مدار: 24 كانون الثاني/ يناير 2022
أمر مجلس الدولة الجزائرية، يوم الخميس 20 كانون الثاني/ يناير 2021، بالتعليق المؤقت لأنشطة حزب العمال الاشتراكي الجزائري وإغلاق مقراته، في سابقة وصفها الحزب بـ “الخطيرة”، تمس التعددية الحزبية والحريات الديمقراطية.
وجاء قرار السلطات الجزائرية، بعد شكاية رفعها وزير الداخلية يوم 26 أبريل/ نيسان 2021، تزعم أن حزب العمال الإشتراكي تأخر في تنظيم مؤتمره الوطني، لكن هذا الإجراء جاء قبل المهلة القانونية لـ “الإعذار” والذي كانت وجهت له وتمنحه 15 يوما، وكذلك غداة تنظيم الحزب مؤتمره وتسليم الوثائق المطلوبة لمصالح وزير الداخلية عن طريق محضر قضائي.
وجاء الإجراء الجزائري الماس بالحريات الديمقراطية، في سياق تراجعات خطيرة لحقوق الإنسان في هذا البلد الشمال إفريقي الغني بالثروات، وسجل فعلا وجود ما يقارب 300 من المعتقلين بخلفيات سياسية أو بسبب التعبير عن الرأي، إضافة إلى مئات المتابعين الآخرين قضائيا، ويتعلق الأمر أساسا بشباب الحراك الشعبي المنادي بالديمقراطية ونشطاء معارضين من مدونين وصحافيين ونشطاء سياسيين ونقابييين وغيرهم.
وقال حزب العمال الإشتراكي الجزائري إن هذا الإجراء يتعلق بـ “جعل حزبنا يدفع ثمن مواقفه السياسية و انخراطه في الحراك الشعبي، و نضاله ضد القمع إلى جانب الكفاحات الاجتماعية للعمال و الجماهير الشعبية”.
ووصف الحزب ذي التوجهات اليسارية قرار مجلس الدولة الجزائرية بـ “التصعيد في القمع” الذي يشكل “انزلاقا خطيرا، سيضعف بلا محالة قدرات المقاومة لبلادنا أمام التهديدات الخارجية”، موضحا في بيان صدر في 21 كانون الثاني/ يناير 2022، واطلع “مدار” على نظير منه، أن هذا القرار “ينافي الخطاب الرسمي (الجزائري: ملاحظة المحرر) الفضفاض حول توطيد الجبهة الداخلية المعادية للصهيونية والإمبريالية”.
وحسب المصدر نفسه، فإن الحزب قرر توجيه وفد إلى وزارة الداخلية مباشرة بعد تسلمه إشهادا مكتوبا لقرار مجلس الدولة، من أجل “توضيح الإجراءات التي سيتبعها من أجل رفع القرار الغير عادل والقاضي بتعليق نشاطاتنا و غلق مقراتنا”.
وفي هذا السياق، وجهت العديد من القوى السياسية، رسائل تضامن إلى حزب العمال الاشتراكي الجزائري، تندد فيه بقرارات الدولة الجزائرية وتطالبها بالتراجع عنه واحترام الحريات الديمقراطية.
واعتبرت جبهة القوى الاشتراكية الجزائرية أن هذا القرار يعد “انحرافا خطيرا للسلطة ضمن مسلسل تضييق يطال التنظيمات السياسية بشكل متصاعد و غير مسبوق بتوظيف فاضح للإدارة و القضاء بهدف رهن العمل السياسي و الإجهاز على التعددية التي افتكها الجزائريون بعد عقود من النضال”.
وأعلنت الهيئة ذاتها عن تضامنها مع حزب العمال الاشتراكي و طالبت في الوقت ذاته بوقف ما وصفته بـ “الممارسات التعسفية والقمعية التي لا تشكل في أي حال من الأحوال حلا للأزمة الوطنية بل بالعكس، فهي من شأنها أن تعقدها”، موضحة بيان أن هذا يشكل “إشارات تؤكد تناقض خطاب السلطة مع ممارساتها الفعلية و تشي بغياب النية لفتح الحقل السياسي بشكل يسهم بتبني مشروع وطني جامع”.
وقال حزب العمال بتونس، في رسالة وجهها إلى الحزب الجزائري، إن “القرار التعسفي الصادر ضد حزبكم هو وسام شرف ونضال على صدور مناضلات الحزب ومناضليه”، موضحا أنه يدين هذا القرار الذي “يعكس نزعة منظومة الحكم في الجزائر إلى إسكات أصوات منتقديها ومعارضيها وتجريمه”، وأكد في الوثيقة ذاتها أن استعداده لكل أشكال “الإسناد” للحزب وللشعب الجزائري “من أجل تحقيق مطالبه في الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية في كنف الاستقلالية التامة عن قوى الاستعمار والهيمنة الأجنبية”.
وعمم الحزب الجزائري العديد من رسائل وبيانات التضامن الواردة عليه من الداخل والخارج الجزائريين، ما يعكس حجم التنديد الواسع بقرار السلطات الجزائرية، ويسائل أصحاب القرار حول مدى مصداقية خطابهم الذي يدعي احترام حقوق الإنسان.