بيبلز ديسباتش/ مدار: 28 كانون الثاني/ يناير 2022
ماوريتسيو كوبولا*
بعد وفاة الطالب الشاب لورنزو باريلي في حادث عمل، أعرب الطلاب في جميع أنحاء إيطاليا عن استيائهم، ونزلوا إلى الشوارع احتجاجًا على عدم الاستقرار، وغياب حلول للمستقبل.
خرج الطلاب الإيطاليون إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم، بعد مقتل لورنزو باريلي، طالب يبلغ من العمر 18 عامًا، بعد سحقه حتى الموت بواسطة عارضة فولاذية وزنها 150 كغم أثناء عمله في فترة تدريب لصالح شركة خاصة في مقاطعة أوديني بشمال إيطاليا، وفي نفس ليلة وفاته يوم الجمعة 21 يناير، نظم الطلاب في العاصمة الإيطالية روما، تظاهرة أمام وزارة التعليم والجامعة والبحوث، وكُتب على إحدى اللافتات، التي رفعت أثناء الاحتجاج، عبارة “مدرستكم تقتل”.
وفي اليوم التالي، 22 كانون الثاني/ يناير، نظم الطلاب احتجاجات في عدة مدن إيطالية أمام مكاتب الاتحاد العام للصناعة الإيطالية؛ وبعد ظهر يوم الأحد 23 كانون الثاني/ يناير، اليوم الثالث على التوالي من الاحتجاجات، هاجمت الشرطة الطلاب في روما، مما أدى إلى تسجيل إصابتين في صفوف المحتجين.
وبالنسبة للطلاب الإيطاليين، يرتبط ظلم وفاة لورينزو باريلي البالغ من العمر 18 عامًا في مكان العمل بمشاعر الإحباط والغضب التي يشعر بها الشباب؛ ففي العامين الأخيرين من الوباء، كان طلاب المدارس الثانوية يشكلون “الموضوعات المنسية” للسياسة الإيطالية.
وفي بداية الوباء، قررت الحكومة بسرعة اعتماد نظام التعلم عن بعد، فخلال وقت تميز بعدم اليقين وزيادة خطر العدوى، رحّب الطلاب بهذا القرار، ومع ذلك، سرعان ما أصبح التعلم عن بعد عقبة أمام الطلاب.
وأشارت التقديرات سنة 2020 إلى أن 13.1٪ من الشباب لم ينهوا الدراسة وغادروا المدرسة مبكرًا؛ وحتى الآن، لا توجد بيانات جديدة توضح كيف أثرت السنة الثانية من الوباء على ترك المدرسة في وقت مبكر؛ ومع ذلك، وفقًا لبحث أجرته المؤسسة الوطنية لتقييم النظام التعليمي، فقد ارتفع عدد الطلاب الذين وصلوا إلى التخرج، من 7٪ في عام 2019 إلى 9.5٪ في عام 2021، ولكنهم اكتسبوا جزءًا فقط من المهارات المتوقعة في المدرسة الثانوية.
وبالإضافة إلى ذلك، بعد مرور عامين على بداية الوباء، لم تقم الحكومة الإيطالية بعد بتكييف البنية التحتية للمدارس مع الظروف الجديدة، ولا تزال الفصول مكتظة ولم يتم تجديد أنظمة التهوية، ولم يتم أيضًا تحديث وسائل النقل العام والمدرسي، ولم تقدم الدولة أي تصور لسد الفجوة التكنولوجية بين الطلاب.
وقالت لورا ، وهي طالبة جامعية وناشطة سياسية في (Collettivo Autorganizato Universitario) من نابولي، وهي منظمة شبابية مرتبطة بالحزب السياسي بوتيري آل بوبولو (السلطة للشعب): “كشف التعلم عن بعد عن نفسه كإجراء صارم ضد طلاب الطبقة العاملة، في محاولة لإخفاء مشاكل أعمق يعاني منها النظام التعليمي الرأسمالي”.
