستقرة التي واكبتها الموجة الثانية لانتشار كوفيد 19 في العديد من البلدان، إذ تم تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد الإصابات مجددا في العديد من الدول، بمعدل يصل آلاف الإصابات يوميا.
وفي ظل هذا الوضع اختلفت الخيارات والأنماط التربوية المعتمدة من منطقة إلى أخرى ومن دولة لأخرى حسب وضعيتها الوبائية وإمكانياتها اللوجستيكية والمادية، فقد اختلفت الخيارات بين اعتماد التعليم الحضوري الإلزامي واعتماد التعليم عن بعد أو المزج بينهما، كما تنوعت التدابير الاحترازية والوقائية والبرتوكولات الصحية المعتمدة لضمان سلامة المتمدرسين والأطر التربوية والتعليمية .
وعلى مستوى المنطقة العربية والمغاربية تنوعت الخيارات التربوية المعتمدة في الدخول المدرسي والجامعي الاستثنائي برسم هذه السنة، إذ أعلن المغرب انطلاق الموسم الدراسي بتاريخ 07 سبتمبر/أيلول باعتماده على ثلاثة أنماط تربوية، كما أوضحت المذكرات الوزارية الصادرة عن وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث المهني، فقد اختارت التعليم عن بعد كخيار أساسي مع إمكانية توفير التعليم الحضوري وفق تدابير وقائية ستعتمدها المؤسسات التعليمية بالنسبة لأولياء أمور التلاميذ والتلميذات الذين يعبرون عن رغبتهم عبر ملء استمارة التعليم الحضوري.
كما ستعتمد الوزارة ذاتها على نمط التعليم بالتناوب أو المدمج ما بين الحضوري وعن بعد. وأوضح وزير التعليم المغربي، سعيد أمزازي، أن هذه الأنماط مرتبطة بمدى استقرار الوضعية الوبائية بالبلد، وكذلك ستختلف من منطقة لأخرى حسب تطور انتشار الفيروس أو تقلصه في كل جهة من جهات المملكة.
هذا وقررت وزارة التربية والتعليم بفلسطين اعتماد التعليم المدمج الذي يزاوج ما بين التعليم الحضوري والإلكتروني خلال أيام الأسبوع؛ بينما قررت الأردن العودة إلى المدارس بشكل اعتيادي وفق شروط وبرتوكولات صحية. ورغم تطور الوضع الوبائي بالبلاد، إلا أن هذا القرار جاء بعد “تخطيط ودراسة تجارب عدة من طرف وزارة التربية والتعليم وشركائها، وبتنسيق مع وزارة الصحة”، كما جاء في تصريح وزير التربية والتعليم، تيسير النعيمي، في برنامج ‘يسعد صباحك’ على قناة التلفزيون الأردني.
وعلى نهج الأردن قررت وزارة التربية والتعليم التونسية العودة إلى المدارس والجامعات يوم 15 سبتمبر /أيلول، رغم ما تشهده البلاد مؤخرا من ارتفاع متجدد في عدد الإصابات، بعد أن كانت سيطرت عليه بالكامل.
وتأتي هذه العودة باعتماد تدابير وقائية وتوصيات قدمتها وزارة الصحة قابلة للتجديد وفق تطور الحال الوبائية، إذ صرحت أحلام قزازة، مديرة الطب المدرسي والجامعي لـ’الأناضول’ بأن “على الجميع الالتزام بالبروتوكول الصّحي (مجموعة إجراءات) الذي أقرته وزارة الصّحة بشكل صارم، مع ضرورة تمتع الأولياء والتّلاميذ والمُربين وكل المُتداخلين في العودة المدرسية والجامعية بالوعي الفردي والجماعي والتّجاوب الإيجابي مع التّوصيات.”
وحددت وزارة التربية والتعليم تاريخ 30 أغسطس/ غشت كموعد لاستئناف الدراسة بالبلاد باعتمادها على ما سمته التعليم الهجين في المدارس الحكومية، الذي يمزج ما بين التعليم الصفي داخل المدرسة والتعليم عن بعد عبر الوسائط الإلكترونية، بينما تركت للمدارس الخاصة حرية تحديد الخيارات المناسبة، شريطة الحفاظ على الإجراءات الوقائية وضمان عدم تغيب الطلبة عن صفوفهم لمدة طويلة .
وأعربت كل من السعودية والبحرين عبر وزارتيهما الوصيتين عن مدى جاهزية البلدين لاعتماد التعليم عن بعد وتطوير هذه الآلية، مع الحرص على تجهيز المدارس وأخذ جميع الاحتياطات والإجراءات الصحية اللازمة استعدادا لعودة الطلبة والأطر التربوية لمؤسساتهم في أي لحظة يستقر فيها الوضع الوبائي.
وأكدت الوكيل المساعد للتعليم العام والفني بوزارة التربية والتعليم بالبحرين، لطيفة البونوظة، أيضا إمكانية المزج بين التعليم الاعتيادي والإلكتروني، وذلك بتوزيع أيام الدراسة على مختلف الصفوف الدراسية.
على هذا الغرار تنوعت الخيارات والإستراتيجيات من بلد لآخر رغم أن هناك بلدانا تعرف تخبطا وأزمات في الدخول المدرسي، كالكويت التي أعلنت بداية الموسم يوم الأحد 4 أكتوبر عن بعد، رغم أزمة الخصاص في الأساتذة بالبلاد التي تعتمد على عدد كبير من الوافدين من دول أخرى وهم الآن عالقون بسبب إجراءات منع التنقل بين البلدان، كمصر وسوريا ولبنان، كما جاء في صحيفة “الجريدة” الكويتية.
بينما مازال الوضع في العراق مبهما، إذ لم تعلن البلاد عن أي شيء بخصوص تاريخ ولا كيفية انطلاق الموسم الدراسي، خاصة بعد انطلاق الموجة الثانية من انتشار الفيروس في البلاد.
ورغم أن بعض الدول حسمت في تاريخ العودة إلى المدارس والجامعات، وكذا حسمت في الأنماط التربوية والسيناريوهات التي ستعتمد عليها وفق تطور انتشار فيروس كورونا، إلا أن هذا لا ينفي أن الدخول المدرسي لهذه السنة عرف العديد من التخبط، وأثار العديد من الجدل، سواء من طرف الحكومات والوزارات الوصية التي عرفت ارتباكا واضحا في أخذ القرارات وأجرأتها، أو من خلال ردود الفعل التي عبر عنها الطلبة والآباء والأمهات التي ترجمت مدى القلق والتخوف من العودة المدرسية، والتي تأرجحت في الغالب بين الخوف من العودة للمدارس حضوريا ومن المخاطر الممكن أن يخلفها ظهور بؤر مدرسية في صفوف التلاميذ، ومدى نجاعة التدابير الاحترازية وجاهزية الدول ماديا، لوجستيكيا وصحيا، للحفاظ على السلامة الجسدية للمتمدرسين/ات؛ وبين القلق من اعتماد التعليم عن بعد وفاعليته في تعويض التعليم الحضوري ومردوديته، خاصة أنه نمط جديد على المنطقة، كما أن أغلب الدول لا تتوفر على البنيات والإمكانات الضرورية لتطبيقه ولضمان تكافؤ الفرص لكل الفئات الشعبية للاستفادة منه.