مدار: 21 تشرين الثاني/ نونبر 2021
في تطور مثير للأحداث بالسودان، اليوم 21 تشرين الثاني/ نونبر، أعلن عبد الفتاح البرهان قائد القوات المسلحة، ورئيس الحكومة عبد الله حمدوك، التوصل إلى اتفاق سياسي يعيد حمدوك إلى منصبه بعد الإنقلاب العسكري الذي جرى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين. لكن قوى الثورة اعتبرت هذا الاتفاق “خيانة” ورفضته “جملة وتفصيلا”، وفي رد فعل قوي يوحي بحدوث “انقلاب لدعم انقلاب”.
ومباشرة بعد الاعلان عن توقيع الاتفاق، خرج آلاف السودانيين إلى الشوراع بالخرطوم وأم درمان.. رفضا لهذه الخطوة، ووصفها نشطاء بـ “شراكة الدم” متشبثين بإحقاق العدالة للشهداء الذين سقطوا على خلفية الانقلاب ومطالبين بإسقاط البرهان وتسليم كامل السلطة إلى المدنيين. في حين رحبت قوى الميثاق بهذا الاتفاق.
وقالت تقارير إعلامية إن قوات الأمن أطلق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين السلميين، وأضافت مصادر أخرى أن متظاهرا قتل بطلق ناري في الرأس بامدرمان.
وصرّح حمدوك بعيد توقيع الوثيقة، أن خطوته جاءت بهدف حقن دماء السودانيين و”الحفاظ على المكتسبات”، مبرزا ضرورة “التوافق على طريقة حكم السودان”، وأكد على ضرورة التسليم بأن “الشعب السوداني هو الحكم”.
أما البرهان، فاعتبر أن الاتفاق “أسس لمرحلة انتقالية حقيقية” مشيرا إلى إلى أن “الانسداد السياسي” حتم على الجيش “التوقف في مسيرة الانتقال وإعادة النظر فيما تم وسيتم في المستقبل” وفق تعبيره.
وتنص الوثيقة الجديدة على مواصلة المشاورات بين القوى السياسية السودانية باستثناء المؤتمر الوطني المنحل، بالإضافة إلى الاستمرار إجراءات التوافق الدستوري والقانوني والسياسي الذي يحكم الفترة الانتقالية.
وتضمن الاتفاق أيضا عودة حمدوك إلى منصبه كرئيس للحكومة السودانية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين على خلفية الانقلاب الذي قاده البرهان خلال الشهر الماضي.
وشمل النص الجديد، إجراء تحقيق في الأحداث التي عرفتها المظاهرات وتقديم المتورطين في إصابة وقتل المتظاهرين إلى المحاكمة، في حين سيواصل مجلس السيادة الذي يترأسه البرهان، الإشراف على المرحلة الانتقالية، مشددة على أن الشراكة بين المدنيين والعسكريين “هي الضامن لأمن السودان”.
وعقب ذلك، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وسم “تسقط شراكة الدم”، ووصف تجمع المهنيين السودانيين، في بيان اطلع “مدار” على نسخة منه، الاتفاق بين حمدوك والبرهان بـ “اتفاق الخيانة”، معتبرا أنه “مرفوض جملة وتفصيلا”، وقال إن الاتفاق “لا يخص سوى أطرافه”، مبرزا أنه محاولة باطلة لشرعنة الانقلاب الأخير وسلطة المجلس العسكري، وأعلن أنه “انتحار سياسي للدكتور عبد الله حمدوك”.
وأوضح تجمع المهنيين السودانيين، أنه متمسك بمقترح الإعلان السياسي الذي تقدم به لقوى الثورة، داعيا كل قوى الثورة “لإعادة قراءته على ضوء المستجدات”.
وأعلنت “قوى الحرية والتغيير- مجموعة المجلس المركزي” تمسكها بموقفها الرافض لأي مفاوضات أو شراكة مع من وصفتهم بـ “الانقلابيين غير الشرعيين”، مشيرة إلى أنها غير معنية بأي اتفاق مع ما وصفته بـ “الطغمة الغاشمة” داعية إلى “العمل بكل الطرق السلمية” لإسقاط الانقلاب، وفق بيان عممته على مواقع التواصل الاجتماعية.
وأوضح المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني، في بيان صدر اليوم أيضا، أن الاتفاق بين حمدوك والبرهان، لا يعدو أن يكون “محاولة أخرى لقطع الطريق أمام استكمال مهام الثورة وقيام الدولة المدنية الديمقراطية التي دفع كلفتها شعبنا الباسل أرواحاً عزيزة ومناضلات عظيمات”.
وأبرز التنظيم اليساري نفسه، أنه يرفض هذا الاتفاق “الذي يعزز سلطة العسكر ويعيد شراكة الدم على الرغم من ما ارتكبه الإنقلابيين من قتل وترويع منذ 25 أكتوبر وحتى مجزرة 17 نوفمبر”، وأضاف البيان ذاته أن الاتفاق ، “يبقي على الوثيقة الدستورية الشائهة والتي كانت عنصر أساسياً في جر البلد إلى ما وصلت إليه خلال العامين الماضيين، إضافة إلى أنه سار على نهج خطة الإنقلابيين بتوسيع الشراكة وإدخال الفلول باسم الإدارة الأهلية، وأبقى على اتفاق جوبا المعيب الذي فشل في تحقيق السلام وتورط قادتها في الانقلاب مع العسكر”.
ودعا الشيوعي السوداني إلى “الوقوف بصلابة في وجه الاتفاق ووجه من أعدوه والتمسك بكافة أشكال النضال المدني السلمي” يختم البيان.