وفي هذا السياق، ازداد الاستياء الاجتماعي بين طلاب المدارس الثانوية بسرعة، وبين تشرين الأول/ أكتوبر و أيلول/ ديسمبر 2021 ، اعتصم الطلاب في أكثر من 50 مدرسة في روما، وكانت أسباب هذه الإعتصامات متعددة؛ ففي بعض المدارس، انتقد الطلاب مشاكل البنيات، ونقص المعلمين أو المشاكل الصحية (في بعض الحالات تم العثور على جرذان في المراحيض)، وفي مدارس أخرى ندد الطلاب بنقص المختبرات وأدوات التدريس والفصول الدراسية، لكن هذه الاحتجاجات كانت أيضًا تعبيرًا عن عدم الرضا العام عن الخيارات السياسية للحكومة وإدارة أموال الجيل القادم من الاتحاد الأوروبي المخصصة للمدارس.
بالطبع، الوضع الحالي ليس نتيجة الوباء، في إيطاليا، شهد النظام المدرسي تحولا متسارعا خلال العقدين الأخيرين، من مؤسسة تكتسب فيها الأجيال الشابة المعرفة العامة والثقافة إلى مكان يزيدون فيه من قابليتهم للتوظيف والتحول إلى رأس مال بشري.
نصّص إصلاح المدرسة لعام 2015 على التدريبات الإلزامية، وفي هذا الصدد وأوضحت لورا: “لقد جاء هذا الإصلاح في إطار مراجعات مختلفة لكن الدور الأيديولوجي العام للإصلاح ظل ثابتًا: لزيادة خبرتهم في العمل، وبهذه الطريقة، زيادة احتمالية العثور على وظيفة بعد التخرج. يحتاج طلاب المدارس الثانوية إلى قضاء حد أدنى من ساعات التعليم (من 200 إلى 400 ساعة في السنة) في العمل بدون راتب في الشركات الخاصة”.
وبعد سبع سنوات من تطبيق هذا النظام، لم يتغير شيء بالنسبة للطلاب والعاملين الشباب، ففي نهاية عام 2021، ارتفع معدل البطالة لمن تقل أعمارهم عن 25 عامًا إلى ما يقرب من 30٪، وهو ضعف الأرقام المسجلة مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي الـ27 الأخرى، وتم تسجيل مظاهر أخرى مثل العمل غير المنتظم، والأجور المنخفضة، والعنف، والتحرش في مكان العمل، تؤثر على واحد من كل عاملين تحت سن 35.
وأوضحت لورا، وهي أيضًا مناضلة سياسية مع منظمة طلاب المدارس الثانوية – SAC، “تواجه الغالبية العظمى من الطلاب ظروفًا محفوفة بالمخاطر في فترات تدريبهم. لا يتعلم الطلاب أي شيء عن السلامة في مكان العمل ويخبروننا عن 6 ساعات من المهام المتكررة أو الأنشطة الشاقة. في نهاية اليوم، شرط التدريب هو ببساطة استغلال وعمل غير مدفوع الأجر “.
وعلى ضوء هذه التطورات، لا يمكن تعريف وفاة لورنزو باريلي على أنها مجرد حادث مأساوي؛ تجبر الدولة الطلاب على القيام بأعمال غير مدفوعة الأجر في سوق عمل غير آمن حيث يموت كل يوم من أربعة إلى خمسة أشخاص في حوادث الشغل. يعد السخط العفوي للطلاب بإيقاظ حركة احتجاجية أكبر، ضد هشاشة العمل والاستغلال. من الأفضل أن تنضم النقابات إلى حشودها.
ستعود المنظمات الطلابية في جميع أنحاء إيطاليا إلى الشوارع اليوم الجمعة، 28 يناير 2022.
ماوريتسيو كوبولا هو عضو في حركة اليسار الإيطالي Potere al Popolo (السلطة للشعب).